المبادرة الفرنسية في ليبيا: طريق شائك.. ومصالح متضاربة

  • 8/4/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

بعد عشرة أيام من لقاء باريس بين المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي وفائز السراج رئيس المجلس الرئاسي الليبي تحت رعاية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتساءل المراقبون والمهتمون بالشؤون الليبية: ما مآل المبادرة الفرنسية من أجل المصالحة الوطنية في ليبيا؟ صحيح أن الرئيس ماكرون نجح في جمع الخصمين اللدودين حفتر والسراج باعتبارهما أهم شخصيتين في ملف الأزمة الليبية، فحفتر العسكري القوي بنجاحاته الميدانية على الأرض، والسراج السياسي المدعوم دولياً وتؤيده الميليشيات التي تسيطر حالياً على العاصمة طرابلس، ولكنه لم يتمكن إلى حد الآن من بسط نفوذه وما زالت حكومته، حكومة الوفاق الوطني تتحرك على الورق في الهواء، ولكن ما زال الكثير أمام ماكرون. ومن إيجابيات اللقاء بين أبرز شخصيتين مؤثرتين في المشهد السياسي الليبي تلطيف الأجواء بينهما وإرسال إشارات تفاؤل إلى الأطراف الليبية المتنازعة عبر بيان إنشائي جميل اتفق فيه حفتر والسراج على عشرة منطلقات من أبرزها ما يلي: - الحل السياسي هو السبيل الوحيد لحل الأزمة الليبية. - وقف إطلاق النار، لكنه لا يسري على مكافحة الإرهاب. - تنظيم انتخابات رئاسية ونيابية برعاية منظمة الأمم المتحدة في ربيع 2018م. - تأكيد صلاحية اتفاقات الصخيرات. - نزع السلاح وتسريح مقاتلي الفصائل والمجموعات المسلحة. - تشكيل جيش ليبي نظامي. - إدماج المقاتلين الراغبين في الانضمام إلى القوات النظامية. وواضح أن الرئيس ماكرون بمبادرته الجديدة التي فاجأت الأوروبيين ودول الجوار لليبيا كان يهدف إلى دفع السراج وحفتر على العمل معاً، ثم للاستحواذ على الملف الليبي خدمة لمصالح فرنسا الاقتصادية في مرحلة إعادة إعمار ليبيا بعد تحقيق السلام والاستقرار، وثم تعزيز الحضور الفرنسي السياسي والعسكري والاقتصادي في إفريقيا انطلاقاً من البوابة الليبية. المبادرة الفرنسية قوبلت بحذر أوروبي خاصة من بريطانيا وبغضب إيطالي لأن إيطاليا اعتبرت أن فرنسا استحوذت على الملف الليبي وضربت المصالح الإيطالية في ليبيا، وفي هذا الصدد قال مراقبون دبلوماسيون إن إيطاليا بدأت تتخوف من الدور الفرنسي الجديد في ليبيا، حيث كانت تتوقع أن تكون لها مهمة رئيسية في إيجاد حل للأزمة الليبية.. وقد أدى ذلك لخلافات كبيرة بين المعارضة الإيطالية والحكومة في روما، وقد اتهمت هذه المعارضة باولو جنتيلوني رئيس الوزراء الإيطالي بأنه «سمح لفرنسا بإزاحة إيطاليا من صدارة الجهود المتعلقة بالدبلوماسية الليبية»، بينما قالت جورجيا ميلوني زعيمة حزب «إخوة إيطاليا» اليميني «إن الاجتماع الليبي في فرنسا يظهر الفشل التام للسياسة الخارجية الإيطالية، وهذا أنهى دور دولتنا التقليدي كوسيط رئيسي في ليبيا». ومن ناحيته قال ساندرو غوزي وزير الدولة الإيطالي للشؤون الأوروبية: على فرنسا ألا تكرر في ليبيا الأخطاء التي ارتكبتها في الماضي، لأن التدخل الدولي الذي دفع الرئيس الأسبق نيكولاي ساركوزي في اتجاهه في ليبيا عام 2011 كان كارثياً، وأن التزام ماكرون في الأزمة يجب أن يكون جامعاً ويستند إلى علاقة خاصة مع إيطاليا. ويعرف الرئيس ماكرون أن مبادرته لا تحل النزاع ولكنه يحرص في الوقت الحاضر على إيجاد مبادئ مشتركة بين السراج وحفتر تمهد للخروج من الأزمة. ويهدف ماكرون بعد ذلك إلى إبعاد الحل العسكري وإنجاح الحل السياسي، لكن هذا الهدف صعب المنال حالياً لأن الاشتباكات المسلحة ما زالت قائمة في مناطق ليبية عديدة، وقد شهدت في بداية هذا الأسبوع منطقة درنة في شرق البلاد معارك عنيفة بين ميليشيات إرهابية وقوات الجيش الليبي. زد على ذلك أن جماعة «إخوان ليبيا» المدعومة من النظام القطري والمسيطرة على طرابس العاصمة انتقدت المبادرة الفرنسية وهاجمتها لأن المبادرة تقصي هؤلاء الخارجين على القانون من المشهد الليبي الجديد لأنهم طرف تخريبي وأساسي في الفوضى التي اجتاحت ليبيا منذ سنة 2011م.

مشاركة :