الأحزاب الدينية العراقية تحصن مواقعها في السلطة ضد رياح التغيير

  • 8/4/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

الأحزاب الدينية العراقية تحصن مواقعها في السلطة ضد رياح التغييرالقوى التي قادت العملية السياسية في العراق منذ سنة 2003 وتقاسمت السلطة وفق مبدأ المحاصصة لا تمتلك أي رصيد من المنجزات يتيح لها الحفاظ على مواقعها من خلال صناديق الاقتراع، لكنّها في المقابل تمتلك من النفوذ والمقدرات المادية والأدوات القانونية، ما يتيح لها تفصيل انتخابات على مقاسها تكون فيها هي الرابحة في كلّ الحالات.العرب  [نُشر في 2017/08/04، العدد: 10712، ص(3)]اختيار يستحق الاعتذار بغداد - مررت الكتل النيابية العراقية، مادة في قانون الانتخابات المحلية، يمنع الأحزاب الصغيرة والناشئة، من الحصول على مقاعد في مجالس المحافظات، خلال الاقتراع المنتظر في أبريل 2018، ما تسبب في جدل واسع وموجة انتقادات. وبدا أن القانون موجّه للتصدّي لظاهرة توالد الأحزاب في العراق وطموح بعض القوى الناشئة لانتزاع نصيب من كعكة السلطة من أيدي الشخصيات والقوى القائدة للعملية السياسية منذ 2003 والتي أصبحت لدى شرائح واسعة من العراقيين عنوانا للفشل وتراجع الدولة في مختلف المجالات. ويمثّل هذا المعطى أرضية مواتية للتغيير في حال تركت للمواطن حرّية الاختيار في انتخابات حرّة ونزيهة بعيدة عن تأثيرات المال السياسي ومختلف صنوف الضغط والترهيب، وهو ما لن يكون متاحا في الانتخابات القادمة، حيث أن القوى الممسكة بزمام السلطة، وغالبيتها العظمى من الأحزاب الدينية، لا تزال تمتلك وسائل إدارة اللعبة الانتخابية بدءا من وضع تشريعات لها تكرّس هيمنة تلك القوى وصمودها ضدّ تيار التغيير الذي هبّ بقوّة وبدا أن له بعدا جماهيريا وعمقا بالشارع الناقم على تجربة الحكم السابقة وقادتها ورموزها. وفي حالة توافق نادرة بين كبرى الكتل البرلمانية، السنية والشيعية، مرر النواب العراقيون، بأغلبية مريحة، مادة في قانون الانتخابات المحلية، تتعلق باعتماد صيغة معدلة، من نظام “سانت ليغو” الانتخابي، الخاص باحتساب أصوات المرشحين الفائزين، تتيح للأحزاب الكبيرة، الاستحواذ على الجزء الأكبر من المقاعد، داخل مجالس المحافظات. وبالرغم من تجاهل الأطراف الرسمية في بغداد، للموعد الدستوري لإجراء انتخابات مجالس المحافظات، الذي كان محددا في سبتمبر المقبل، فإن هناك شبه توافق على دمج هذه الانتخابات، بالانتخابات العامة، المقررة في أبريل 2018. ويمثل إقرار قانون عادل للانتخابات في العراق، ركنا أساسيا من مطالب حركة الاحتجاج العراقية، منذ عامين. لكن إقرار البرلمان العراقي، لصيغة (1.9) في توزيع مقاعد مجالس المحافظات، مثل ضربة كبيرة لهذه الحركة، التي يعتقد قادة بارزون فيها أنهم تعرضوا للخداع، بعدما وعدهم نواب بأخذ مطلبهم الخاص بعدالة قانون الانتخابات، بعين الاعتبار. ويقول القيادي في الحزب الشيوعي العراقي، وأحد أبرز وجوه حركة الاحتجاج في العراق، جاسم الحلفي، إن “قانون الانتخابات الذي أقره البرلمان هو انتصار لنهج المحاصصة وتكريس السلطة بيد من دمّر البلد وبدد ثرواته”، مشيرا إلى أن “المشاكل التي واجهها العراق كانت بسبب الكتل السياسية التي أدارت البلد بإرادة أجنبية لا بإرادة وطنية”. ويضيف الحلفي، “كالعادة، لا يكفي المتنفذين ورموز المحاصصة وكبار الفاسدين، تشريع قوانين تؤبد وجودهم في السلطة وتعيد إنتاجهم فيها، ومن ذلك قانون انتخابات يضمن فوزهم وحدهم وإبعاد القوى التي تناهض نهجهم. فإلى جانب ذلك هم يحرفون اتجاه الصراع الحقيقي، ويحولونه من صراع على ‘المنجز” الذي قدموه -وهم أحرزوا الفشل التام في كل المجالات- إلى صراع غير شريف ضد الرافضين لنهجهم وسياساتهم”. وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، جدلا واسعا بشأن القرار البرلماني، وانطلقت دعوات إلى تفعيل حركة الاحتجاج التي تراجع زخمها منذ مطلع الصيف. ودعا نشطاء إلى تظاهرة حاشدة في ساحة التحرير، وسط بغداد اليوم الجمعة، للتعبير عن رفض هذا القانون، ينتظر أن يشارك فيها المدنيون، إلى جانب أتباع التيار الصدري الذي أصدر زعيمه مقتدى الصدر، الخميس، بيانا دعا فيه إلى أن لا تقتصر المظاهرات على العاصمة وأن تشمل مختلف مراكز المحافظات. وطالبت كتلة الأحرار البرلمانية، التابعة للتيار رئاسة البرلمان بالكشف عن أسماء النواب الذين صوتوا بالموافقة على مادة “سانت ليغو” المعدل لـ”فضحهم أمام العراقيين”. لكن النواب الذين يدافعون عن إقرار هذه الصيغة في توزيع المقاعد، يقولون إنها الضامن الوحيد لتشكيل مجالس محلية فعالة. ويقول هؤلاء، إن السماح بصعود الأحزاب الصغيرة، يعني وجود أعضاء موزعين على كتل عدة في أي مجلس، ما يعني استحالة تحقيق توافق بينهم على أي قرار. ويقول النائب مشعان الجبوري، إنه صوت بالموافقة على هذه المادة، بعدما كان شاهدا على عمليات شراء أصوات في مجالس محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى، لدعم ترشيح محافظ ما أو إقالته. ويضيف أن الأحزاب التي تتبنى قرارات معينة، تدفع مئات الآلاف من الدولارات للحصول على أصوات أعضاء من قوائم صغيرة في مجالس المحافظات، مشيرا إلى أن صيغة “سانت ليغو” المعدلة، تضمن عدم تشظي الكتل الممثلة في مجالس المحافظات. وفي محاولة لامتصاص غضب الشارع، تقدم 70 نائبا في البرلمان، إلى هيئة رئاسة مجلس النواب، بطلب يتضمن إعادة التصويت على مادة توزيع المقاعد. وبعد جدل شهدته جلسة الخميس في هذا الشأن، قررت الرئاسة عقد جلسة خاصة لزعماء الكتل النيابية، السبت، لحسم هذا الموضوع. ولكن مادة توزيع المقاعد، ليست هي العقبة الوحيدة التي يواجهها البرلمان في قانون الانتخابات، إذ تمثل مشكلة إجراء الانتخابات في محافظة كركوك الواقعة بشمال البلاد عقدة حقيقية، لا ينتظر حلها قريبا. ويختلف العرب والأكراد في كركوك، بشأن الصيغة التي يجب اعتمادها في انتخابات المحافظة، وسط غياب تام لأي حلول وسطى، ما يرجح التوقعات التي تشير إلى إمكانية تأجيل انتخابات هذه المحافظة الغنية بالنفط، والتي يسكنها خليط قومي من العرب والأكراد والتركمان، وهو موضع نزاع بين بغداد وأربيل.

مشاركة :