شح السيولة النقدية يحرم التونسيين من السياحة الخارجية

  • 8/4/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

المراقبة الصارمة لحركة الأموال في تونس العشرات من وكالات الأسفار المحلية التي تمر بأوضاع صعبة أصلا منذ أكثر من ست سنوات، ما أثار جدلا في الأوساط الاقتصادية بالبلاد. وتزايدت في الفترة الأخيرة أزمة شح النقد الأجنبي، الذي أصبح عائقا كبيرا أمام السياحة الخارجية للمواطنين، بينما تكافح الحكومة لإنعاش قطاع السياحة مجددا بعد أن فقد مكانته بسبب الإرهاب. وكشف محمد علي التومي، رئيس الجامعة التونسية لوكالات الأسفار، أن تشدد الحكومة مع حركة الأموال يهدد نشاط 200 وكالة أسفار محلية. وقال التومي خلال مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي، إن “الوكالات قد تواجه ملاحقات قضائية لأن التزاماتها تجاوزت السقف المحدد من طرف الحكومة، وهذا يهدد صورة تونس في الخارج”. وخصصت الحكومة للعام الجاري 25 مليون دينار (10.2 مليون دولار) لتمويل النشاطات الخارجية لوكالات الأسفار العاملة في البلاد. وقال فهمي الحوكي مدير المصالح المشتركة في وزارة السياحة، في وقت سابق إن “ارتفاع الطلب القياسي من وكالات الأسفار هذا العام دفعنا لإجراء جلسات تقييمية باكرا.. نحن بصدد البحث عن حلول عاجلة لمسألة سقف التحويلات مع البنك المركزي”. ويعمل بالبلاد أكثر من 700 وكالة أسفار بصفة قانونية، وفق أرقام الجامعة التونسية للفنادق. وقد ارتفعت الحجوزات التي قامت بها في السنوات الأخيرة تماشيا مع تحسن مستوى معيشة التونسيين وإقبالهم على السفر للخارج. واستبعد رضا الشكندالي، أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية، أن يكون لإجراء التخفيض من المبالغ المخصصة لنشاطات وكالات الأسفار، الذي قامت به الحكومة “انعكاس كبير على اقتصادنا”. واعتبر أن وكالات الأسفار قادرة على تنويع نشاطها وكسب السياحة الداخلية على حساب السياحة في الخارج من خلال السياحة الثقافية والصحية والأثرية وعدم الاقتصار على السياحة الشاطئية، إذا لم تتحصل على العملة الصعبة التي تمكّنها من مواصلة نشاطها.وزارة السياحة: نحن بصدد البحث عن حلول عاجلة لمسألة سقف التحويلات مع البنك المركزي ويرى أن نوعية السياحة الوافدة إلى تونس هي سياحة فقيرة وليست جالبة للعملة الصعبة ولا تحدث أي انعكاس على الاقتصاد ولا سيما توفير فرص عمل غير مباشرة. وتعمّقت أزمة إيرادات الدولة من العملة الأجنبية بعد تراجع مداخيل قطاع السياحة وتقلص الاستثمارات وتحويلات المغتربين، فضلا عن الاضطراب في صادرات الفوسفات. ووفق بيانات نشرها البنك المركزي أواخر يوليو الماضي، فإن احتياطي البلاد من العملة الأجنبية لا يتجاوز 5 مليارات دولار، في حين كان يصل إلى نحو 13.5 مليار دولار في 2010. ويلقي الخبراء بالمسؤولية على الحكومة في ما يتعلق بتقلص احتياطات البلاد النقدية بسبب لجوئها إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي بالعملة الصعبة كخيار إجباري للخروج من الأزمة. ويقول الصادق جبنون، الخبير في استراتيجيات الاستثمار، إن من أسباب شح النقد الأجنبي الانخفاض المتواصل للدينار مقابل اليورو، الذي شهد ارتفاعا كبيرا مؤخرا، نظرا للانتعاش الاقتصادي التي تعرفه منطقة اليورو، وكذلك بسبب ضعف الاقتصاد التونسي. ووصلت قيمة الدينار إلى أدنى مستوى لها مقابل العملات الأجنبية منذ سنوات، فقد تراجعت إلى نحو 2.83 دينار أمام اليورو وإلى 2.41 دينار أمام الدولار نهاية الأسبوع الماضي، ما دفع البعض إلى مطالبة البنك المركزي بتدخل عاجل لإنقاذ الوضع. وخلافا لما يراه الكثير من المختصين، يعتقد جبنون أن سياحة التونسيين في الخارج ليست قطاعا استراتيجيا بالنسبة للاقتصاد التونسي، وقد تتسبب في عجز فادح في الميزان التجاري وبأزمة اقتصادية أكبر. وقال إن “الدولة في حاجة لاستقطاب العملة الصعبة من الخارج والداخل وليس خروجها من تونس”، لافتا إلى أن إجراء الحكومة المتعلق بمنع الشراء ببطاقة الفيزا كارد من الخارج في خطوة للحفاظ على احتياطي العملة الصعبة هي خطوات جزئية. وأكد أن الخطوات الرئيسية لم تتخذ بعد، وهي تفعيل القيود الاحتياطية المنصوص عليها في اتفاقية منظمة التجارة الدولية، وإعادة التفاوض في الاتفاقيات التجارية مع تركيا والصين وإيطاليا وبريطانيا. ويحذر خبراء ومحللون من خطورة الاختلالات الهيكلية التي تعاني منها التوازنات المالية في تونس، وحذروا من تداعيات خروج الإنفاق عن سيطرة الحكومة ولجوئها المتزايد إلى الاقتراض الداخلي والخارجي. ويقول مراد الحطاب الخبير الاقتصادي المختص في المخاطر المالية إن المشكلة في تونس تكمن في التوريد الذي يتجاوز طاقة البلاد، فالتوريد وصل إلى حدود 10 مليون دولار في يونيو الماضي، بحسب إحصائيات المعهد الوطني للإحصاء. وأكد أن ارتفاع التوريد أثر على البعض من القطاعات التي تعتمد تحويلات للعملة الصعبة على غرار قطاع وكالات الأسفار باعتبار أن لها أنشطة تتطلب الإنفاق بالعملة الأجنبية.

مشاركة :