بعد صدور حكم التمييز بقضية خلية العبدلي، ونشر صور وأسماء المدانين الـ16 الهاربين، قد يصبح الأجانب قبل المواطنين في قلق حول حال الوضع الأمني في البلد. لكن لنبدأ بالتفكير بالتأثير الاقتصادي الممكن توقعه لتردي الأوضاع الأمنية أو ارتفاع معدلات الجريمة بشكل عام؟ لغياب الأبحاث المحلية، تم الرجوع لتقارير وأبحاث أكاديمية لمدن عالمية، تبين أن %10 انخفاض في معدلات جرائم القتل، من شأنها أن ترفع أسعار المنازل بمعدل %0.83 في العام التالي. و%10 انخفاض في معدلات الجريمة بشكل عام من شأنها أن ترفع قيمة المنازل بمعدل %1.7. كما تشير الدراسات إلى أن أسوأ الجرائم، أي أكثرها تأثيرا على سعر المنزل هي الإتلاف والكتابة على الحوائط، التي قد يضاف إليها في الكويت جرائم سرقة اكسسوارات السيارات وكسر نوافذ السيارة لسرقة ما بداخلها. إلى ذلك، وبالرغم من زيادة انتشار الجرائم الإلكترونية، فإن لها طرقا مختلفة بالتأثير في أسعار المنازل، قد تظهر في حال نشرت وزارة الداخلية خريطة إلكترونية تبين مناطق انتشار الجرائم بأنواعها المختلفة، سواء الإلكترونية أو غيرها، وأماكن إقامة المجرمين وخلافه. لذلك سنكتفي بالتركيز على الجرائم الأخرى، مثل القتل والسرقة والإتلاف والاعتداء وغيرها، التي يكون الحل الأهم لتقليلها هو تركيب الآلاف من كاميرات المراقبة، كما هي الحال في كبرى المدن العالمية، مثل لندن وبكين. تبلغ مساحة مدينة بكين الصينية 16411 كلم2، أي ما يعادل %92 من مساحة دولة الكويت، ومن أهم ما ساهم في انخفاض معدلات الجريمة في هذه المدينة المكتظة بالسكان هو تركيب أكثر من 800 ألف كاميرا مراقبة، وتشغيل الآلاف في الحكومة لمراقبتها على مدار الساعة. واستمرت بكين بتركيب المزيد من الكاميرات إلى أن وصلت نسبة مراقبة فيها إلى %100 من مساحة المدينة في أكتوبر 2015، وأصبحت المدينة النموذجية في الصين من حيث المراقبة. لو رجعنا إلى الكويت لوجدنا أن لدينا 196 ألف عمود إنارة، موزعة في جميع المحافظات والمناطق، حسب تقرير لوزارة الكهرباء يرجع لسنة 2014. ولو افترضنا تركيب كاميرات المراقبة على هذه الأعمدة لوجود تمديدات كهربائية فيها ولسهولة تمديد شبكة بيانات بها، لأصبح لدينا ربع كاميرات مدينة بكين الأصغر منا مساحة، وبإنفاق بضع مئات الملايين من الدنانير لتقليل الجريمة، أو لتسهيل القبض على المجرمين وتعزيز الأمن بشكل كبير. بدل الاعتماد على المواطنين والمقيمين لمساعدة الداخلية في إلقاء القبض على الهاربين الذين قد يكونون خرجوا من البلاد أصلا، كما نشرت بعض الصحف عن المدانين في الخلية. لمحاولة الاستدلال على التكلفة تشير الـUSA Today إلى أنه حتى سنة 2011 تم تركيب 20 إلى 30 مليون كاميرا مراقبة في الصين، وأن الحكومة الصينية أنفقت 16 مليار دولار من 2009 إلى 2011 لتركيب شبكات المراقبة. بينما قد تحتاج الكويت إلى أقل من %1 من إجمالي الكاميرات المذكورة، وبالتالي قد تكون التكلفة التقديرية من 50 مليون إلى 150 مليون دينار، حسب مصادر تكاليف مختلفة. وهنا يمكننا أن نتساءل: ألن تساعد هذه الكاميرات في تحديد أماكن الهاربين بسرعة كبيرة؟ ألا تعتبر أضعاف هذه التكلفة قليلة في مقابل أمن أفضل؟ ألم يأت الوقت المناسب لإقرار القوانين اللازمة لتسهيل ذلك؟ معدلات الجريمة للأسف لم تزود الكويت الأمم المتحدة ببيانات الجرائم المختلفة بعد سنة 2009، باستثناء جرائم القتل التي زودتها الكويت لغاية سنة 2012، ولا تختلف حال بعض دول الخليج كثيرا عما سبق. لذلك لا توجد إمكانية لمقارنة معدلات الجريمة في دول مجلس التعاون من مصدر واحد معتمد. لكن تجدر الإشارة إلى أن معدلات جرائم القتل في الكويت سنة 2012 كانت ضمن الأسوأ بين دول مجلس التعاون. كاميرات المراقبة في بكين ساهمت في خفض معدلات الجريمة بشكل كبير محمد رمضان كاتب وباحث اقتصادي rammohammad@
مشاركة :