عقب زيارة وفد صندوق النقد الدولي إلى تونس، التي تواصلت من 27 يوليو (تموز) الماضي إلى 3 أغسطس (آب) الحالي، كشف فريق العمل بالصندوق عن مجموعة من التوقعات التي تهم الاقتصاد التونسي خلال الفترة المقبلة، حيث أوصى ببذل جهود إضافية ضد الفساد، لكنه أكد في الوقت ذاته أن «آفاق الاقتصاد التونسي تتحسن ببطء، ونسبة النمو في طريقها إلى بلوغ 2.3 في المائة خلال 2017».وفسر الصندوق التوقعات المتعلقة بنسبة النمو الاقتصادي المأمولة خلال السنة الحالية باستعادة قطاع الفوسفات لنشاطه، والنتائج المقبولة المنتظرة على مستوى قطاعي الفلاحة، حيث توقع تحقيق نحو 17 مليون قنطار من الحبوب، واجتذاب تونس نحو 6.5 مليون سائح مع نهاية 2017.وكان محمد الفاضل عبد الكافي، وزير المالية التونسية بالنيابة، قد أشار قبل أيام إلى أن «وضعية المالية العمومية في تونس صعبة، ولكن المؤشرات الاقتصادية عرفت نموا إيجابيا خلال هذه الفترة من السنة»، نافيا وجود أي تناقض بين الوضع الصعب للمالية العمومية وعودة المؤشرات الاقتصادية إلى نسقها العادي. وأكد عبد الكافي خلال مؤتمر صحافي عقده بمقر رئاسة الحكومة، أن تونس في اتجاه تحقيق نسبة نمو في حدود 2.5 في المائة خلال السنة الحالية، وهي نسبة أعلى من أحدث التوقعات التي قدمها صندوق النقد.وأعاد فريق صندوق النقد التأكيد على العوائق والتحديات نفسها التي يعاني منها الاقتصاد التونسي، والتي تأتي على رأسها العوائق الاقتصادية الهيكلية، مثل تضخم الأجور وارتفاع منظومة الدعم ومشكلات مؤسسات القطاع العام، مما يساهم في خلق محيط لا يدعم الاستثمار المحلي والأجنبي على حد سواء. كما شدد على أن «إنشاء هيئة فعالة لمكافحة الفساد سيتيح توسيع نطاق الأدوات المتاحة للحكومة في حربها ضد الفساد والممارسات التجارية غير المشروعة».وطالب الصندوق الحكومة التونسية بضرورة إعداد قانون مالية عادل وناجع بالنسبة للسنة المقبلة حتى يتفادى توسيع دائرة العجز التي تعرفها ميزانية الدولة التونسية. وبحث وفد الصندوق خلال زيارته مع كبار المسؤولين التونسيين الوضع المالي والاقتصادي خلال النصف الأول من السنة الحالية، والتوازنات المالية الكبرى للبلاد، وتطور نسق الإصلاحات الاقتصادية المتفق بشأنها مع تونس، وتطرق إلى أولويات الحكومة التونسية في مجال الإصلاحات الاقتصادية.ووافق الصندوق على طلب تونسي يقضي بطلب تعديل آجال الحصول على المبالغ المتبقية من قرض الصندوق والموافقة على طلب صرفها على ستة أقساط نصف سنوية.كما طالب بمراجعة سياسة صندوق الدعم الموجه نحو المواد الاستهلاكية، وذلك بتوجيهه إلى مستحقيه. ويقدر الدعم الموجه لقطاع الطاقة بنحو 1.7 مليار دينار (نحو 708 مليون دولار)، أما الدعم الموجه للمواد الغذائية فلا يقل عن 1.6 مليار دينار (نحو 667 مليون دولار). وطالب بتوسيع قاعدة الضرائب ومقاومة التهرب الضريبي، وعدم الاكتفاء بالضرائب المستخلصة من الأُجراء.وفي 12 يونيو (حزيران) الماضي، سمح صندوق النقد لتونس بسحب مبلغ 314.4 مليون دولار، ضمن الأقساط المالية المتفق حولها بين الطرفين. وحصلت السلطات التونسية حتى الآن على قسطين من القرض الذي منحه الصندوق لدعم الاقتصاد التونسي، وقدرت المبالغ المالية المتحصل عليها بما لا يقل عن 628.8 مليون دولار، في انتظار بقية الأقساط التي تمتد من 2016 إلى 2020.وكان الصندوق قد وافق في 20 مايو (أيار) 2016 على تمكين تونس من قرض لمدة أربع سنوات بقيمة إجمالية تقدر بنحو 2.83 مليار دولار.وتحقق تونس مداخيل سنوية جبائية وغير جبائية تتراوح بين 24 و25 مليار دينار (أكثر من 10 مليارات دولار)، غير أن هذه المداخيل لا تغطي حجم الأجور والديون ونفقات التصرف للدولة والدعم، وهو ما يجعلها مضطرة إلى التوجه إلى السوق الدولية بغية الحصول على قروض لتغطية حاجيات الأجور ثم الديون ونفقات الدولة والدعم الموجه لعدد من المواد الاستهلاكية.
مشاركة :