أكد فضيلة الداعية عبد الله النعمة أن حسن الخلق، وانتشار الأخلاق الفاضلة بين الناس أساس بناء الأفراد والجماعات، ومعيار صلاح الأمم والمجتمعات، مضيفاً أن هذه الأخلاق علامة على كمال الإيمان وحسن الإسلام، وسبب عظيم لرفعة الدرجات، وعلو الهمم، وصلاح الأحوال، وتحصيل السعادة في الدارين.وأوضح النعمة -في خطبة الجمعة أمس بجامع الإمام محمد بن عبد الوهاب، والتي كانت تحت عنوان: «الأخلاق الحسنة وأثرها على المسلم»- أن حسن الخلق مؤشر على نيل محبة الله تعالى ومحبة خلقه للعبد، ومتى تحلّى الناس بالأخلاق الفاضلة، وتأدبوا بالآداب السامية والصفات النبيلة رفرفت على المجتمعات السعادة، وعاش الناس حياة الترابط والبناء، والمحبة والوفاء، والتعاون والإخاء، وانشرحت الصدور، وتيسرت الأمور، وتوثقت الصلات، وتلاشت العداوات. ولفت النعمة في هذا السياق إلى ما رواه أبو داود وأحمد أنه صلى الله عليه وسلم قال: «إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم»، منوهاً بأنه ما وضع في الميزان للعبد الصالح يوم القيامة أثقل من حسن الخلق؛ فهو أكثر ما يدخل الناس الجنة، ويبعدهم عن النار. وذكر خطيب الجمعة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن، وإن الله ليبغض الفاحش البذيء»، وعند الترمذي بسندٍ صحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: «سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة، فقال: «تقوى الله وحسن الخلق». وقال النعمة: «كم يتمنى الإنسان أن يفخر بأمته المسلمة، وأن يراها تعود إلى منصة العزة والريادة، وتتربع على عرش النصر والتمكين، وتأوي إلى رابطة الولاء في الدين، والأخوة في العقيدة، والتحاكم إلى الكتاب والسنة، ونبذ الخلاف والفرقة». وأضاف النعمة قائلاً: إن أمة الإسلام التي كانت أعظم أمة في الأرض، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتنصر المظلوم، وتغيث الملهوف، وتحمي الذمار، وتذود عن الحمى، ولا كلمة فوق كلمتها، ولا راية تعلو رايتها، رائدة في العلوم والمعارف، والأخلاق والآداب والسياسة والاقتصاد، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن الأمة عادت في أعقاب الزمن على كثرة عدتها وتنوع خيراتها وترامي أطرافها غثاء كغثاء السيل؛ أمة مغلوبة لا غالبة، ومحكومة لا حاكمة، وخائفة لا مرهوبة، مستباحة الذمار، مغتصبة الحمى، مغصوبة الحقوق، أحزاباً وجماعات.. فرقتها الدنيا ومزقتها المصالح، وأفسدها العدو الخارجي بكيده ومكره، والعدو الداخلي بنفاقه وحقده وحسده. خطورة الإفساد من الداخل حذر «النعمة» في خطبة الجمعة من خطورة الإفساد من داخل المسلمين، وأنه أشد من الإفساد الخارجي، مؤكداً أن المسلم الفطن يدرك الحكمة الإلهية من كثرة التحذير من المنافقين وخطرهم وكيدهم في القرآن الكريم، الذين حذر النبي صلى الله عليه وسلم من أمثالهم في آخر الزمان، ذاكراً قول الله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ • أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ}. ولفت النعمة إلى أن الشريعة الإسلامية جاءت بشموليتها داعية إلى نبذ الفساد في الأرض، وحاثة على الإصلاح والصلاح، وجعلت من أهم مقوماته وأسسه الأخلاق الحسنة. وأضاف النعمة أن من شمولية هذا الدين وعظمته، أنه دين الأخلاق الفاضلة، والسجايا الحميدة، والصفات النبيلة، جاءت تعاليمه وقيمه بالأمر بالمحافظة على الأخلاق الحسنة في كل أحوال المسلمين؛ صغيرها وكبيرها، دقيقها وجليلها، أفراداً ومجتمعات، وأسراً وجماعات، منوهاً بأنه يكفي لبيان ذلك أن يحصر النبي صلى الله عليه وسلم مهمة بعثته، وهدف رسالته في إصلاح الأخلاق وتهذيبها بقوله: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، قال الشاعر: إنما الأخلاق ما بقيت فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا.;
مشاركة :