أكتب هذا المقال ليس من وحي تجربتي الصغيرة في عالم الكتابة، إنما من استطلاع بسيط عملته لبعض الزملاء الكتّاب، والذي بالفعل غيّر وجهة نظري عن فن الكتابة. صديقي القارئ.. هل ترغب في أن تصبح كاتباً وتحقق كتابتك نسبة وصول كبيرة تقدر بآلاف القراء؟ هل تطمح ليصبح اسمك بين أسماء كبار الكتاب وتحتل صورتك مكاناً بارزاً على صفحات المجلات والمواقع الإلكترونية؟ الأمر ليس مستحيلاً ولكن يحتاج أن تجيب عن مجموعة أسئلة: هل تملك ناصية اللغة وبمعنى آخر هل تعرف قواعد اللغة؟ وهل تستطيع توظيف المفردات بطريقة تخدم مقالك وكتاباتك؟ هل لديك اطلاع كافٍ عن الموضوع الذي ترغب في الكتابة عنه؟ هل عندك درجة ثقافة كافية ليقتنع القارئ بأفكارك؟ وتتم هذه الخطوة من خلال القراءة الدائمة واليومية للكتب والمقالات والموضوعات والترجمات؟ هل الشهادة التي تحملها أو التخصص الذي تعمل به يخولك أن تكتب مادة معينة في تخصص آخر؟ على سبيل المثال إذا كنت طبيب أسنان هل أستطيع أن أكتب عن الاقتصاد؟ أو إذا كنت موظفاً في قطاع النفط هل أستطيع أن أكتب في مجال الزراعة؟ إجابات هذه الأسئلة تتوقف عليك شخصياً وعلى مدى قدرتك على الاطلاع المكثف على تخصص آخر. صديقي الكاتب المستقبلي أو الكاتب الحالي تذكر جيداً أنك توجه كتاباتك لعامة القراء، ومن سيقرأ مقالك بالأغلب سيكون ذا ثقافة متوسطة ومحباً أو مهتماً بالمجال الذي تكتب فيه لذلك احرص جيداً على ما يلي: استخدم مفردات مبسطة وليست مبهمة على سبيل المثال: لا تستخدم كلمة بروليتاريا في مقالك بل استبدلها بكلمة الطبقة الكادحة. ابتعد عن الجمل المركبة الطويلة واكتفِ بالجمل القصيرة التي توصل المعنى وتساعد القارئ على الاستمرار في القراءة. لا تظن عزيزي الكاتب بأنك الوحيد الذي كتبت عن موضوع معين فهناك الآلاف قبلك كتبوا عنه والآلاف في لحظة كتابتك أيضاً يكتبون عن موضوع عام، فقط حاول أن تتناوله من زاوية خاصة لم يتطرق لها أحد من قبل. على سبيل المثال: إذا أردت أن تكتب عن موضوع أزمة الوقود في مكان ما وعشرات السيارات تنتظر في طوابير طويلة أمام محطات البترول، أول ما سيخطر في بالك الكتابة عن الموضوع بشكل توصيفي، أي عن الصف الطويل، وعن خلفيات الأزمة وندرة مادة البنزين والمازوت في الأسواق، وبهذا تكون كغيرك من آلاف الكتاب الذين يتناولون الموضوع من هذه الزاوية. ولكن إذا فكرت بطريقة مختلفة وزاوية أخرى كأن تتناول الموضوع من زاوية الحياة الشخصية لأحد سائقي السيارات المتوقفين في الطابور؛ حيث تنتظره عائلته على الغداء ولن يستطيع أن يصل إليهم؛ لأنه لا يعلم متى يأتي دوره وتذكر حينها الأسباب التي أوصلت البلد لهذه المرحلة. وكذلك أن تتناول الموضوع من زاوية: كيف أصبح هذا الانتظار يغير سلوكيات المجتمع ويجعل الناس غير ملتزمة بمواعيدها الشخصية والعملية، مما يجعل عملية التطور تتراجع ويؤثر هذا الموضوع بشكل سلبي على أغلب الناس! دائماً ما يحب القارئ أن يحلل من خلال التجارب الشخصية للكاتب ويهمه أن يشعر بأن الكاتب يخاطبه كصديق ويحمل همَّه. المصداقية هي مفتاحك لقلب القارئ وهو البناء الأساسي الذي ستقوم عليه علاقتك مع القراء وسيجعلك أحد محاور الحديث في جلسات الناس الشخصية والعملية، فقط ركز وإن أخطأت اعتذر فستجد الأغلبية تؤمن بقلمك وتعرف أنك ستعتذر إن أخطأت وستصحح المعلومة. جرب عزيزي الكاتب أن تتعلم من الذي تكتبه وراجع كل جملة كتبتها، وقارنها مع طريقة تفكير الجمهور الذي تستهدفه: هل سيتقبل مثلاً الجمهور المسلم فكرة خلع الحجاب للمرأة؟ ربما ستستخدم هذا الأسلوب لجلب عدد كبير من القراء، ولكن كن على قناعة تامة بأن أول مقال إن استخدمته بهذه الطريقة واستخدمت عنواناً يستفز فئة أو طائفة معينة، مع الوقت ستفقد أغلب القراء وتصبح مكروهاً ومشككاً بقلمك دائماً. عندما تريد أن تكتب استخدم عنواناً جذاباً واجعل المضمون يناسب العنوان، وفي حال كان العنوان قوياً والمضمون ضعيفاً بالتأكيد ستفقد الكثير من القراء، على سبيل المثال في أحد مقالاتي كتبت عنواناً جذاباً ومبهماً (ضر الرجل.. الزوج الآخر للمرأة). انتشر هذا المقال بشكل واسع وحقق نسبة مشاهدات وتفاعلات عالية وجاء الكثير منها إيجابياً ممن قرأ المقال، وكذلك ممن اكتفى بقراءة العنوان؛ حيث كنت أقصد بالزوج الآخر للمرأة ليس عشيقها ولا اتهمتها بالخيانة، بل جعلته رمزاً للموبايل الذي أصبح يشاركنا زوجاتنا وأولادنا ويؤخذ أغلب وقتنا. يجب أن تنتبه عزيزي الكاتب إلى أن الكثير من الناس لا تقرأ سوى العنوان وتحكم على شخصية الكاتب من خلاله فقط؛ لذلك احرص على أن يكون العنوان بصورة جميلة وغير مستفزة. يبقى مقياس ما تكتب وما تقدم رهيناً بالقراء والمتابعين، والقارئ هو مَن يقدم لك دعاية مجانية إذا أقنعته ولمست مواجعه وقدمت زاوية جديدة له. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
مشاركة :