أدلى الموريتانيون أمس، بأصواتهم في استفتاء على تعديلات دستورية اقترحها الرئيس محمد ولد عبد العزيز ورفضتها المعارضة. وجرت الانتخابات وسط أجواء من التوتر وانتشار أمني كثيف بعدما قاطعت المعارضة التصويت. وتتعلق التعديلات المقترحة بإدخال تغييرات على شكل العلم الوطني وإلغاء مجلس الشيوخ، وإنشاء مجالس جهوية (مناطقية) لمتابعة تنفيذ المشاريع التنموية في الولايات الداخلية، وتجميع مؤسسات المجلس الإسلامي الأعلى والمجلس الأعلى للفتوى والمظالم في مؤسسة واحدة، وإضافة ملف البيئة إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي. وجرى الاستفتاء بعد سلسلة احتجاجات وتظاهرات عنيفة، تركزت على رفض إلغاء مجلس الشيوخ، وتخللتها اعتصامات واعتقالات لناشطين. ولوحظ ضعف في الإقبال على مكاتب الاقتراع في العاصمة نواكشوط أمس، فيما بدأ بعض المراكز عمله من دون وجود أي ناخبين أمامه. وأفاد بعض المواطنين الذين حضروا إلى مكاتب الاقتراع بأنهم أتوا من أجل الحصول على بطاقة الناخب، خوفاً من أن يتم استغلالها من آخرين، وأنهم سيصوتون بـ»لا» على التعديلات. وشددت الإجراءات الأمنية حول مكاتب الاقتراع حيث انتشرت عناصر من مختلف الوحدات العسكرية والأمنية. وأدلى الرئيس ولد عبد العزيز وزوجته مريم بنت أحمد بصوتيهما في ولاية نواكشوط الغربية، وقال ولد عبد العزيز: «اغتنم هذه الفرصة لأشكر الشعب الموريتاني وأهنئه على الجو الذي دارت فيه الحملة الانتخابية الممهدة للاستفتاء الدستوري، كما أهنئه على وعيه إزاء أهمية هذه التعديلات». ورداً على سؤال حول عدم وجود مراقبين من الاتحاد الأوروبي لهذا الاقتراع، قال الرئيس الموريتاني أن الاتحاد الأوروبي ليس مقياساً بالنسبة لنا لتقويم الانتخابات وأن من يفكرون بهذا المنطق خلفيتهم استعمارية بحتة. وبلغ عدد الناخبين 1.4 مليون، خصص لهم 3118 مركزاً للاقتراع في أنحاء البلاد، وجرى التصويت من خلال لائحتين وعبر صندوقين مختلفين. وكان على الناخب أن يختار التصويت على السؤالين بـ «نعم» أو «لا» أو «محايد»، وتضمنت اللائحة الأولى وهي زرقاء، سؤالاً يتعلق بتغيير العلم بإضافة خطين أحمرين له تكريماً للشهداء، الذين ضحوا من أجل الوطن. أما اللائحة الثانية وهي صفراء فتعلقت بإصلاح المؤسسات، وتضمنت 3 نقاط أساسية، أولها إلغاء مجلس الشيوخ، وثانيها استحداث مجالس جهوية منتخبة، أما الثالثة فهي دمج المؤسسات بما فيها المجلس الأعلى للفتوى الذي يشارك أيضاً في قضايا التقاضي أمام العدالة. وكان الناخبون قلة في حي تفرغ زينة الراقي في غرب العاصمة نواكشوط، في بداية الاقتراع، فيما شاهد مراسل «فرانس برس» صفوف انتظار صغيرة في حي القصر الشعبي حيث واجه ناخبون صعوبة في العثور على مراكزهم. ويتوقع أن تعلن النتائج مطلع الأسبوع المقبل في الاستفتاء الذي تعتبره المعارضة التي توصف بالمتشددة «تمريراً قسرياً» لهذه التغييرات بعدما رفضت في البرلمان وتخشى سابقة يمكن أن تسهل على مر الوقت تعديل عدد الولايات الرئاسية المحددة باثنتين حالياً. كما اتهمت المعارضة ولد عبد العزيز (60 سنة) بالسعي إلى سابقة يمكن أن تسهل إلغاء سقف عدد الولايات الرئاسية المحددة باثنتين. وأعدت بنود التعديل الدستوري بناء على حوار بين السلطة والمعارضة التي توصف بالمعتدلة في أيلول (سبتمبر) وتشرين الأول (أكتوبر) الماضيين. ونص دستور 1991 على إنشاء مجلس للشيوخ لتمثيل المجموعات المحلية على غرار ما نص عليه الدستور الفرنسي. ورأى معارضون أن الأمر في حد ذاته ليس عيباً لأن الاقتداء بنماذج أخرى عند إعداد الدساتير والقوانين أمر عادي وقد يكون ضرورياً أحياناً، واعتبروا أنه كان من الأفضل مراجعة الدستور وتحسينه، إذا تبين أنه لا يستجيب للتطلعات بدل إلغاء المجلس برمته. ودانت المعارضة المتشددة المجتمعة في تحالف «المنتدى الوطني للديموقراطية والوحدة» في بداية الحملة التعديلات معتبرة أنها «مغامرة غير مجدية» و «انقلاب على الدستور». وهي اتهمت الرئيس ولد عبد العزيز بـ «الميل الخطر إلى الاستبداد». وشهد اليوم الأخير من الحملة للاستفتاء الخميس، تدخلاً من قبل الشرطة التي فرقت معارضين بالهراوات والغاز المسيل للدموع في ثلاثة من أحياء العاصمة نواكشوط. وفي جنيف، عبر مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الخميس عن «قلقه» من أجواء الحملة و «الإلغاء الظاهر لبعض الأصوات المعارضة».
مشاركة :