استمرار تسارع الانتعاش الاقتصادي في منطقة اليورو - اقتصاد

  • 8/7/2017
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

شهد الاقتصاد الأوروبي خلال الفترة الماضية تحسنّاً ملحوظاً، بسبب مجموعة من السياسات والتدابير المالية التي اتخذها البنك المركزي الأوروبي، لعل أبرزها برنامج التيسير الكمّي، وهو البرنامج الذي تم إطلاقه بهدف مساعدة الاقتصاد في دول منطقة اليورو على الانتعاش. وأظهرت البيانات الاقتصادية التي تم نشرها أخيراً تعزز الانتعاش في منطقة اليورو، في ظل انخفاض معدل البطالة خلال شهر يونيو الماضي، ووصوله إلى أدنى مستوى له منذ عام 2009. كما أظهرت البيانات استمرار الاقتصاد في منطقة اليورو بالنمو على أساس فصلي، وإن كان هذا النمو يتحقق وفق معدلات متواضعة. ولكن المثير للانتباه أن هذا الانتعاش، وهو الذي يُعدُّ مؤشراً مشجعاً وإيجابياً، يأتي في مرحلة مثيرة للقلق من الناحيتين الاقتصادية والسياسية، على خلفية قرار المملكة المتحدة الخروج من الاتحاد الأوروبي، بناء على نتائج الاستفتاء الذي تم تنظيمه في شهر يونيو من العام 2016، وتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول اتفاقيات التبادل التجاري غير العادلة مع شركاء الولايات المتحدة، وفرض الكونغرس الأميركي عقوبات على روسيا، والتهديد المتواصل بفرض عقوبات أيضاً على كل من الصين وفنزويلا. وإلى جانب ذلك كله فقد ارتفع اليورو بشكل حاد مقابل الدولار الأميركي والعملات الرئيسة الأخرى. وحقق الاقتصاد الأوروبي نمواً فصلياً بنسبة بسيطة بلغت 0.6 في المئة فقط، ولكنه يتجاوز المعدل الذي تحقق في الربع السابق والذي بلغ 0.5 في المئة. كما أن هذا النمو الاقتصادي يتحقق في الدول الـ19 كافة التي تشكل منطقة اليورو، الأمر الذي يشكل مؤشراً على أن هذا التكتل الاقتصادي يزداد قوة باستمرار ويحقق استدامة ذاتية. وتشير جميع الأرقام الاقتصادية، وإحصاءات قطاع الأعمال، ومعدل البطالة والإنتاج الصناعي، إلى أن اقتصاد الكتلة الأوروبية يواصل اكتساب الزخم والنمو. وتعتبر هذه التطورات مشجعة للغاية بالنسبة للبنك المركزي الأوروبي، الذي عمل على الدوام على دعم النمو الاقتصادي عبر اعتماد سياسات نقدية ومالية ميسّرة، وتمسكه ببرنامجه للتيسير الكمّي والإصرار على عدم وقفه. وفي هذا الوقت تتوقع البنوك المركزية الأوروبية انتعاش الاقتصاد، بشكل قوي وواسع النطاق خلال الأشهر المقبلة. واستناداً إلى أحدث البيانات الاقتصادية التي تم نشرها، فإنه من المرجح أن يتسارع معدل النمو الاقتصادي في الدول الأوروبية. وطالما بقي معدل التضخم مدعوماً بانخفاض الأجور وأسعار الطاقة، فإن البنك المركزي الأوروبي سيكون مسروراً ولن يمانع الإبقاء على سياساته النقدية الميسّرة. ففي فرنسا نجح الاقتصاد، وللمرة الأولى في غضون فترة طويلة، من تحقيق أقوى نمو متواصل في الربع الثاني مدفوعا بالصادرات والاستثمار، في الوقت الذي شهدت فيه إسبانيا أسرع نمو اقتصادي منذ عام 2015، كما اكتسبت اقتصادات بعض الدول الأخرى الزخم الذي كانت تتطلع إليه. وعلى الرغم من استمرار معدل البطالة في ألمانيا بالتراجع، إلا أن الاقتصاد الأكبر في منطقة اليورو، عانى وبشكل مفاجئ من تباطؤ على خلفية تأثر الصادرات التي تشكل أساس الاقتصاد الألماني، من ارتفاع قيمة اليورو أمام العملات الرئيسة الأخرى لاسيما الدولار الأميركي. أما بالنسبة للنتائج المالية التي حققتها الشركات في منطقة اليورو، والتي تعكس ضعف الاقتصاد أو قوته، فقد جاءت وبشكل مثير للاهتمام قوية ومشجعة. وجاءت أرباح الشركات قوية في معظم القطاعات الاقتصادية، وسجلت كل الشركات الناشطة في قطاعات البضائع الفاخرة، والمواد الغذائية، والتوظيف والمواد الكيميائية، نتائج مالية جيدة خلال الربع الثاني من العام، في حين كان قطاع صناعة السيارات هو القطاع الوحيد المخيّب للآمال. إن هذا الأداء المتواضع لهذا القطاع قد يثير قلق المسؤولين في ألمانيا، بما إن قطاع صناعة السيارات الألمانية يوظف 20 في المئة من القوى العاملة الألمانية بأكملها. وفي هذا الوقت أعرب رئيس البنك المركزي الأوروبي، ماريو دراغي، عن ثقته من أن الانتعاش القوي وواسع النطاق سيمتد إلى النصف الثاني من العام، في حين سيساهم انتعاش سوق العمل وتعويض فجوة الإنتاج في ارتفاع معدل التضخم بشكل مستدام. ولا بد من الإشارة إلى أن المشاعر الإيجابية بين القطاعات الصناعية والمستثمرين، وصلت في شهر يوليو الماضي إلى أعلى مستوى لها خلال عقد من الزمن، في الوقت الذي أكدت معظم المصانع في مختلف القطاعات الصناعية، أنها تعمل بقدرة أعلى، بالتزامن مع ارتفاع التقديرات لأسعار بيع المنتجات في جميع القطاعات. ولقد كان التضخم هو النقطة الشائكة في هذا الانتعاش الاقتصادي، بحيث لم تنتقل حتى الآن أي ضغوطات سعرية أو أسعار المدخلات إلى المستهلكين. ومما لا شك فيه أن هذا الواقع يشكل خبراً ساراً بالنسبة للمستهلكين، إذ أظهرت البيانات الاقتصادية استقرار معدل التضخم عند 1.3 في المئة خلال شهر يوليو الماضي، وهو مستوى أقل من المعدل المستهدف للبنك المركزي الأوروبي والذي يعادل نسبة 2 في المئة. وينبغي أن تشكل نقطة الالتقاء بين جميع القطاعات الصناعية، مؤشراً إيجابياً بالنسبة للمستثمرين في قطاع الأسهم، ومن شأن ارتفاع أرباح الشرکات أن یجعل تقییم الأسهم، الآجلة أكثر جاذبية بشكل نسبي، بالمقارنة مع المناطق الأخرى لاسيما أسواق الأسهم الأميركية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن ردة فعل البنك المركزي الأوروبي الصامتة على أي تغيير في سياسته النقدية، يجعل من قطاع الأسهم الأوروبية أكثر جاذبية للمستثمرين الدوليين. * رئيس إدارة المحافظ والصناديق في شركة رساميل للاستثمار @Rasameel

مشاركة :