لا تخبر أحدا بما فعلت والواعظ التائب

  • 8/7/2017
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

تقول القصة، إن رجلا كريما صادف في سفره رجلا يحتضر من العطش تحت شجرة، فسارع إلى إنقاذه بالماء والطعام حتى قوي واستقام حاله، وفي غفلة من الكريم قفز الرجل على ناقة الكريم التي تحمل زاده في سفره وفرّ بها، فصرخ به الكريم قائلا بما صار حكمة بين العرب: «لا تخبر أحدا بما فعلت فتذهب المروءة بين العرب». لا أعتقد أن علماء الاجتماع -مهما أوتوا من الحكمة- كانوا سيصلون إلى هذه القاعدة المجتمعية العظيمة، والكفيلة بتقليل انتشار العادات السيئة والأخلاق الوضيعة، كما وصل إليها هذا الكريم الذي لم تهمه نفسه ومصيرها، بقدر ما أهمه ذهاب الأخلاق والجود والطيب من تصرفات الناس. لقد أدرك هذا الرجل الذي لم تؤكد المصادر اسمه، ولكنها اتفقت على فروسيته وحكمته، أن انتشار الأخبار والقصص مثل قصته ستمنع الناس عن فعل المعروف، فسيخاف الناس من إنقاذ رجل ملقى على طريق، لأن شخصا أخبرهم عن تجربة معروف انتهت نهاية سيئة. في الواقع، في عصر قنوات التواصل وإدارتها من مئات الجهال في مجتمعنا، بل حتى في الواقع عبر المناسبات التي تقيمها المحافظات في الصيف والربيع، حتى أصبحت أمنية هذا الكريم شبه مستحيلة، فالناس يتناقلون هذه الأفعال حتى صار بعضها أشبه بنكتة يضحك الناس فيها على الطيبين والصالحين، وكيف استغلهم مجرم ما، ويتحول فيها المجرم إلى «ذيبان». كما رأينا عندما ظهر أحد التائبين وهو يحكي أمام جمع من الشباب كيف كان يغافل رجال الأمن، ويسوق بعض النصائح عيانا بيانا لكيفية الإفلات منهم، بينما تتعالى صرخات الشباب إعجابا، ليس بالتائب الواعظ بل بماضيه المخزي. ومثل هذا الواعظ التائب الاستاند كوميدي، والذي أصبح مهنة رائجة يسوق فيها مواقف وتجارب مخجلة على سبيل الإضحاك. لا شك أنك لا يمكن أن تمنع حدوث أو انتشار مثل ما سبق، لكنك تستطيع مراقبتها ومساءلة من قدّم، بل وضع معايير لخروجهم إلى الناس، خصوصا أن لدينا جهات رقابية عدة نستطيع تفعيل دورها، ونحن مقدمون على ثورة في الترفيه ونشر الثقافة والتجمعات داخل السعودية، ستدعو كثيرين إلى عرض بضائعهم، والتي يجب قبل عرضها وخلال عرضها أن تخضع للرقابة، حماية للمجتمع وشبابه.

مشاركة :