كرة السلة السورية تتحدى الظروف لتعود إلى المنافسة

  • 8/7/2017
  • 00:00
  • 18
  • 0
  • 0
news-picture

يمرر الشاب خليل خوري كرة سلة بين رجليه بسرعة وخفة في صالة رياضية في دمشق تبدو فيها بوضوح آثار الإهمال، خلال تدريبات للمنتخب السوري لكرة السلة الذي يحاول التأقلم مع تراجع عدد مزاولي هذه اللعبة منذ بدء النزاع في البلاد، وتثبيت حضوره في المنافسات الخارجية. وفقدت كرة السلة، إحدى أكثر الرياضات شعبية في سورية، عشرات اللاعبين منذ العام 2011، بسبب الهجرة إلى الخارج، أو الالتحاق بالخدمة العسكرية. في صالة «الفيحاء» الرياضية في دمشق، يتدرب خوري (19 عاماً) مع زملائه في ظروف غير مثالية كانقطاع في التيار الكهربائي، ونقص المكيفات للتخفيف من حرارة الصيف، أو حتى سماع أصوات الطائرات الحربية وسقوط قذائف «هاون» في أماكن قريبة. وانعكس نقص اللاعبين تفاوتاً بين أعمار أفراد المنتخب الذي يحاول التغلب على هذه الصعوبات استعداداً لخوض غمار بطولة آسيا في كرة السلة التي تقام في لبنان بين الثامن والـ 20 من آب (أغسطس) الجاري. ويقول خوري على هامش التدريب «أنا أصغر لاعب في المنتخب، وزميلي ميشيل معدنلي يكبرني بحوالى عشرين سنة». ويضيف اللاعب ذو اللياقة البدنية العالية، والذي انتقل مباشرة من منتخب الأشبال إلى المنتخب الأول، إن «الكثير من اللاعبين هاجر خارج البلاد، والكثير منهم ذهب إلى الخدمة العسكرية، لذا من الطبيعي أن يبقى اللاعبون حتى عمر متأخر، لكن هذا سيؤثر على اللياقة البدنية، وسيظهر حين نلعب مع فرق فتية أو شابة». ويشير الأمين العام لاتحاد اللعبة دانيال ذو الكفل إلى أن كرة السلة السورية «خسرت أكثر من 120 لاعباً هاجروا إلى الخارج». إلا أن تأثيرات النزاع السوري لم تقتصر فقط على اللاعبين، بل تعدته إلى المدربين وقدرتهم على تمرين لاعبيهم بالشكل المطلوب للمنافسة. وفي صالة «الفيحاء» يتولى المدربان السوري هادي درويش والصربي نيناد كرزيس تدريب اللاعبين، ويعطيان توجيهاتهما بشكل متواصل. ويقول درويش الذي لا تفارق الصافرة يديه «الحرب أنتجت العديد من الأشياء التي أثرت على المنتخب، ليس فقط اللاعبون هاجروا، المدربون أيضاً، ومن بقي يصعب إحضاره إلى الملعب من أجل التدريبات بسبب الحال الأمني». ويضيف «أصبحت الخيارات بالنسبة إلى المدربين قليلة جداً». إلى ذلك، تضاف صعوبات تنظيم معسكرات خارجية تدريبية للاعبين، لاسيما قبل البطولات المهمة. ويوضح درويش «المعسكرات حالياً صعبة ومكلفة على الصعيد المادي، ولا يمكن للاعبين السفر»، معتبراً أن «هنالك شبه حصار والكثير من الدول لا تستقبلنا والتأشيرات صعبة وتأخذ وقتاً طويلاً»، إلا أن «تحدينا هو أننا نبني شيئاً، نبني فريقاً وطنياً جاهز للمنافسة ولتمثيل الدولة في أحسن طريقة». وبعيد اندلاع النزاع في آذار (مارس) 2011، توقف دوري كرة السلة السوري، واستعيض عنه لاحقاً بمنافسات محلية في كل محافظة. وعاد الدوري رسمياً في العام 2015. ويقول اللاعب أنطوني بكر (24 عاماً) «أول الأزمة كانت الأمور صعبة جداً، وتوقف دوري كرة السلة لمدة عام، وباتت كل محافظة تلعب لوحدها»، ليضاف إلى ذلك «سفر كل اللاعبين الأجانب». يتبادل بكر الكرات مع زملائه، قبل أن يجد طريقه بسهولة إلى السلة نظراً لطوله الفارع الذي يتجاوز 199 سنتيمتراً. ويشير إلى أن هذه العوامل «انعكست بشكل سلبي على مستوى الدوري... ليس سهلاً أن تقنع لاعباً أجنبياً بالبقاء للعب في بلد حرب، إلا أن نقص اللاعبين ليس المشكلة الوحيدة للعبة في سورية». فعلى سبيل المثال، على ذي الكفل الذي يتولى بشكل متواصل تدوين ملاحظاته على تمارين اللاعبين، أن يهتم أيضاً بتوفير المحروقات للمولدات التي تغذي الصالة الرياضية بالطاقة الكهربائية في حال انقطاع التيار، وهو ما يتكرر بشكل كبير خلال الأعوام الاخيرة. وتعاني صالة «الفيحاء» من آثار انعدام الصيانة، إذ تعطلت فيها بعض مكيفات الهواء ولم يتم إصلاحها، وبدت كراسي مدرجاتها قديمة. كما أن الشبك المعلق بسلتي الملعب، يبدو قديماً ومتسخاً. وعلى بعض جدران الصالة، ترتفع ملصقات لإعلانات تجارية ورياضية يعود تاريخ بعضها إلى العام 2010، وصور صغيرة للاعبين بارزين اعتزلوا اللعبة مثل أنور عبد الحي. وفي انعكاس مباشر للنزاع على اللاعبين، تسمع أحياناً على هامش التمارين أصوات الطائرات الحربية التابعة لقوات نظام الرئيس بشار الأسد وهي في طريقها إلى قصف مناطق قريبة من العاصمة، أو أصوات قذائف «هاون» يطلقها مقاتلون معارضون باتجاه دمشق. ويقول دانيال «في هذا المكان حيث أقف سقطت قذيفة هاون، وهناك قذيفة أخرى، وفي محيط الصالة سقطت عشرات القذائف». ويضيف «الأمر ليس سهلاً وإن اعتدنا عليه... إنها الحرب، لكن حتى في غياب الأصوات، لا تغيب تداعياتها». فأثناء تدريب مسائي في الصالة الخالية من أي متفرج باستثناء عدد من مسؤولي الاتحاد، ينقطع التيار الكهربائي، ما أدى إلى وقف التدريب مبكراً بعدما تسبب عطل بعدم تشغيل المولد الكهربائي. منهكاً، يجثو اللاعب مجد عربشة (28 عاماً) على ركبتيه، محاولاً التقاط أنفاسه بعد الحصة التدريبية. ويقول «أفتقد أصدقائي... أشتاق إليهم بعدما ربينا سوياً (...) وأفتقد أكثر للجمهور والصالات الممتلئة». ويضيف «كرة السلة ترسم بسمة، لكنّها اليوم غصّة في حناجرنا».

مشاركة :