يعيش لبنان تعطيلا شاملا لمؤسساته الدستورية.. فالفراغ مستمر في الرئاسة الأولى فيما عمل الحكومة مشلول وخصوصا بعد أن رفض رئيسها تمّام سلام الدعوة لانعقاد مجلس الوزارء حتّى يتمّ التوافق على ملفات عدّة مطروحة منها ملف الجامعة اللبنانية وتفرّغ أساتذتها، أما الجلسة التشريعية للبرلمان اللبناني فمصيرها مجهول لغاية اليوم وهي جلسة ضرورية من المفترض أن تبتّ برواتب موظفي الدّولة وإصدار "اليوروبوند" لتمويل الدّين العام بالعملات الأجنبيّة. كلّ هذا التعطيل يتمّ على وقع توتّرات أمنية تمتدّ من عاصمة الشمال طرابلس الى الجنوب. ومنذ أيام عدّة بدأت الحرب على غزّة ولها انعكاسات في لبنان وخصوصا عند الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلّة وذلك بعد أن تجدّد قصف "الكاتيوشا" المجهولة المصدر من سهل القليلة في صور نحو شمال فلسطين، ما أدرى الى ردّ جيش الإحتلال الإسرائيلي عبر قصف بعض المناطق الجنوبية. وفي ظلّ الفراغ الحاصل، حذّر السفير الفرنسي في لبنان باتريس باؤلي بمناسبة ذكرى 14 تموز من انعكاس الفراغ توترا أمنيا شاملا، وقال بالمناسبة: "إن الإنتخابات الرئاسية ضرورية ولا يستطيع لبنان تخطي وجود 3 رؤساء للجمهورية ولمجلس النواب وللحكومة يعملون ويتفاعلون من أجل مصلحة لبنان، ليس طبيعيا أن يعتاد لبنان على هذا الوضع الخطير بنظرنا، بالنسبة إلينا فرئيس الجمهورية هو حجر الأساس في النظام اللبناني وانتخابه هو الأولوية بنظرنا كأصدقاء للبنان وليس من أولوية تسبق ذلك. ليس لدى فرنسا مرشحين مفضلين وهي لا تضع "فيتو" على أحد، يكفي أن ينال مرشح ما أكثرية نيابية لكي ينتخب". وحذّر باؤلي بأنّ "الإنقسامات السياسية تضعف عمل الحكومة الحالية مع مرور الوقت، وتضعف مستوى الترابط في المؤسسات وفي الأجهزة الأمنية والدليل ما يحصل اليوم في طرابلس. من الوهم الحفاظ على المكتسبات المذكورة والحفاظ على وحدة المؤسسات بلا انتخاب رئيس". كلام باؤلي يعكس تطورات أمنية خطرة تحصل اخيرا وتبرهن صعوبة تثبيت الإستقرار الأمني في البلاد ففي البقاع الشمال هجمات تشنّها "جبهة النصرة" وحلفاؤها من الجرود من جنوب لبنان، وفي البقاع الشمالي اشتباك مسلح بين "حزب الله" و"جبهة النصرة" ما يصعد المخاوف الأمنية بشكل ملحوظ. وأمس قال مسؤول سياسي في قوى 8 آذار ل"الرياض" بأنّ الوضع الأمني مقلق جدّا وأنّ فترة الهدوء التي نعم فيها لبنان منذ تشكيل حكومة الرئيس تمّام سلام يبدو بأنها تبدّدت من هنا فإن الحذر واجب وهو ما يزيد من المسؤولية السياسية وخصوصا لجهة التعجيل بملء فراغ المؤسسات". من جهته رأى النائب عاصم عراجي من كتلة "المستقبل" ان "ما يحصل في القلمون، هو عودة فصائل المقاومة السورية للقيام بعمليات كر وفر مع قوات جيش النظام الموجودة هناك مع عناصر حزب الله، ويتبين من خلال تجدد المعارك أن قوات النظام و"حزب الله" لا يسيطرون على المنطقة، وأكبر دليل كان المعارك الكبيرة التي حصلت أول من أمس". وقال ان "حزب الله" عندما دخل الحرب في سورية أوقع نفسه بمشكلة كبرى كما أوقع البلد، وكنا نحن بغنى عن المعارك التي تحصل، مؤكدا "أن الحزب أدخل لبنان في أتون الحرب السورية، وما أريد قوله أنه كان من المفروض أن ينأى لبنان بنفسه عن الحرب السورية، لأنه بمجرد دخول قوات "حزب الله" وبعض الجماعات سواء مع المقاومة أو مع النظام يشكل نوعا من الإستفزاز لبعض الشعب السوري" واعتبر أن "تجدد المعارك يظهر وجود نية لدى المقاومة السورية باستعادة خط القلمون الذي يشكل طريقا مهما لوصول الإمدادات للجيش السوري، محاولين قطع هذه الإمدادات"، لافتا إلى أن هذه "المعارك تظهر أنها ستطول وكنا بغنى عنها".
مشاركة :