في سابقة تعد الأولى من نوعها في تأسيس مشروع مشترك بين جهتين حكومتين، استعان صندوق تنمية الموارد البشرية "هدف" والمركز الوطني للقياس والتقويم "قياس" بنظرية الأنماط المهنية للعالم الأمريكي- الإيرلندي جون هولاند التي خرجت للنور قبل أكثر من 50 عاماً، بهدف مساعدة طلاب وطالبات المرحلة الثانوية العامة وطالبي العمل في توجيههم وإرشادهم للمسار الوظيفي المناسب لهم، بما يتوافق مع ميولهم الشخصية واستعداداتهم العقلية، مما سيساهم بشكل فعال في حفظ الطاقات البشرية والمادية الوطنية. وسيعمل المشروع الذي كشف الستار عنه الأمير الدكتور فيصل بن عبد الله المشاري في المركز الوطني للقياس والتقويم "قياس" أمس الأول، وإبراهيم آل معيقل رئيس صندوق تنمية الموارد البشرية "هدف" بمسمى: مشروع إعداد الميول والقدرات المهنية، على قياس وتحديد الميول والقدرات المهنية لدى الأفراد على المستويين المحلي والعربي، كونه مبنيا على أُطر نظرية صحيحة وأُسس علمية معتمدة من صندوق تنمية الموارد البشرية. وفي الإطار ذاته، قال الأمير الدكتور فيصل بن عبد الله المشاري رئيس مركز "قياس" رداً على سؤال "الاقتصادية" بأن المشروع والمقياس الخاص به ليس وليد الساعة بل بني على نظرية "هولاند"، ومن خلفية علمية بحتة لتحديد الأنماط المهنية للطلاب، لافتاً إلى أنه يوجد لدى أبناء المجتمع إشكالية كبرى في اختيارهم للتخصصات العلمية التي يرغبون بها، حيث إن الفرص الوظيفية هي التي توجههم للتوظيف وليست الرغبة الشخصية، مبيناً أن توجه الطلاب نحو التخصصات العلمية يكمن في المقام الأول على أساس الراتب، مؤكداً أن هذا المشروع سيساعد الشباب على معرفة ميولهم واتجاهاتهم نحو المهن المختلفة التي يرغبون بها، عن طريق اختبار مجاني يتخلله أسئلة محكمة تتعلق بالشخصية والصفات والقدرات والمواهب الخاصة، لكي يتم تحليل الإجابات في النهائية لتحديد مسار الطالب وتخصصه الملائم والأنسب له. بدوره، قال إبراهيم آل معيقل رئيس صندوق تنمية الموارد البشرية "هدف" رداً على سؤال "الاقتصادية"، إن المشروع لا يعد اختراعاً سعودياً، بل إنه مشروع عالمي ومعروف، ولكن الابتكار السعودي جاء في إضافة بعد آخر للوقوف على حجم تدخل أفراد المجتمع في اختيارات الأبناء وتحديد تخصصاتهم عنهم، مضيفاً: "المشروع عبر الأسئلة سيستجوب الطلاب لمعرفة أن اختيار التخصص جاء بناء على رغبة شخصية أم العكس، فمثلاً سيكشف البرنامج عن تطلع طالب لمجال معين ميكانيكي سيارات مثلاً، ولم يختره بسبب تأثير أهله، ما أدى به لاختيار تخصص آخر". وأكد آل معيقل أن البرنامج فيما لو نجح وكان تعامل الطالب معه صحيحاً بدون تضليل فإنه سيعمل على خطفهم من كراسيهم الدراسية قبل تخرجهم، وكل هذا نتاج نظرية هولاند. وفي إطار آخر، أشار آل معيقل إلى أن الثقافة المجتمعية أدت إلى زج أكثر من 90 في المائة من النساء في مهنة التدريس، لافتاً إلى أن هذا الضغط المجتمعي يعتبر "تشويشا" على القرار الشخصي، أدى إلى وجود أعداد كبيرة من النساء عاطلات كون قطاع التعليم ممتلئا ومكتفيا تماماً فلم يعد يستوعب الأعداد الهائلة من الراغبات في شغل وظائف تعليمية دون الأخرى، مشيراً إلى أن 73 في المائة من النساء المسجلات في حافز يرغبن العمل بالدرجة الأولى معلمات في مدارس حكومية، مشيراً إلى أن هذا أمر خاطئ ولا يعكس الرغبة بقدر ما يعكس أمورا أخرى، موضحاً أن بعد هذا الضغط على هذه المهنة سيستوجب علينا تحويل كافة قطاعات الدولة ومنشآتها إلى مدارس. وبين آل معيقل أن البرنامج الجديد يعد أداة فعالة لمساعدة الطلاب الباحثين عن عمل لتحديد أدق المسارات الوظيفية المناسبة لهم، مبيناً أن الأداة لن تعطي نتائج دقيقة 100 في المائة، ولكنها ستخرج بالنتيجة الأقرب في استكشاف جوانب القوة والرغبة لدى الطالب، لكي يبدأ بعدها بالتركيز على هذه الجوانب لتغيير مسار حياته في المستقبل وهو مقتنع به، بدلاً من الخوض في تخصص ومسار لا يناسبه ولا يرغب فيه، لافتاً إلى أن كثيرا من الطلاب والطالبات يختارون التخصصات بناء على طلب أهاليهم، مبيناً أن المشروع سينطلق قريباً بعد أن طبق تجريبياً على ستة آلاف طالب وطالبة من مختلف مناطق السعودية، كما سيستقبل المركز والصندوق كل الاقتراحات لتطوير المشروع لأخذها بعين الاعتبار قبل إطلاقه بشكل رسمي.
مشاركة :