في زحمة أو زخم الانتصار العربي والإسلامي والعالمي للمسجد الأقصى المبارك باعتباره «خطاً أحمر» أخشى في الحقيقة مع تغيير الألوان بتغير الفصول، أن يكون المسجد فقط هو «الخط الأحمر» وما عداه من أرض فلسطين بما فيها القدس خطوط وهمية أو همايونية أو بلا لون!والحاصل أنني بحثت في معنى «الخط الأحمر» ومن الذي لوَّنه أو وضعه وعلى أي أساس فلم أجد! لكنني أثناء البحث وجدت الجامعة العربية تقول إن المسجد الأقصى خط أحمر، مثلها مثل منظمة التعاون الإسلامي والبرلمان التركي ومجلس النواب الأردني وغيرها من مؤسسات .وهنا يبرز السؤال: ماذا لو أن إسرائيل لم تقترب من المسجد الأقصى؟! وبعبارة أوضح هل الأقصى «المبنى» هو الخط الأحمر، والأقصى «المعنى» خط أبيض أو أخضر؟ وبعبارة أوضح وأوضح طالما نتحدث عن الألوان الساطعة: هل يعني تعهد إسرائيل بعدم إغلاق الأقصى ينفي أو يعني زوال كل الخطوط الحمراء من أو عن القدس وبقية الأراضي الفلسطينية؟!وبالجملة هل يتلخص الصراع العربي الإسرائيلي في ملكية أو حيازة أو تبعية أو الإشراف على المسجد الأقصى؟ أم أن المسألة تتعلق بعاصمة سُرقت وبأرض احتلت وبشعب تشرد؟!أغلب الظن وبعضه إثم أن معظم الهيئات كانت تقصد المسجد، والمسجد فقط خوفاً من انفجار الأوضاع وتأجج المشاعر العربية والإسلامية والتي ثبت أنها مازالت موجودة.هذا فيما يتعلق بنا، أما ما يتعلق بهم فإن المسألة تجاوزت المسجد والقدس ذاتها، والأرض كلها، وفلسطين نفسها، الى ما هو أبعد!لقد عاد حديث المشروع الصهيوني من جديد وبصوت مسموع، على وقع محاورات تدور حالياً بين وزير المعارف الصهيوني نفتالي بنيت، ورئيس الحكومة الصهيوني بنيامين نتنياهو. وفي السباق المحموم وبجليطة معتادة ورغم حديث الصحف والإذاعات الصهيونية صباح مساء عن قرب تعاون عربي إسرائيلي في كافة المجالات، وضع نتنياهو بالأمس حجر الأساس لمستوطنة جديدة - على سبيل التسلية وقضاء وقت الفراغ- في الضفة الغربية!كنت أتأمل في سر الجليطة والفجر ،عندما قرأت دراسة أعدها الزميل والأديب مرزوق الحلبي في صحيفة «الحياة» يصف فيها واقع المجتمع الإسرائيلي الآن، حيث طرأ عليه عاملان مهمان يصبان في المشروع الصهيوني الاستحواذي بحيث يصل في مرحلته المقبلة الى نهر الأردن!هذان العاملان هما: تصالح الفئات الإسرائيلية الوسطى أو الوسطية «عندهم» مع مشاريع الاحتلال والاستيطان! وتصالح الفئات المتشددة التي لم تكن صهيونية مع الدولة ومع الصهيوينة!من هنا كما يقول الحلبي فإن وجهة نظر إسرائيل الرسمية تفضي الى مواجهة مع الشعب الفلسطيني بين الموت قهراً وبين الترانسفير «التهجير»!أما مسألة الأقصى والقدس على أهميتهما فينبغي ألا تصرف أنظارنا عما هو آت من دورة غير مسبوقة للعنف حد الرعب! وأما المراهنة من جديد على تغيير القيادة في حزب العمل أو على إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فتبدو منزوعة من السياق ولأنها تعكس الأماني العراض لا الواقع التصعيدي!هذا عنا كعرب وعنهم كصهاينة أما عن المرابطين هناك حول الأقصى فحدث ليس فقط بلا حرج وإنما بكل ثقة ولا فزع..إنهم يذودون عن الأقصى المعنى وليس المبنى فقط! ولأنهم كذلك سيبقون غصة في حلوق الصهاينة والمتصهينين!بحثت عن معنى الأقصى فوجدت أنه المبنى الذي يضم كل ما حوله من السور ، وهو يشمل قبة الصخرة والجامع القبلي إضافة الى 200 معْلم أخرى بما فيها المساجد الأخرى كالمرواني، فضلاً عن المباني والقباب والأروقة والمصاطب والتكيات وسبل المياه والمنابر والمكتبات.وبحثت في معنى القدس فوجدتها ترتبط بدلالة المكان بما فيه من كنيسة القيامة وكنيسة المهد وأسوار عكا وجامع الجزار ومسجد الخليل وكهوف أريحا..إنها القدس ميلاد المسيح عيسى وإسراء محمد ،ثم بحثت لغوياً عن العلاقة بين المبنى والمعنى فوجدت ابن رشيق يقول: إن اللفظ جسم وروحه الجسد.. وهما متلاحمان يستحيل التفريق بينهما.. ووجدت كذلك أن نجاح أي عمل أدبي يتوقف على الملاءمة بين عنصري المبنى والمعنى.. وهكذا كل عمل عظيم.. وهكذا العلاقة بين الأقصى والقدس وفلسطين.
مشاركة :