أكد عدد من الأكاديميين زيف الدعوات التي يروج لها الخارجون عن مذهب أهل السنة والجماعة بأساليب فكرية متنوعة عبر مواقع الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي للتغرير بعقول شباب المسلمين وجرهم إلى ويلات الحروب تحت شعارات بعيدة كل البعد عن الدين الإسلامي ولا تمثل إلا أهدافهم الشخصية التي تخدم أهداف أعداء الأمة الإسلامية. وأوضحوا في تصريحات لوكالة الأنباء السعودية، أن مثل هذه الدعوات التي تستهدف المجتمع الإسلامي عامة والشباب خاصة ليس وراءها إلا هدم المجتمع وتفككه وإحلال أمنه واستقراره، فضلا عن أن مثل هذه الدعوات التي تستغل الدين والعاطفة في رسائلها باتت مكشوفة الأهداف أمام كل من يملك الوعي والإدراك لأمور دينه ودنياه. حروب مصطنعة فقد أوضح وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لشؤون المعاهد العلمية الدكتور إبراهيم بن محمد الميمن، أن المصطلحات الشرعية التي يستخدمها الأعداء لجر شبابنا إلى ويلات الحروب المصطنعة تحت شعار الجهاد، باتت واضحة ولا يمكن أن تمر على الإنسان العاقل المتزن الذي يدرك أمور دينه ويعرف الدروس المتكررة من مثل هذه المزايدات التي دفع الشباب ثمنها من ماضيهم الذي غدا مليئا بالمخالفات والبعد عن العلماء. وقال الدكتور إبراهيم الميمن، لقد روي عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنه قال: «بينما نحن عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يقسم قسما، أتاه ذو الخويصرة وهو رجل من بني تميم فقال: يا رسول الله اعدل! فقال: (ويلك! ومن يعدل إذا لم أعدل، قد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل) فقال عمر: يا رسول الله ائذن لي فيه فأضرب عنقه، فقال: (دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية»، مبينا أن الحديث أظهر أن المعيار الديني الصحيح ليس بكثرة التدين الذي لا يبنى على أساس، إنما بموافقة ما جاء في كتاب الله عز وجل وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى فهم سلف الأمة مثلما جرت عليه دول المسلمين في مختلف العصور. وأضاف إن المملكة العربية السعودية أكبر مثال على تطبيق عملية الجماعة والإمامة بمدلولها الشرعي، فهي بما قامت عليه من ثوابت وما سارت عليه من نهج تعد مثالية، ومع ذلك يستهدفها أصحاب هذه الأفكار والجماعات من الخوارج ويتحدثون بشعار الدين وكأن الأمة الإسلامية تعيش في بعد تام عن الإسلام، وهذا أمر غير صحيح. ودعا الشباب إلى عدم الانقياد أو الاستماع لمثل هذه الأقاويل المضللة، حتى لا يكونوا سلعا تباع في أيدي أعداء الأمة الإسلامية والمملكة خاصة، لافتا النظر إلى أن هذه المصطلحات التي يستخدمها الأعداء تستميل عاطفة الإنسان للتحرك وهي ليست بمعيار التدين الحق. دعاوى مضللة من جانبه أوضح عميد كلية أصول الدين في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله الهليل، أن أعداء الإسلام والمسلمين أدركوا ما تعيشه هذه المملكة من أمن وأمان وإقامة لدين الله تعالى وتحكيم لشريعته ورفعة لدينه، فأرادوا أن يثيروا الفتنة بين أفراد هذا المجتمع وخصوصا الشباب. وقال إن المملكة بلد الأمن وتطبيق الشريعة الإسلامية ورعاية شؤون الحرمين الشريفين وقبلة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وما نعيشه من أمن واطمئنان وسعة في الرزق وانتشار للخير، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- ووجود مؤسسة علمية ومرجعية في الفتوى تحظى بالثقة والتقدير من جميع المسلمين في داخل البلاد وخارجها، تستوجب علينا أن نشكر الله تعالى عليها وأن نسعى في المحافظة عليها وتثبيتها وحمايتها من العوادي. وأضاف إن الله تعالى أمر المسلمين الصادقين بالاجتماع ونهاهم عن التفرق والاختلاف فقال تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) وأمر بطاعة ولاة الأمر إذ بطاعتهم يتحقق الأمن وتجتمع الكلمة فقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم). وبين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حذر أمته من الخروج على ولي الأمر أو مفارقة جماعة المسلمين فقال صلى الله عليه وسلم: من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية، ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة فقتل فقتلته جاهلية. وأشار إلى أن من أبرز أسباب تأثر من تأثر من الشباب بهذه الدعاوى المضللة، هو حماسة بعضهم التي لم يتم ضبطها بميزان الشرع، وقلة العلم بهذه المسائل لمن خاض فيها أو ثأثر بها، والانعزال عن العلماء الراسخين الذين يبينون الحق في هذه الفتن الكبيرة، داعيا إلى رفع الوعي الأسري والمجتمعي بخطورة هذه الأفكار. استهداف قناعات الشباب بدوره قال أستاذ علم الاجتماع في جامعة الملك سعود الدكتور سليمان بن عبدالله العقيل، إن شبابنا وشاباتنا السعوديين هم وقود المجتمع وقاعدته التي ينطلق منها مستقبل الأمة الواعد، لذلك كان من المفيد للعدو العبث بمستقبل هذه البلاد من خلال العبث بهم، مشيرا إلى أن الأعداء يختطفون أحلام الشباب ويغررون بهم عاطفيا، ليتكون في أنفسهم الولاء والاستعداد للفداء دون مقابل. وأفاد أن أعداء الوطن يشنون على شبابنا وشاباتنا حملات تستهدف تغيير قناعاتهم حول العديد من القضايا الدينية والاجتماعية كالعادات، والتقاليد، إضافة إلى إيجاد عداوات وأحقاد بين أبناء المجتمع بالتركيز على السلبيات التي تحدث في كل مجتمع دون استثناء وليس المجتمع السعودي فحسب وتضخيمها، والتقليل من شأن المجتمع وتاريخه وثقافته وواقعه، عبر مقارنات مع مجتمعات أخرى تفتقد للمنطق. وبين أن هذه الحملات تستخدم أساليب أخرى تتمثل في زرع العداء بين أبناء المجتمع وولاة الأمر من خلال أطروحات مشوهة للواقع يتخللها استشهادات توصف بأنها شرعية وهي باطلة، أو عن طريق استخدام حيل الخيال الذهنية التي تنقل بعض الشباب إلى واقع مختلف تماما. وأكد أن وقاية مجتمعنا وشبابنا من هذه الانحرافات الفكرية والعقدية وغيرها لا يكون إلا بفضل الله ثم بإعادة ترسيخ ثقافة المجتمع السعودي وهو ليس بالأمر الصعب لأنه مشهود لهم الولاء والحب للدين ثم المليك والوطن، مشيرا إلى أن هذه المشاعر توارثوها من الآباء والأجداد الذين عاشوا الجوع والخوف في حقب ماضية حتى من الله عز وجل على البلاد بالملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- ووحدها تحت راية التوحيد، ثم أرسى قواعدها وشيد عمارتها ونهض بشعبها. وأرجع المشرف العام على الإدارة العامة للإعلام الجامعي، الرئيس التنفيذي للجمعية السعودية للعلاقات العامة الدكتور عبدالرحمن النامي، سبب انتشار مثل هذه الدعوات الباطلة إلى التطورات التكنولوجية والاتصالية التي استغلها الأعداء في بث أحقادهم على المجتمع السعودي من خلال شبابه، فسعوا لتوظيف وسائل التواصل الاجتماعي للتأثير عليهم ودفعهم إلى الانخراط فيما يسمى العمليات الجهادية، أو استخدامهم وسيلة تنفيذ لأعمال إجرامية لا يعي الشباب خطورتها في البداية. وقال: إن المتتبع لوسائل التواصل الاجتماعي وما يبث فيها يجدها على نوعين: النوع الأول واضحة أهدافه ومقاصده وهو التأثير في الشباب وخاصة الشباب المراهقين من أجل استقطابهم لتلك الفئات الضالة وتوظيفهم لتنفيذ أعمال إجرامية. وأضاف إن النوع الثاني لا يخرج عن إحدى الفئتين التاليتين: الأولى الجهلة والسذج الذين تنطلي عليهم الأفكار المنحرفة والغايات المبطنة، ويروجون لتلك الرسائل التي تأتي من وسائل التواصل الاجتماعي بين الشباب ويبرزونها على أنها هي الرسائل الايجابية والقدوة الحسنة، والثانية الفئة الحاقدة التي تهدف لتقويض أركان المجتمع السعودي ليعم البلاء بعد الأمن والخوف بعد الاطمئنان.
مشاركة :