وزير الاتصالات الإسرائيلي يقدم خدمات معلنة لقطر، والدوحة تبحث عن تنفيس أزمتها الخانقة مع الرباعي العربي.العرب [نُشر في 2017/08/08، العدد: 10716، ص(1)]محاولات يائسة القدس - لم تترك تصريحات وزير الاتصالات الإسرائيلي أيوب قره، الأحد، أي شك في أن إسرائيل تبحث عن إنقاذ قناة الجزيرة بعد أن تهاوت شعبيتها في الشارع العربي، وأن القرار بإغلاق مكتبها في القدس وإلغاء اعتماد صحافييها كان يهدف إلى إعطائها قبلة الحياة. وأعلن أيوب قره إغلاق مكتب القناة في القدس، وسحب اعتماد صحافييها، ووقف بث الفضائية لأسبوعين بزعم “قيام دول عربية سنية بإغلاق مكاتب الجزيرة لديها وحظر عملها”. وأشار الوزير الإسرائيلي إلى أن هذا الموقف مستمد من دول عربية سبق أن حجبت بث الجزيرة في أراضيها، وقال إنه “في الفترة الأخيرة اعتبر عدد من الدول العربية أن الجزيرة تدعم الإرهاب، ونحن نرى أن دولا مثل السعودية، تدعي أن الجزيرة أداة بيد تنظيم داعش، حزب الله وإيران”. وأوضح أنه سيطلب من مكتب الصحافة الحكومي سحب تراخيص العمل من صحافيي الجزيرة، لافتا إلى أنه توجه لشركات تزويد البث من الأقمار الصناعية وطلب منها حجب قنوات الجزيرة. ووصف متابعون للشأن الفلسطيني إغلاق القناة في هذا الوقت بالمسرحية سيئة الإخراج، لأن الجزيرة تولت تغطية الاحتجاجات بشأن الأقصى كالعادة أو أقل من ذلك، قياسا بأحداث فلسطينية أخرى كثيرة. وتساءل هؤلاء المتابعون عن سر مسارعة إسرائيل بتنفيذ قرار الإغلاق مع أن تهمة التحريض على الجنود الإسرائيليين ليست جديدة، وهذه المرة أخف مع قناة ميزتها إسرائيل بأن اعتمدتها لوحدها من بين القنوات العربية المعروفة دون سواها. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قال قبل أسبوعين إنه سيعمل على غلق مكتب شبكة الجزيرة في إسرائيل متهما إياها بالتحريض على أحداث العنف الأخيرة في القدس. وكتب نتنياهو على حسابه في موقع فيسبوك “لقد دعوت الجهات القانونية العديد من المرات إلى غلق مكتب الجزيرة في القدس. وإذا كان ذلك غير ممكن بسبب تفسير القانون، فإنني سأتكفل بالتصديق على القوانين المطلوبة لطرد الجزيرة من إسرائيل”. ويتزامن تضخيم دور الجزيرة مع سلسلة القرارات التي اتخذتها كل من السعودية والإمارات ومصر والبحرين ضد قطر، وأن الهدف الإسرائيلي من وراء ذلك هو الإيهام بوجود استهداف للقناة ما يرفع من أسهمها بعد أن أطاحت بها نتائج الربيع العربي، وأصبحت القناة في نظر الجمهور العربي عرابة للفوضى ومهندسة لصعود التيارات المتشددة إلى واجهة الحكم في دول مثل مصر وتونس، وصانعة للفوضى في سوريا وليبيا واليمن. ولا ينسى الإسرائيليون أن قناة الجزيرة كانت أول بوابة عربية تفتح الطريق أمام التطبيع مع إسرائيل بشكل علني ودائم. وفيما كانت القناة، ومنذ تأسيسها في 1996، ترفع من سقف خطابها ضد الدول العربية، عملت بالتوازي على استثمار “مصداقية” مهاجمة الأنظمة لاستضافة قيادات عسكرية إسرائيلية تتولى تبرير المجازر في حق الفلسطينيين، أو تعيد قراءة تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي بما يبرّئ تل أبيب ويجعل الجمهور العربي يراجع أحكامه القاطعة عنها. ويرى مراقبون فلسطينيون أن قرار إغلاق القناة قد لا يستمر طويلا، ومن المتوقع أن يتم استئنافه، وأن تتراجع إسرائيل عن الخطوة بعد أن تكون قد حققت أهدافها، وأعادت للقناة بعضا من الثقة بين جمهورها المتراجع بشكل كبير في ضوء الأزمة الأخيرة مع الرباعي العربي، والتي أضاءت الكثير من الحقائق حول دور قطر في الإساءة إلى جيرانها. وأضاف المراقبون أن الاحتفاء الكبير الذي أبدته القناة وقطر بالخطوة الإسرائيلية يكشف عن وجود طلب قطري سابق من إسرائيل بأن تقدم على هكذا خطوة ما يساعد الأسرة الحاكمة في قطر على تنفيس أزمتها الخانقة بسبب القرارات الصارمة للرباعي العربي، وكذلك في ضوء مخاوف قطرية جدية من أن تتحول التهم العربية إلى تهم دولية، وأن تخرج من البعد الإعلامي والسياسي إلى حيز القوانين والإجراءات ضد قطر خاصة تهمة تمويل الإرهاب التي لاقت صدى لدى دول غربية مهمة. يذكر أن الدوحة تولّت نسج علاقات علنية مع إسرائيل واستقبلت مسؤوليها، واستخدمت قناة الجزيرة كرافعة تطبيع مفرط جعلت من الوجود الإسرائيلي من عادات البيوت العربية. واستخدمت الدوحة علاقة الجزيرة بـ”الحالة” الإسرائيلية لحماية النظام السياسي منذ عام 1995، وأن الأمر لم يكن خيارا يلبي الاحتياجات المهنية للقناة الإخبارية فقط، بل كان يهدف إلى إظهار استعداد نظام الدوحة الجديد آنذاك بقيادة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إلى الذهاب بعيدا في كسر ما كان يعتبر من المحرمات من أجل كسب ودّ إسرائيل والمنظومة الدولية من ورائها.
مشاركة :