أوضحت دراسة بيئية حديثة تعرض نتائجها للمرة الأولى بأن الشعاب المرجانية الرئيسية (الفشوت) في مملكة البحرين قد تعرضت خلال صيف عام 2016م إلى موجة ابيضاض حادة تسببت بنفوق عدد من مستعمرات المرجان الحي. وأعرب السيد عبدالقادر خميس الذي أجرى هذه الدراسة بالتعاون مع إدارة الثروة السمكية بأن فكرة هذه الدراسة انبثقت خلال مشاركته في شهر مايو 2016م ضمن فريق الاتحاد الدولي لصون الطبيعة (IUCN) في تقييم حادثة ابيضاض المرجان في جزر المالديف. وأشار السيد عبدالقادر خميس إلى أن علماء البحار رصدوا منذ العام 2014م موجة ابيضاض مرجان عالمية أضرت بالعديد من الشعاب المرجانية في المحيطين الهندي والهادي. ولذلك، كنا نراقب عن كثب الشعاب المرجانية في البحرين تحسباً لوصول هذه الموجة إليها، وبالفعل رصدت أولى دلائل الابيضاض فيها خلال شهر أغسطس 2016م. وحينها تم التنسيق مع إدارة الثروة السمكية بوزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني الذين رحبوا بفكرة إجراء دراسة علمية متخصصة لدراسة هذه الحادثة. وفي هذا السياق، أعرب السيد عبدالقادر خميس عن اعتزازه العميق بالتعاون المثمر مع إدارة الثروة السمكية التي قدمت دعماً لوجستياً وفنياً قيماً خلال إجراء المسح الميداني مشيداً بالخبرات البحرينية المميزة التي تضمها هذه الإدارة.أجريت هذه الدراسة خلال شهر أكتوبر 2016م وغطت ستة شعاب مرجانية رئيسية تقع في المياه الإقليمية الشمالية والشرقية لمملكة البحرين. أوضحت نتائج هذه الدراسة بأن حالة الابيضاض كانت واسعة الانتشار في نطاقها، كما كانت حادة في درجتها متسببة بابيضاض وبهوت لون ما يعادل 84٪ من مستعمرات المرجان. وكان أكثر الشعاب المرجانية تضررا بالابيضاض هو تغيلب (94٪) في حين كانت أم جيليد أقلها تأثراً (31٪). وقد تسبب الابيضاض بنفوق قرابة 6٪ من مجموع مستعمرات المرجان الحي، في حين تعرض عدد آخر منها لموت جزئي. ويعتقد بأن ارتفاع درجة حرارة مياه البحر خلال الصيف الفائت كانت العامل الرئيسي الذي تسبب في موجة الابيضاض، حيث أكدت صور الأقمار الصناعية بأن درجة حرارة الماء تجاوزت 34م خلال شهر أغسطس 2016م. وفي هذا الصدد، يشير السيد عبدالقادر خميس إلى أن نسبة النفوق التي سجلت خلال هذه الدراسة تعتبر غير عالية وأقل من النسبة التي سجلت في البحرين خلال ثمانينات القرن الماضي، بل إنها أقل أيضاً من النسبة المرتفعة التي لاحظتها قبل عدة أشهر في الشعاب المالديفية.وعلى الرغم من الحدة العالية لموجة الابيضاض، إلا أن أغلب المرجان الحي في فشت العظم استطاع أن يجتاز هذه الموجة واستعاد لونه الطبيعي مع قدوم شهر ديسمبر 2016م. هذه النتائج تدعم الاستنتاجات العلمية السابقة بأن أنواع المرجان التي تتواجد في الخليج العربي تعد من أكثر أنواع المرجان في العالم تحملاً للاجهاد الحراري. ولذلك، تحظى أنواع المرجان والطحالب المتكافلة معها في الخليج العربي باهتمام علماء المرجان الدوليين حيث يعدونها أحد الخيارات المتاحة لانقاد الشعاب المرجانية في المناطق الأخرى من العالم من مخاطر الاندثار بسبب ظاهرة تغير المناخ. ويتوافق هذا مع مقولة خبير المرجان البريطاني البروفسور كارلوس شيبرد الذي أشار إلى أن «مجموعة أنواع المرجان التي تعيش في الخليج العربي تكيفت بصورة جيدة مع درجات الحرارة المرتفعة. فعلى سبيل المثال، تستطيع العديد من أنواع المرجان بالبحرين تحمل درجات حرارة في كل عام بمعدلات سبق وأن تسببت في العام 1998م بنفوق نفس الأنواع من المرجان في المناطق الأخرى من المحيط الهندي».ويقود هذا الى الاستنتاج بأن بعض أنواع المرجان المتواجدة حالياً بالشعاب المرجانية البحرينية والطحالب المتكافلة معها تتصف بأهمية بيئية وعلمية فائقة ليس على المستوى الوطني فقط بل على النطاق الدولي أيضاً. ولذلك، نأمل أن تعتبر هذه الأنواع من المرجان مورد بيولوجي وطني مهم وأن يتم تعزيز تدابير حمايتها وتنميتها لتبقى رادفاً مهماً لأجيال الوطن اللاحقة.أما عن العام الحالي، فيشير السيد عبدالقادر خميس إلى أن درجات حرارة الماء المرتفعة التي سجلت في البحرين خلال النصف الأول من يوليو 2017م تشير إلى أنه ربما يكون من المحتمل أن تتعرض الشعاب البحرينية مرة أخرى لموجة بهوت أو ابيضاض خلال هذا الصيف.
مشاركة :