قضايا الفساد ومستقبل نتانياهو السياسي

  • 8/9/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تشهد الساحة السياسية الإسرائيلية تحولاً كبيراً يهدد المستقبل السياسي لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، حيث أعلنت النيابة العامة الإسرائيلية قبل أيام توقيع اتفاق رسمي مع آري هارو، الذي عمل في الماضي مديراً عاماً لديوان نتانياهو، يحصل هارو بموجبه على دور «شاهد ملك» في قضيتي الفساد اللتين تهددان مصير نتانياهو وبقاءه في الحكم، في حال أفضت شهادة هارو إلى تقديم لائحة اتهام رسمية ضدّه في بداية العام 2018. واللافت أن توقيع الاتفاق مع آري هارو استند إلى تأكيد الشرطة الإسرائيلية بأن نتانياهو مشبوه بتلقي رشوة والتحايل على القانون وانتهاك الثقة، وذلك للمرة الأولى منذ بدء التحقيقات في القضايا التي عرفت باسم قضايا 1000 و2000، وتتصل الأولى بحصول نتانياهو على مبالغ وهدايا من رجال أعمال وأصدقاء من خارج إسرائيل في شكل مخالف للقانون الإسرائيلي، في حين تتصل الثانية بمحاولات نتانياهو، خلال عام 2014، التوصل إلى صفقة مع ناشر صحيفة «يديعوت أحرونوت»، نوني موزيس، لتعديل سياسة التحرير المناهضة لنتانياهو في الصحيفة، مقابل عدم اعتراض الأخير على قانون يمنع توزيع صحيفة «يسرائيل هيوم» مجاناً، أو محاولة الضغط على مالك الجريدة وناشرها، الثري الأميركي شلدون إيدلسون، لعدم إصدار ملحق أسبوعي للصحيفة. وتبعاً لما ذكرته وسائل الإعلام الإسرائيلية أخيراً، فإن هارو، الذي يعتبر أحد أوثق المقربين من نتانياهو حتى بعد اعتزاله العمل معه، كان على علم واسع بكل ما يتصل بنشاط رئيس الوزراء المالي والاقتصادي، وهو الذي قام أصلاً بتوثيق اللقاء بين نتانياهو ونوني موزيس في قضية الصفقة بين الاثنين لتغيير خط صحيفة «يديعوت أحرونوت» من مناوئة لنتانياهو إلى مسايرة له. وبطبيعة الحال كان رد فعل نتانياهو قوياً على توقيع النيابة العامة الإسرائيلية، اتفاق «شاهد ملك» مع المدير السابق لمكتبه، ومذكرة الشرطة التي جاء فيها أنه مشبوه بمخالفات رشوة واحتيال وخيانة الأمانة، وكذلك بيان المعسكر الصهيوني، الذي دعا فيه أحزاب الائتلاف إلى تفكيك حكومته والذهاب إلى انتخابات مبكرة، حيث اختار نتانياهو أن يظهر أمام الإعلام الإسرائيلي، وكأنه مستخف بالأمر ولا يوليه أي وزن، مستنداً إلى تحالفه العريض مع قوى أكثر يمينية منذ قيام إسرائيل في 1948. ففي رسالة مصورة نُشرت على صفحته على «فايسبوك»، قبل ايام، تطرق نتانياهو إلى قضايا يومية، قبل أن يختتمها بالقول: «إنه كان من المستحيل أن يمر أسبوع من دون فضائح»، وأنه لا يعير الاهتمام للضوضاء في الخلفية، على حد وصفه، وإنه «مستمر في مواصلة العمل لأجل الإسرائيليين. وبذلك أدار نتانياهو ظهره إلى بيان المعسكر الصهيوني الذي يتزعمه هرتزوغ، والداعي إلى إسقاط حكومة نتانياهو من خلال الانسحاب من الائتلاف والذهاب الى انتخابات مبكرة، حيث برر البيان ذلك بسبب اتهام النيابة العامة نتانياهو بالفساد والاحتيال وخيانة الثقة، وتالياً فقدان الأهلية المعنوية والقدرة على الحكم، وذهب البيان إلى أبعد من ذلك حين اتهم نتانياهو بارتكاب جرائم خطيرة جداً، ودعا بيان اليسار الصهيوني شركاءه وقادة أحزاب الائتلاف في الحكم إظهار الشجاعة والنزاهة، ليقولوا لنتانياهو ما قاله هو نفسه لأولمرت قبل سنوات خلت. رغم ارتفاع وتيرة السجالات في الساحة السياسية الإسرائيلية حول قضايا الفساد التي تطارد نتانياهو وتضع مستقبله على المحك، إلا أن من غير الثابت أن التحولات ستودي بالضربة القاضية على حكومته، لأنه يعتمد على ائتلاف يميني عريض، حيث انضمت وزيرة القضاء، أييليت شاكيد، إلى خط الدفاع الذي يقوده نتانياهو ضد اتهامه بقضايا الفساد، وأعلنت أنها لا ترى سبباً يدفع نتانياهو لتقديم استقالته، حتى في حال تقديم لوائح اتهام رسمية ضده، ولهذا بات من شبه المؤكد استمرار حكومة نتانياهو حتى انتهاء فترة ولايتها عام 2019، وإن كانت التقديرات الأولية تشير الى هزة سياسية في إسرائيل مطلع العام المقبل مع تطور التحقيقات في اتجاه تقديم لائحة اتهام رسمية، والى حينه ستشهد الساحة السياسية الإسرائيلية اصطفافات جديدة، لكنها ستكون أكثر يمينية وعنصرية، وفق استطلاعات الرأي الإسرائيلية خلال الآونة الأخيرة، وبخاصة إزاء الحقوق الفلسطينية.     * كاتب فلسطيني

مشاركة :