تقاسيم-(«للخلف-در»!)

  • 7/17/2014
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تأخذ المتابع المحلي رغبة جامحة في الاستهلاك المرئي لجل الأعمال التلفزيونية تلك التي تختار التوقيت الأنسب نظير خبرتها العريضة والطويلة في ميدان العرض والطلب، لكن الحقيقة تتحدث عن أن هناك أنيميا حادة في الأفكار والطرح، بغض النظر عن المجهودات التي تبذل لاصطياد أكبر شريحة من المتابعين، الأعمال المطروحة في مناسباتنا كرمضان على سبيل المثال تهدف في المقام الأول لجني الأرباح لا احترام العقول، وتكثف طاقتها بتوقيت متلاحق بحسب ما يتوافر لها من أرصدة العلاقات في القنوات تلك التي تختار لها الزمن المناسب للعرض والمستقطب للعدد الأكبر في جانب المتابعة، ولن نعدم أن تَخْرج بمحتوى لائق وجاذبٍ يخفف حدة الصراع الداخلي للمشاهد حين يعرف أن بالإمكان أحسن مما كان، وليس مستحيلاً أن نمضي في الأعمال التلفزيونية الفنية للأمام لا كما هي الحقيقة الموجعة المرة «للخلف دُر». قصة العودة للخلف لم تأت من فراغ، ولكنها حصيلة التنافس غير العقلاني ولا المرتب بين قنوات التلفاز التي تركز على الـ«كَم» من دون أن تلقي بالاً بالـ«كيف»، ونزولاً عند العذر البليد الدائم أن هذا «ما يطلبه المشاهدون»، وأعتقد أن التسطيح الثقافي وفي بعض المساحات يصاحبه التسطيح الأخلاقي قاذفين جيدين بالمتلقي إلى أمكنة بعيدة، فضلاً عن ممارستها لشرخ النسيج الاجتماعي، بل ربما تُعلم المجتمع ما لن يتعلمه من مكان آخر، وهو المنتظر دوماً لمن يرتقي به ويحسن من رؤيته ويحفزه على النضج. الأعمال برمتها لم تخرج من إطار التقليد والتهريج المصطنع، وفي ذلك إشارة صريحة بأن اهتمامنا منصب على الآخرين أكثر من أن يذهب اهتمامنا لدائرة الموجب والمعقول، ومن أجل أعمال تليق بمجتمع كان قدره أن يكون مدمناً لقنوات التلفاز وما تبثه على مدار الساعة أقول: ليضع المنتجون وعشاق المال نسبة من الدخل الخرافي المتوقع لأعمالهم، ويتركوه بمثابة المكافأة لأفراد قادرين على إحضار الأفكار الرائدة والمذهلة، التي تحاول المزج بين الإمتاع والفائدة، وتجيد نَثْر الملح بذكاء على جراحنا الطرية وما أكثرها، أما الاعتماد على الحرس القديم والإصرار على الوجوه والأسماء ذاتها، ومعها الأفكار المكررة فذلك لن يكون مجدياً، وسنعلن فوراً أن أعمالنا التلفزيونية تحولت بفعل فاعل من الجودة والإثراء والتنوع، لتصبح أضحوكة على مدار العام، وفوضى مخجلة منذ موسيقى البدء للقطة الختام. والعقلاء النبيهون سواء من المتلقين لعبث الأعمال أم المتزاحمين على إدخالها لسوق العرض لا الطلب، يدركون تماماً كيف أن إنتاج خمس دقائق على الشبكة العنكبوتية التي يتناوب على إنتاجها شباب محمل بالهموم والتجديد والأفكار، تصل إلى العقول والقلوب أكثر من رص الحلقات المملة بلا طعم ولا إضافة، سوى أنها تجبرنا على بلع الناتج المر للوقت المهدر مضروباً في عدد الحلقات البائسة.

مشاركة :