لا شك أنه أحد أعظم لاعبي النادي الأهلي منذ تصعيده للفريق الأول قبل 13 عامًا، بل وربما أكثر اللاعبين تفانيًا في خدمة القميص الأحمر، إنه أصغر من ارتدى شارة القيادة في تاريخ القلعة الحمراء حسام عاشور، الذي حمل دائمًا لقب «الجندي المجهول»، وربما لم يكن ليكون مجهولًا إذا لم يتعرض للظلم طوال مسيرته الاحترافية، فالحقيقة أن «عاشور» بقدر روعته في نصف الملعب وقطع الكرات ربما لم يصل أبدًا لمرحلة استغلال كامل قدراته، تلك التي كان يمكن أن تجعله لاعبًا دوليًا فذًا. الحقيقة أن تطور اللاعب البرازيلي لفريق ريـال مدريد، كاسيميرو، خلال العامين الماضيين، وبالأخص الموسم المنصرم وفي مباراة كأس السوبر الأوروبي، تكشف مدى الظلم الذي تعرض له «عاشور» من مدربيه ومن نفسه أولًا. حين حضر كاسيميرو إلى ريـال مدريد كان لاعبًا لا يحمل من الإبتكار شيئًا، مجرد شاب صغير يستطيع قطع الكرات، لكنه يرتكب الكثير من الأخطاء، ما جعل النادي يرسله في إعارة إلى بورتو ليتطور وينضج قبل أن يعود مجددًا لريـال رافائيل بينيتيز، حينها رأى المدرب الإسباني في كاسيميرو، الذي تألق في بورتو، لاعب يعيبه عدم قدرته على تدوير الكرة بشكل صحيح، مع تهوره المستمر وتدخلاته العنيفة، يعطل اللعب أكثر مما يفيده، ووضعه في معظم الوقت على مقاعد البدلاء، لصالح لاعبين أكثر قدرة على المساهمة الهجومية وأكثر مهارة، لكن التجربة كانت فاشلة تمامًا فلم يكن لدى مدريد لاعب يستطيع استرجاع الكرات ما جعل دفاع الفريق منكشف دائمًا أمام هجوم الخصوم. وحظى «عاشور» بميزة عن كاسيميرو طوال مسيرته، فالأول لديه القدرة على التمرير الصحيح، كما لديه تحكم جيد بالكرة، ولا يرتكب أخطاءً في بعض الأحيان «حمقاء» كالبرازيلي، ولا يحتاج للتدخل العنيف لافتكاك الكرة، لكن في الأندية الكبرى مثل الأهلي وريـال مدريد، مع الفارق، لا يمكن أن يكون الفريق في وضعية هجومية ويخسر لاعبًا من خط الوسط، وهو ما يحدث حين يشارك «عاشور»، فكم تسديدة خطيرة من «عاشور» أو تمريرة أمامية جميلة خلف المدافعين نتذكرها؟ الأهلي في وضعية هجومية، فيما يستمر عاشور في التراجع للوراء عوضًا عن التحرك والضغط مع الفريق ابن البرازيل، صاحب الـ25 عامًا، كان محظوظًا بقدوم زين الدين زيدان، الرجل الذي عاصر أحد أعظم لاعبي الوسط المدافعين في التاريخ، كلود ميكاليلي، وقال عنه من قبل إن رحيله عن جلاكتيكوس مدريد كان سببًا في سقوط ذلك الفريق العظيم حينها الذي ضم لويس فيجو وروبيرتو كارلوس ورونالدو البرازيلي وديفيد بيكهام وراؤول جونزاليس، بالإضافة إلى «زيدان»، فتبنى كاسيميرو وحوله من لاعب صدأ على الدكة إلى أهم قطعة في تشكيل الملكي، وأصبح غيابه ربما أكثر تأثيرًا من غياب كريستيانو رونالدو، نجم الفريق الأول. ما فعله المدرب الفرنسي مع كاسيميرو ببساطه هو أنه حوله إلى مزيج من «ميكاليلي» مع نفحة من «زيدان» نفسه، وكان أول الطريق أن يقنع اللاعب نفسه بأن قطع الكرات ليس كل ما يجيده، بل أن لديه قدرات تتعدى ذلك بمراحل، فعمل معه على طريقة التحرك في أرضية الملعب والتمرير الصحيح والاختراق بثقة، ومن شاهد كاسيميرو في بدايته كان يدرك أن وجوده بالقرب من منطقة الجزاء شيئًا من المستحيلات، لكن مع «زيدان» نشاهده دائمًا اليوم في انتظار الكرات المرتدة على حدود المنطقة، كما يخترق من العمق ويدخل لمنطقة الجزاء في بعض الأحيان كما فعل في مباراة السوبر الإسباني وأحرز هدفًا، أما تمريراته، فيبدو أنه على أعتاب موسم سيكون فيه من أفضل ممرري الكرة في الفريق، فمعدل تمريراته الصحيحة في السوبر الأوروبي بلغ 93%. لاحظ تحرك وتمركز كاسيميرو قبل تسجيله الهدف، في وضعيه قريبة من الصورة الأولى لعاشور. هنا يكمن عامل المفاجأة. التحرك في أرضية الملعب هو شيء لم يعمل عليه «عاشور» أو يطوره طوال 13 عامًا، ربما بتعليمات من المدرب، أو مجرد تفضيل لاعب الأهلي البقاء في منطقة راحته أو ما يطلق عليها Comfort Zone، فنادرًا جدًا ما نجد عاشور متقدمًا على حدود المنطقة، أو مخترقًا من العمق باحثًا عن كرة يسجلها، أو حتى يمررها، وفي مرتين اخترق فيهما من العمق أحرز هدفين، لماذا لم يكررها «عاشور» كثيرًا في مسيرته، علامة استفهام كبيرة. النقطة الثانية التي عمل عليها «زيدان» مع السيليساو الصغير كانت إقناعه وتدريبه على التصويب بعيد المدى، ربما لا يتقنها دائمًا إلا أن كثرة المحاولة مع امتلاك قدم قوية كقدم كاسيميرو يسفر في الأخير عن أهداف بل وأهداف رائعة، ولنا في هدفيه في نابولي ويوفينتوس الإيطاليين مثال، وهنا يكمن عامل نفسي هام، وهو التفسير للاعب أن إهداره لتصويبة أو خروجها بشكل مضحك لا يعني أنه لن يستطيع تسجيلها في مرة أخرى، وأن عليه المحاولة مرة وإثنتان وثلاثة حتى تسكن الكرة الشباك. في المقابل، لا نرى عاشور يسدد الكرة على المرمى إلا ربما في حالات نادرة جدًا،خلال أكثر من عقد من الزمان، منها هدف جميل أحرزه ولم يكرره، وهو ما يفسر إحرازه فقط 3 أهداف طوال مسيرته، والسؤال هنا هل يدرب نفسه على التسديد أم أنه لا يفكر أبدًا في هذا الحل، والذي من الممكن أن يحسم مباريات هامة، كما فك كاسيميرو طلاسم مباراة نهائي دوري الأبطال بتصويبته الصاروخية؟ والسؤال الثاني، لماذا لم يحاول أي مدرب مر على الأهلي خلال 13 عامًا إقناع عاشور أو الطلب منه أن يصوب على المرمى ويخصص له حصص تدريبية لتنمية هذه المهارة لديه، خاصة وأن مركزه في الملعب يسمح له باستقبال كثير من الكرات المرتدة على حدود المنطقة؟اهداف حسام عاشور النادرة مع الاهلى Uploaded by alahly live on 2017-02-15. النقطة الثالثة التي طورها مدرب مدريد الفرنسي في لاعبه البرازيلي هي ضربات الرأس، ففي بعض المباريات تحتاج للضربات الثابتة لفك شفرتها، واستطاع كاسيميرو أن يطور هذه المهارة لديه بشكل مبهر حتى أصبح من أخطر اللاعبين داخل منطقة الجزاء في الضربات الثابتة بالنسبة للريـال، وكاد أن يحرز هدفًا في مباراة السوبر بهذه الطريقة لولا وقوف العارضة حائل بين الكرة والشباك. وباستثناء ضربات الرأس، حيث لا يمكن مطالبة «عاشور» بالتقدم في الضربات الثابتة كما يفعل كاسيميرو نظرًا لفارق الأطوال بحوالي 14 سم لصالح البرازيلي، تبدو قصة كاسيميرو هي المسار الصحيح الذي أخطأه حسام عاشور طوال مسيرته، وربما ظلمه مدربينه بعدم وجود رؤية لديهم لتحقيق استفادة قصوى منه، أو ربما ظلم هو نفسه باكتفاءه بلعب دوره الدفاعي دون أي سعي لتطوير نفسه، ما كلفه، في رأيي، صنع تاريخ دولي بقميص منتخب الفراعنة.حسام عاشور & Hossam Ashour Uploaded by football Goals on 2014-04-23.
مشاركة :