«حسام غالي الخاين العميل».. «لا يستحق الاعتزال في الأهلي».. «عمره ما حب النادي».. «بيجري ورا الفلوس».. كلها تعليقات شاهدتها على مواقع التواصل الاجتماعي في حق لاعب قائد الأهلي السابق المنتقل حديثًا إلى النصر السعودي، أو لنكن أكثر دقة، العائد إلى النصر. انتقال حسام غالي إلى «النصر» صاحبه غضب كبير من عدد ليس قليل من مشجعي الأهلي، الذين رأوا في قراره سعيًا وراء المال، الذي لا يحتاجه في رأيهم، وإنكار لجميل الأهلي وعدم انتماء، حتى أن البعض رأى أن إعلانه اعتزاله كان قرار أفضل من انتقاله إلى السعودية، فيكفيه شرف الاعتزال في الأهلي، لكن في رأيي فكل هذا الكلام لا يلامس المنطق ولا يقترب منه، فغالي ليس أول من يخوض تجربة جديدة، حتى وإن كانت من أجل المال، قبل اعتزاله، كما أنه ليس أول قائد فريق يترك فريقه بعد أن أصبح خارج الحسابات أو حتى خيار ثالث أو رابع وينضم لفريق آخر يلعب فيه أساسيًا. الأمثلة كثيرة فمثلًا حارس المرمى التاريخي لريـال مدريد، إيكر كاسياس، وجد نفسه بعد موسم العاشرة مرشح للجلوس على مقاعد البدلاء، بعد موسمين من المعاناة مع جوزيه مورينيو وكارلو أنشيلوتي، كان بين اللعب تارة والجلوس في مقاعد المشاهدين تارة أخرى، فماذا فعل؟ رحل إلى بورتو، قد يقول البعض أرغم على الرحيل، لكنه في رأيي كان بإمكانه أن يبقى إذا وافق أن يظل رقم 2، لكن هذا الخيار كان غير مطروح بالنسبة له احترامًا لتاريخه. نذهب لمثال آخر، ستيفن جيرارد، قائد ليفربول وأسطورته، رحل عام 2015 عن الفريق بعد أن أصبح خارج الحسابات بشكل كبير ليذهب إلى لوس أنجلوس جالاكسي في الدوري الأمريكي، هل الكرة في أمريكا ترتقي لمستوى جيرارد؟ لا بالطبع لكن المال هناك يرتقي، فما العيب في ذلك؟ مثال ثالث أخير نضربه بقائد تشيلسي وأسطورته أيضًا، جون تيري، الذي وجد نفسه خارج حسابات مدربه الجديد أنطونيو كونتي الموسم السابق، ليلملم أشياءه ويسلم شارته ويرحل هذا الموسم إلى الدرجة الأولى «التشامبيونشيب» وينضم لفريق أستون فيلا، ما الذي يبحث عنه في الدرجة الأولى بعد المجد الذي حققه في تشيلسي؟ ألم يكن من الأفضل وهو في سن الـ36 أن يعتزل بالقميص الأزرق ويكفيه ذلك فخرًا؟ حساباته هو تختلف. الأمثلة كثيرة منها لاعبين توجهوا إلى قطر مثل تشافي وباتيستوتا، وآخرين رحلوا إلى الصين من هالك ومنهم من سبق جيرارد إلى أمريكا كتيري هنري وديل بيرو وقبلهم ديفيد بيكهام وحتى بيليه قديمًا. القاعدة في عالم كرة القدم اليوم تقول إن ليس الجميع فرانشيسكو توتي، ولا يجب على الجميع أن يعتزل بقميص الفريق الذي صنع فيه مجده، من حقه أن يبحث عن المال أو الطموح في مكان جديد ليس عيبًا وليس حرامًا، كم مصري يعمل في الخليج وأمريكا وأوروبا وغيرها من دول العالم، ألا يبحثون عن المال، حتى وإن كان البحث عن المال يأتي موازاة بالطموح والعمل والنجاح. الانتماء شيئ عظيم، ولم ينكر «غالي» أبدًا فضل الأهلي عليه، ولم يرحل لينضم إلى الزمالك مثلًا، بل غادر إلى السعودية بشكل طبيعي وعبر القنوات الرسمية ولم يهرب كآخرين، والمال الذي سيحصل عليه يستحقه بكل تأكيد فهو سيحصل عليه لأنه حسام غالي، واسمه صنعه بتعبه ومجهوده ومثابرته، فكم من اللاعبين مروا على الأهلي ورحلوا ولا يتذكر اسمهم أحدًا. احتياج الشخص للمال نسبي، فلا يمكننا أن نحكم عليه إذا كان يحتاج أموال النصر أم لا يحتاجها، فمن نصبنا حكامًا على حياته الشخصية، ربما يحتاجها وربما لا، من يدري إلا حسام غالي؟ كذلك من نصبنا حكامًا لنأمره بالاعتزال وهو يريد الاستمرار في الملاعب، بل ويقدم أداءً جيدًا جدًا لا يجعلنا نتذكر أعوام عمره الـ35، ولنا في عصام الحضري مثلًا، فهو يريد الاستمرار وقادر عليه إذن لماذا عليه الاعتزال؟ هل من أجل ألا يرتدي قميص آخر؟ هل يتنازل الشخص عن سعادته الشخصية وربما يعيش نادمًا مدى الحياة من أجل إرضاء البعض الذي يرى أن اعتزاله بقميص آخر يقلل منه ومن إنجازاته مع الشياطين الحمر. الحقيقة أن اعتزال حسام غالي بقميص النصر أو غيره لن ينتقص من إنجازاته وبطولاته ودوره في قيادة الأهلي في فترة من الفترات، ولا اعتزال عصام الحضري بقميص آخر يلغي إنجازاته مع الأهلي، كما لم يلغي اعتزال حسام وإبراهيم حسن خارج الأهلي تاريخهم مع الفريق حتى وإن لعبوا للغريم، فالتاريخ لا يمحه الأراء الشخصية، فالبطولات التي حققوها تحققت وستبقى مدونة في التاريخ واسمهم محفور ضمن الفائزين، وضمن القادة، فلماذا نحاسب «غالي» على خطأ لم يرتكبه؟ اشمعنى حسام غالي؟
مشاركة :