القدس المحتلة - وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جلبة التحقيقات الجنائية المثارة حوله بأنها "جعجعة بلا طحن" ورفض التكهنات بأنه سيضطر للاستقالة مكتفيا بالقول على فيسبوك "لن يحدث". وربما يكون محقا تماما، فحاليا يقف الوقت على ما يبدو في صف نتنياهو الذي يقود حكومة ائتلافية هي الأكثر تطرفا في تاريخ الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة، لكنها أيضا مستقرة نسبيا فيما يشرف (نتنياهو) على فترة انتعاش اقتصادي خلافا لسلفه إيهود أولمرت الذي استقال وزٌج به لاحقا في السجن لإدانته في قضايا فساد قبل أن يفرج عنه بعد تمضيته مدة العقوبة. ووافق معاون كبير سابق على الإدلاء بشهادته في قضيتي فساد يشتبه بتورط نتنياهو فيهما، لكن رئيس الوزراء ليس ملزما قانونا بالتنحي إذا ما واجه اتهامات. وأي إدانة ربما تستغرق أشهرا مما قد يمكنه حتى من الاحتفاظ بالسلطة حتى الانتخابات المقررة في 2019. وفي غضون ذلك الوقت يداهم نتنياهو على صعيدين هما القضاء والسياسة، لكن يوحنان بليزنر رئيس معهد إسرائيل للديمقراطية غير الحزبي للأبحاث قال إن ذلك يحدث بوتيرة بطيئة في ما يبدو. وقال إن هذا في صالح نتنياهو، مضيفا "ليس هناك سبب بالتأكيد لتوجيه اتهام خلال العام المقبل". إلا أن بليزنر، شأنه شأن مراقبين آخرين، أضاف تحفظا بأن تقييمه مبني على التفاصيل القليلة المعروفة بشأن تحقيقات الشرطة. ويحتشد حزب ليكود المحافظ الذي ينتمي إليه نتنياهو خلفه في غياب منافسين واضحين على القيادة، واقفين بذلك في وجه دعوات له بالاستقالة من المعارضة المنتمية لتيار يسار الوسط. وبالمثل يتمسك به حاليا شركاء ليكود الدينيين والقوميين في الائتلاف إذ لا يرون تهديدا لجدول أعمالهم. وحتى الآن أكبر عامل قابل للتطور هو القرار الذي اتخذه الأسبوع الماضي مدير مكتب نتنياهو السابق آري هارو بتقديم أدلة في تحقيقات في القضيتين. وتشمل القضية التي تعرف باسم "القضية 1000" هدايا حصل عليها رئيس الوزراء وعائلته من رجال أعمال في حين تتعامل "القضية 2000" مع جهود مزعومة من جانبه لتأمين تغطية أفضل من ناشر صحيفة إسرائيلية. وينفي نتنياهو ارتكاب أي أخطاء. وحتى الآن قضى في منصب رئيس الوزراء 11 عاما امتدت على مدار أربع فترات. ودون أن يذكروا اسمه صراحة قال محققو الشرطة إنهم رأوا في القضيتين أسبابا تدفع إلى توجيه اتهامات بتلقي رشاوى والاحتيال وخيانة الثقة. وأجبرت مزاعم جنائية مماثلة أولمرت على الإعلان في 2008 أنه سيستقيل مما أدى إلى إجراء انتخابات مبكرة في العام التالي أعادت نتنياهو إلى السلطة. الوقت كفيل بكشف المستور ورأس أولمرت ائتلافا ضعيفا وكان يحاول الدفع باتجاه التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين في مواجهة مقاومة الجناح اليميني عندما استقال. وبعد قضايا قانونية مطولة ذهب إلى السجن في آخر الأمر العام الماضي لكنه حصل على إفراج مشروط الشهر الماضي. ويحذر البعض من المقارنات المتعجلة. وقال موشيه نجبي المحلل القانوني لراديو إسرائيل "أعتقد أنه من المبكر للغاية استخلاص نتائج وأن المهرجان الإعلامي مبالغ فيه". وتوقع أن أي قرار لتوجيه اتهام لنتنياهو قد يستغرق ما يصل إلى ستة أشهر مع بحث المحققين عن أدلة في الداخل والخارج. وبعد ذلك وكما هو معتاد في إسرائيل مع المتهمين في المناصب العليا سيحصل نتنياهو على الأرجح على فترة مماثلة كي يطلب فيها من المدعي العام إعادة النظر في توجيه الاتهامات. وقال نجبي "قد يحدث الكثير في هذه الأثناء... الشهود ربما يصبحون غير متاحين. الذكريات قد تتغير وكذلك معها الشهادات". وإذا أتم نتنياهو فترته الحالية في 2019 فسيصبح أطول رئيس وزراء إسرائيلي بقاء في السلطة متجاوزا الزعيم المؤسس دافيد بن غوريون. وسيحصل هارو مقابل الشهادة على حكم مخفف في قضية فساد منفصلة لا علاقة لها بنتنياهو. ونقل تلفزيون القناة الثانية الإسرائيلي عن هارو تهوينه مما شهد به في ما يتعلق بالقضيتين 1000 و2000. ونقل عنه قوله "في ذلك الوقت لم أعتقد أن هذه أفعال إجرامية ولا أفترض الآن أن أعلن أنها كذلك". وقال بليزنر إن الضغط على نتنياهو سيزداد إذا ألقى المحققون الضوء على مزاعم جديدة ربما في ما يخص قضايا أخرى لا يشتبه به فيها الآن. وقد تقلب الأمور الجيوسياسية الأوسع المقاييس، فالمعارضة أضعفتها عملية سياسية راكدة مع الفلسطينيين بينما يشير نتنياهو دائما إلى المخاوف المتعلقة بأمن الإسرائيليين كسبب للاحتشاد خلفه. ويوجه أحد منتقدي نتنياهو وهو وزير دفاعه السابق إيهود باراك، له اتهاما بتأجيج الاضطرابات بشأن تعامل إسرائيل مع الحرم القدسي في القدس الشرقية. وقال إن هذا استهدف صرف الانتباه عن مشكلاته القانونية. وأضاف على فيسبوك في 29 يوليو/تموز "هذا التجاهل الطائش لسلوك نتنياهو سيقود إلى الجحيم، فهو راغب في إشعال البلاد والمنطقة فقط لتحرير نفسه من تهديد التحقيقات". ويرفض معاونو نتنياهو هذه الحجج. ودافعت وزيرة العدل آيليت شاكيد وهي شريكة يمينية متطرفة في الائتلاف، عن حقه في البقاء في منصبه حتى إذا وجهت له اتهامات. وأبلغت إذاعة الجيش الإسرائيلي الأربعاء أنه إذا لم يحدث ذلك فإن ممثلي الادعاء والشرطة يجازفون بأن يصبحوا "أدوات اغتيال سياسي". لكنها قالت كذلك إن حزبها سيجري مراجعة إذا وجهت الاتهامات في تلميح إلى انفصال قد يؤدي إلى انتخابات مبكرة. وأضافت "إذا وصلنا إلى هذه اللحظة فسنجلس ونقرر على أساس الحقائق التي نعرفها. تقييمي هو أن الأمر سيستغرق المزيد من الوقت وبالتالي أقول طول الوقت دعوا الحكومة تؤدي عملها".
مشاركة :