كشف محافظ بنك الكويت المركزي الدكتور محمد يوسف الهاشل، أن الشركات الكبرى استحوذت مع نهاية 2016، على 70.5 في المئة من القروض المستحقة لدى البنوك الكويتية. تصريح الهاشل جاء على هامش إصدار «المركزي» لتقرير الاستقرار المالي لعام 2016، وهو التقرير الدوري الخامس الذي يصدره ضمن جهوده الرامية إلى تعزيز الشفافية والإفصاح العام، من خلال توفير المعلومات والإحصاءات الموثوقة ذات الصلة بالقطاع المصرفي والمالي الكويتي. وأوضح الهاشل أن تقارير الاستقرار المالي التي يصدرها البنك تشمل الرصد والتحليل للتطورات الاقتصادية والمالية من منظور علاقة تلك التطورات بالاستقرار المالي، لافتاً إلى أنها تظهر مدى قدرة القطاع المصرفي على مواجهة الصدمات وتجاوزها، بحيث يظل قادراً على ممارسة دوره الفاعل في تقديم الخدمات المالية وخدمة الاقتصاد الوطني بقطاعاته كافة. وأشار إلى أن التقرير يقع في خمسة فصول، حيث يتناول الفصل الأول دور وأداء البنوك التقليدية والإسلامية كوسطاء ماليين مع تسليط الضوء على اتجاهات توزيع الائتمان وحركة الودائع، بينما يتناول الفصل الثاني تقييماً للمخاطر الأساسية التي تواجه الجهاز المصرفي، في حين يتناول الفصل الثالث تحليل اتجاهات الربحية والملاءة في النظام المصرفي ومدى مقاومته لمختلف الصدمات وفق عدة سيناريوهات من اختبارات الضغط المالي والاقتصادي. وأضاف أن الفصل الرابع يناقش أبرز التطورات في أسواق النقد والصرف الأجنبي والأسهم والعقارات، بينما يتناول الفصل الخامس والأخير تحليلاً لأداء نظم تسوية مدفوعات المعاملات المالية في البلاد. ولفت الهاشل إلى أن التدابير التحوطية الكلية التي استخدمها «المركزي» وبرامج الرقابة من أجل الكشف المبكر عن المخاطر على الاستقرار المالي، ساعدت القطاع المصرفي في الاستمرار بالحفاظ على قوة ومتانة أدائه خلال 2016، رغم التحديات الاقتصادية والمالية الناجمة عن تداعيات الهبوط الحاد لأسعار النفط، موضحاً أن هذا القطاع قد استمر في تحقيق معدلات نمو وأداء إيجابية في مجالات عدة شكلت الدعائم الأساسية للاستقرار المالي. وبيّن الهاشل أن التقرير يتناول محاور أساسية عدة وهي على النحو التالي، وتشمل: الوساطة المالية واصلت الوساطة المالية للقطاع المصرفي تحسنها خلال 2016، وإن جاءت بوتيرة أبطأ عن العام السابق، إذ سجل النظام المصرفي تباطؤاً في نموه خلال 2016، حيث حققت الأصول المصرفية (على أساس مجمع) نمواً بلغت نسبته 1.85 في المئة، مقارنة بنمو بلغت نسبته 2.6 في المئة خلال 2015، علماً بأن النمو في الأصول المحلية كان أفضل نسبياً، مسجلاً 3.1 في المئة على خلفية النمو في الائتمان المحلي والذي بلغت نسبته 2.9 في المئة وهي نسبة أقل من تلك المسجلة عام 2015 والبالغة 8.5 في المئة. ويعود ذلك في جزء منه إلى سداد مجموعة من القروض القائمة خلال عام 2016، ولا شك أن الدور الذي تلعبه الوساطة المالية كان له الأثر الكبير في تحقيق مستويات مرتفعة من الشمول المالي، حيث تشير البيانات إلى أن 73 في المئة من السكان الذين تتجاوز أعمارهم 15 سنة لديهم حساب بنكي، وهذه النسبة هي من الأعلى بين دول المنطقة. الأصول المصرفية يتبين من تحليل عناصر الأصول المصرفية الأساسية إلى أن تراجعها يعود بشكل كبير إلى التباطؤ الملحوظ في نمو الائتمان، حيث سجلت محفظة القروض لدى البنوك نمواً طفيفاً بلغت نسبته 1 في المئة، بزيادة قدرها 424 مليون دينار، مقابل نمو بلغت نسبته 7.1 في المئة وقيمته 2.9 بليون دينار في 2015. وهذا النمو هو الأقل خلال الأعوام المنصرمة، والذي يعود بشكل كبير إلى التراجع في محفظة القروض المصرفية في دول مجلس التعاون، وآسيا وأوروبا. أما محلياً، فلا يزال نمو الائتمان أفضل إلى حد ما بمعدل 2.9 في المئة، وقد توزع على النحو التالي: الشركات الكبرى 70.5 في المئة من إجمالي القروض المستحقة في ديسمبر 2016، والقروض الشخصية 24.2 في المئة، ثم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بنسبة 5.3 في المئة. الودائع المصرفية شهد إجمالي الودائع المصرفية خلال 2016 تباطؤاً في النمو بـ 2.4 في المئة مقابل نمو بلغت نسبته 3 في المئة عام 2015، ورغم النمو الأفضل الذي شهدته الودائع المحلية بـ 4.8 في المئة، إلا أن النمو العام في الودائع قد تراجع بسبب تراجع نمو الودائع من خلال الشركات التابعة والفروع الخارجية للبنوك. من جانب آخر، لا يزال القطاع المصرفي يتمتع بقاعدة تمويل مستقرة، حيث تشكل الودائع لأجل نحو 63.6 في المئة من إجمالي الودائع، ما يؤكد استقرار القاعدة التمويلية للجهاز المصرفي وقدرته على تحقيق الاستقرار في أحوال ضغط السيولة. المخاطر المصرفية استمر التحسن خلال الأعوام الماضية في جودة الأصول، بحيث تراجع معدل إجمالي القروض غير المنتظمة على أساس مجمع إلى مستوى تاريخي منخفض بلغت نسبته 2.2 في المئة (1.8 في المئة على مستوى النشاط المحلي) كما في ديسمبر 2016، مقارنة بنحو 2.4 في المئة للعام السابق، وهذا المستوى يقل عن النسبة المسجلة قبل الأزمة المالية العالمية والتي بلغت 3.8 في المئة عام 2007. وقد أصبح هذا التراجع في القروض غير المنتظمة ممكناً بفضل التعاون المثمر من جانب البنوك وجهودها في تطبيق تعليمات «المركزي»، وليؤكد بما لا يدعو للشك على التحسن الملحوظ في سلامة القطاع المصرفي قياساً بالانكشاف لمخاطر الائتمان. وقال الهاشل إن ذلك تزامن مع تحسن ملموس في نسبة تغطية المخصصات إلى إجمالي القروض غير المنتظمة، ليرتفع من 205 في المئة عام 2015، إلى 237 في المئة عام 2016 (316 في المئة إذا ما قيس بمستوى النشاط المحلي للبنوك)، وهو بلا شك يفوق بكثير المعدل المسجل قبل الأزمة المالية العالمية والذي بلغ آنذاك 87 في المئة. كما ظلت مستويات السيولة قوية لدى البنوك، بحيث تؤكد تعليمات معيار تغطية السيولة الصادرة حديثاً أن الأصول السائلة الأساسية (منها النقد والبنود النقدية، الودائع لدى بنك الكويت المركزي، الأوراق المالية الحكومية، سندات بنك الكويت المركزي، والودائع لدى البنوك، الخ) تمثل 80.1 في المئة من إجمالي الأصول السائلة في عام 2016، وهذه النسبة تفوق بشكل مريح الحد الأدنى المطلوب (70 في المئة لعام 2016)، في حين أن النسبة النهائية (100 في المئة) سيبدأ سريانها في عام 2019. مقاومة الصدمات أكد الهاشل مواصلة البنوك الكويتية تحقيق أرباح صافية مجمعة، بعد الضرائب خلال عام 2016، وإن بوتيرة أبطأ عن 2015، حيث ارتفع صافي الأرباح إلى 745.8 مليون دينار، أي بنسبة نمو سنوي 5.8 في المئة. وبين أنه رغم هذا التباطؤ في حجم الأرباح إلا أن معدلي العائد على الأصول وحقوق الملكية، سجلا ارتفاعاً نتيجة ارتفاع معدل النمو في صافي الأرباح، بمعدل أعلى من النمو في الأصول وحقوق الملكية. كفاية رأس المال وأضاف الهاشل أن معدل كفاية رأس المال بقي قوياً وفق تعليمات بازل (3)، وهو المعيار الذي بدأ بنك الكويت المركزي في تطبيقه خلال 2014. وتظهر البيانات التي تقدمها البنوك الكويتية استيفاءها بشكل كامل لمتطلبات هذا المعيار، وبما يفوق الحدود الدنيا للنسبة التي تحددها تعليمات «المركزي» وقدرها 13 في المئة لعام 2016. ومنذ بداية تطبيقها بلغت هذه النسبة 16.9 في المئة لعام 2014، و17.5 في المئة لعام 2015، لترتفع إلى 18.6 في المئة لعام 2016، وجاء استمرار البنوك الكويتية في الحفاظ على مستويات مرتفعة من رأس المال لضمان استقرار النظام المالي، بحيث يلعب معدل كفاية رأس المال دوراً حاسماً. وأرجع الارتفاع الذي شهده معدل كفاية رأس المال إلى النمو القوي في رأس مال البنوك بنسبة 10.3 في المئة)، مقارنةً بالنمو في أصولها المرجحة بالمخاطر 4 في المئة عام 2016. وأكد أن المعدل القوي لكفاية رأس المال وجودة الشريحة الأولى بنسبة 89.6 في المئة، من قاعدة رأس المال الرقابي للبنوك، يظهر قدرة النظام المصرفي الكويتي على مواجهة سيناريوهات الضغوط مختلفة الشدة، ويعتبر مؤشراً على قدرة القطاع على امتصاص الصدمات. وأشار إلى أنه بفضل المستويات الجيدة لمعدلات كفاية رأس المال وارتفاع المخصصات، انخفض معدل صافي القروض غير المنتظمة إلى رأس المال إلى 7.4 في المئة خلال ديسمبر 2016، وهو أحد المؤشرات التي تعكس الآثار السلبية على حقوق ملكية البنوك نتيجة خسائر القروض. الرفع المالي في السياق عينه، أظهرت بيانات الرفع المالي، وهو من المعايير الجديدة التي بدأ بنك الكويت المركزي في تطبيقها منذ عام 2014، تحسناً ملحوظاً، بحيث بلغ معدله للبنوك الكويتية على أساس مجمع 10.1 في المئة خلال ديسمبر 2016، مقابل 9.7 في المئة لعام 2015. وتفوق هذه النسبة الحدود الدنيا للمعايير الدولية التي حددتها لجنة بازل للرقابة المصرفية وقدرها 3 في المئة، وتتخطى كذلك النسبة المقترحة من قبل الجهات التشريعية الأميركية للبنوك ذات الأهمية النظامية والبالغة 6 في المئة. واعتبر الهاشل هذا المعيار أحد الأدوات الإضافية التي تعمل باتجاه الحد من المخاطر النظامية، وتعزيز الاستقرار المالي، مشدداً على أن المصدات المالية التي تتمتع بها البنوك الكويتية على صعيد معياري كفاية رأس المال والرفع المالي، تعكس مجالات رحبة أمام البنوك لمزيد من التوسع في أنشطتها، وتمويل مشاريع التنمية في البلاد بشكل خاص. اختبارات الضغط أظهرت نتائج اختبارات الضغط الربع سنوية، التي قام بها بنك الكويت المركزي، وفقاً للبيانات كما في ديسمبر 2016 ووفق عدد من السيناريوهات الاقتصادية الكلية والجزئية لصدمات مختلفة الشدة ولفترات ممتدة، أن البنوك الكويتية تمكنت بصفة عامة من المحافظة على معدل مرتفع لرأس المال، حتى بعد تأثير صدمات شديدة على النظام. وتكشف مقارنة نتائج اختبارات الضغط على مدار الأعوام السابقة، أن البنوك الكويتية قد عززت من قدرتها على مواجهة الصدمات، وذلك بضخ أموال إضافية، وبناء المزيد من المخصصات. أسعار الفائدة وأشار الهاشل إلى أنه في إطار عمليات السياسة النقدية لبنك الكويت المركزي، فقد قرر وللعام الثاني على التوالي في شهر ديسمبر 2016 رفع سعر فائدة الخصم لديه بواقع ربع نقطة مئوية لتصل إلى 2.5 في المئة وهو المستوى الذي كانت عليه في أكتوبر 2012. وجاء هذا القرار تماشياً مع إعلان مجلس الاحتياطي الفيديرالي الأميركي، رفع سعر الفائدة على الدولار، إذ يهدف «المركزي» من رفع سعر الخصم، وبالتالي الإبقاء على هامش مقبول بين أسعار الفائدة المحلية والفائدة العالمية، إلى المحافظة على جاذبية الدينار، وتوطين المدخرات بالعملة المحلية، لتمويل مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني وتوفير بيئة مواتية لتعزيز النمو الاقتصادي المستدام. وذكر الهاشل أنه في ظل المستويات الجيدة للسيولة المحلية، قررت الحكومة إصدار أدوات دين عام، بحيث بلغ ما تم إصداره 2.95 مليار دينار عام 2016، مقابل 1.25 مليار دينار عام 2015، ما أدى إلى ارتفاع رصيد الدين العام في نهاية عام 2016 إلى 3.3 مليار دينار. سعر الصرف وقال الهاشل إنه في سوق الصرف الأجنبي، شهد سعر صرف الدينار، انخفاضاً طفيفاً مقابل الدولار بنحو 0.9 في المئة عام 2016، وإنه بوجه عام فقد كانت التقلبات في سعر الصرف تتراوح ضمن هامش ضيق بلغ 0.2 في المئة إيجاباً أو سلباً. وأرجع هذا الاستقرار النسبي في سعر صرف الدينار مقابل الدولار بصفة خاصة والعملات العالمية الأخرى بصفة عامة، إلى سياسة ربطه بسلة من عملات أهم الدول التي ترتبط معها الكويت بعلاقات تجارية ومالية مهمة، ما ساهم في تحقيق هذا الاستقرار النسبي في سعر الصرف، ووفر درجة من المرونة المناسبة لامتصاص أثر الضغوط التضخمية المستوردة، وهي المرونة التي يسعى «المركزي» من خلالها إلى ترسيخ أجواء الاستقرار النقدي والاستقرار المالي في البلاد. البورصة والعقار أنهت بورصة الكويت 2016 على ارتفاع، بحيــث سجل المؤشر السعري ارتفاعاً بلغت نسبته 2.4 في المئة، مقارنـــــة بالتراجع المسجل في عام 2015 والبالغة نسبته 14.1 في المئة، وقد جاء هذا التحسن مدفوعاً بتعافي أسعار النفط خلال الربع الأخير من عام 2016، ما ساعد السوق على استعادة خسائره خلال فترة التسعة أشهر الأولى من العام نفسه. وبالنسبة لسوق العقار، فقد شهد هذا القطاع تراجعاً للعام الثاني على التوالي، في عدد وقيمة الصفقات بنسبة 21.4 و23.1 في المئة على التوالي، وكذلك على مستوى القطاع، بحيث تراجعت المبيعات في القطاعيــــن السكني والاستثماري بنسبة 30.3 و33.4 في المئة على الترتيب، في حين ارتفعت المبيعات في القطاع التجاري بنسبة 26.3 في المئة. نظام المدفوعات وأفاد أن نظم المدفوعات والتسويات المتطورة، تشكل إحدى مقومات الاستقرار المالي، والتي شهدت تطوراً مهماً خلال الفترة الماضية في أعقاب الإصلاحات التي شهدها القطاع المالي، والتي استهدفت تقليص الإصلاحات التي شهدها القطاع المالي، والتي استهدفت تقليص المخاطر المالية وزيادة المصداقية والسرعة، بحيث أدى انتشار استخدام تكنولوجيا المعلومات وتطور أمن نظم المدفوعات الإلكترونية، إلى زيادة المعاملات من خلال الصيرفة الإلكترونية. وأوضح أنه في هذا الإطار، سجلت نظم مدفوعات التجزئة والمدفوعات الكبيرة في الكويت نمواً ثابتاً، بحيث ارتفعت قيمة المعاملات باستخدام أجهزة الصرف الآلي وأجهزة نقاط البيع 3.2 و5.6 في المئة على التوالي. وذكر أنه لتشجيع استخدام الخدمات المصرفية والالكترونية، فقد تم توسعة البنية الأساسية، بزيادة عدد أجهزة الصرف الآلي وأجهزة نقاط البيع بنسبة 16.6 و7.4 في المئة على التوالي، ليصل عددها إلى 1991 جهاز صرف آلي، و46513 جهاز نقاط بيع في ديسمبر 2016. ونوه المحافظ بقوة المراكز المالية للبنوك الكويتية، والتي انعكست بشكل واضح في مختلف المؤشرات المالية ومؤشرات السلامة، والتي لحظتها تقارير دولية صادرة عن صندوق النقد الدولي، ومؤسسات التصنيف العالمية، ما يؤكد أيضاً الدور الحيوي والمهم الذي يقوم به «المركزي»، بصفته الجهة التنظيمية والرقابية الرئيسية على الجهاز المصرفي والمالي في الدولة، لتكريس الموارد وتحفيز الجهود لضمان سلامة واستقرار النظام المالي في البلاد.
مشاركة :