صراع روحاني مع الحرس الثوري اقتصادي بواجهة سياسية

  • 8/10/2017
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

الأزمة بين روحاني والحرس الثوري خلاف مالي بسبب هيمنة الحرس على الاقتصاد الإيراني، مغلف بنزاع سياسي لن يؤدي إلى تغيير جوهري في موازين القوة داخل إيران مع فوز حسن روحاني بفترة رئاسية ثانية، تتعلق أنظار المتابعين للشأن الإيراني بقياس مدى تغير معالجة روحاني للملفات الشائكة التي يواجهها في فترة رئاسته الثانية مقارنة بأدائه في الفترة الرئاسية الأولى. ومن أولى هذه الملفات علاقة روحاني بالحرس الثوري التي شهدت تأزماً كبيرًا لأسباب كان المعلن منها اختلاف موقف الطرفين حول الاتفاق النووي والبرنامج الصاروخي، لكن في العمق شكلت الهيمنة السياسية والاقتصادية للحرس الثوري على الأوضاع في إيران جوهر الخلاف بينهما. أشعل روحاني الصراع الذي تم تأجيله أثناء فترته الرئاسية الأولى مع الحرس الثوري، بتصريحه حول الدور الاقتصادي للحرس الثوري، واتهمه باستلاب مقدرات الدولة الإيرانية بالاستيلاء على مؤسساتها الاقتصادية تحت دعوى الخصخصة التي أدارها خامنئي خلال العقد الماضي، حيث قال «كان هناك جزء من الاقتصاد الإيراني بيد دولة بلا سلاح تم تسليمه لدولة تحوز السلاح، فهل نستطيع أن نسمي ذلك خصخصة». الرئيس الإيراني حسن فريدون المعروف بروحاني الذي يرتدي عباءة الإصلاحي المعتدل، يمتلئ تاريخه بفترات طويلة من العمل داخل مؤسسة الحرس الثوري من بينها قائد أركان قاعدة خاتم الأنبياء، وقائد قوات الدفاع الجوي للحرس، وعديد من المناصب العسكرية الرفيعة، لكن مع توليه منصب رئيس الجمهورية برز خلافه مع الحرس الثوري حول معالجة الملف النووي والبرنامج الصاروخي، روحاني لا يرفض البرنامج الصاروخي ولكنه لا يريد الصخب الإعلامي الذي يقوم به الحرس الثوري أثناء التجارب الصاروخية، ولا التوقيت السيئ لإجرائها من وجهة نظر روحاني، لأنها دائما ما تحدث كردة فعل مضادة للدبلوماسية الإيرانية، وتؤدي بالتالي إلى إفشال خطط روحاني الخاصة بالانفتاح على العالم الغربي عبر واجهته المفضلة وزير الخارجية محمد جواد ظريف. وفي المقابل لا يرفض الحرس الثوري الاتفاق النووي لأنه لم يوقع إلا بموافقة من المرشد على خامنئي ورجاله من قادة الحرس، وإنما يرفض التبعات الاقتصادية للاتفاق النووي عليه، فروحاني يريد فتح الباب للاستثمارات الغربية في القطاع النفطي، وهو ما يرفضه الحرس الثوري المسيطر فعليا على هذا القطاع. في الفترة الرئاسية الأولى لروحاني تعنت خامنئي أمام الصيغة الجديدة للعقود النفطية الإيرانية التي وضعها وزير النفط الإيراني «بيجن زنجنه» لتشجيع الاستثمار الأجنبي في قطاع النفط الإيراني، واشتعل الهجوم سياسياً على روحاني واتهم بالفشل الاقتصادي من قبل المرشد، وتطور الأمر لاتهامه بالتساهل الاقتصادي مع الغرب ضد مصلحة إيران، بغرض تحقيق مكاسب سياسية وإنجاح اتفاقه النووي، واتخذت حينها إجراءات تكتيكية من التيار المحافظ للضغط سياسياً عليه، كان منها الدفع بأحمدي نجاد لخوض الانتخابات الرئاسية، وهجوم المرشد على روحاني وحكومته، وسرعان ما تم تهدئة الأمور بتدخل عدد من كبار الساسة ورجال الدين، كان على رأسهم رفسنجاني وناطق نوري، وانتهى الأمر باتفاق يقضي بإبعاد أحمدي نجاد، مقابل تعديل وزاري يعزل وزراء الرياضة والثقافة والتعليم، ويسمح لشركات الحرس الثوري بالحصول على عقود نفطية ضخمة، ولكن في إطار عقود متعددة الجنسيات حتى لا تفشل المشروعات النفطية الجديدة، مثلما حدث في السابق عندما اُسندت لشركات الحرس الثوري منفردة. وكان الدافع لدى روحاني لقبول هذه الصفقة رغبته في الحصول على فترة رئاسية ثانية، ومع فوزه في الانتخابات الأخيرة، سارع بعقد اتفاق نفطي ضخم مع شركة توتال الفرنسية. هذا الاتفاق أشعل حرب التصريحات بين روحاني والحرس الثوري من جديد، وكانت ذروة هذه المواجهة التصريح الأخير لروحاني الذي عبر فيه عن بيع مؤسسات الدولة لشركات الحرس الثوري تحت مسمي الخصخصة التي رفع شعارها خامنئي أثناء فترة رئاسة أحمدي نجاد. روحاني رفع سقف المواجهة مع الحرس الثوري ومع خامنئي حتى يصل في النهاية إلى الحد الذي يرضى به، لأن تلويح روحاني بهذا الأمر يمكن أن يترتب عليه إصدار عقوبات دولية على إيران، وهو ما لا يريده روحاني، وإنما يريد عقودا نفطية مع شركات أجنبيه تتيح له حصول الحكومة الإيرانية على قدر من العائدات النفطية، بعيداً عن هيمنة الحرس الثوري على موارد الدخل الإيراني، لذا كان الاجتماع الأخير الذي ضم كلا من روحاني وقادة الحرس الثوري، بالإضافة لقاسم سليماني لتهدئة الوضع والوصول إلى حل وسط يضمن لروحاني وحكومته الحصول على بعض الموارد المالية التي تمكنه من إدارة خطته الاقتصادية. ومن ثم الأزمة بين روحاني والحرس الثوري خلاف مالي بسبب هيمنة الحرس على الاقتصاد الإيراني، مغلف بنزاع سياسي لن يؤدي إلى تغيير جوهري في موازين القوة داخل إيران، ذلك لأن روحاني يؤيد ويدعم التواجد العسكري للحرس الإيراني في سورية والعراق، وجميع الأعمال الإرهابية التي يقوم بها الحرس الثوري الإيراني داخل إيران وخارجها.

مشاركة :