مفيدة بلحودي شاعرة تونسية من مدينة القيروان، لمع نجمها من خلال انطلاقتها الحقيقيّة نحو عالم الشّعر مع الدكتور منجي الشملي في برنامجه الإذاعي "مسالك الكتابة الأدبية"، ومنذ ذلك الحين وهي تكتب بأسلوب مميز ولغة جميلة، صدر لها: بهرة الضوء. مجموعة شعرية 2ـ عبير الغمام. مجموعة شعرية. تنشر نتاجها في الصحف والدوريات التونسية والعربية. قالت: الشعر هو عالم فسيح مليء بالجمال، أريد من خلاله أن أستبطن الذّات الواعية بما يدور من حولها من صراعات قوية، في ظلّ ما نعيشه في هذا العالم المتغير من مشاكل وطنية اجتماعية سياسية ثقافية وإيديولوجية، وأن أحوّل كل ذلك إلى نصّ قادر على تعرية الواقع المزيّف، فالشّعر لديَ هو حالة تخمّر وانتشاء، أتعايش بكل حب مع كل نصّ أكتبه، حتى وإن كان الحزن والقلق والخوف هم السّمة البارزة له. وأضافت: كل ما أصفه للقارئ العربي عن الشّاعرة التي بداخلي هو أنني أكتب بشكل سريالي، حتى وإن لم أذهب بنصوصي إلى ما فوق الواقع، وإنما أحاول أن أبرز كل هواجسي ومشاعري، في شكل نص جديد، تجاه ما يحدث في أوطاننا العربية. وتوضح مفيدة بلحودي أن القصيدة أحيانا أكتبها وأحيانا تكتبني، وبين هذا وذاك لا أستطيع التحكّم بمجرى تدفّقها اللاشعوري، وهي موهبة عالية الإحساس وقدرة على الأفكار المكتظّة بداخلي، كيف أحوّلها إلى نصّ شعري متدفّق بالجمال والحب والفرح، من خلال التطرّق إلى كل القضايا الجوهرية التي تمسّنا جميعاً. وقالت عن النقد والحركة النقدية في تونس: النقد هو عنصر أساسي للارتقاء بلغة الكتابة وتحسين جودتها، وهو أيضا عدم الانحياز لصاحب النص، أما بخصوص الحركة النقدية في تونس فأنها حركة مازالت تهتم وتعنى بالأعمال الأدبية الكبيرة التي لها وزنها في المشهد الثقافي التونسي وكذلك العربي، دون الالتفاتة إلى الشباب المبدع الذي لا يزال يتحسس طريقه إبداعيا، وفي المجمل لا يوجد نقد موضوعي أبدا، فالنقد في تونس هو مجرّد محاباة للأحباب والأصدقاء فقط، وما نلاحظه أنا ومجموعة من الأصدقاء أن النقد موجه للرواية أكثر من الشعر. أما مساحة المرأة من الإبداع، فأوضحت مفيدة بلحودي بأنها مساحة شاسعة جداً، لذلك نراها حاضرة في مختلف التظاهرات الثقافية الوطنية والدولية، وما على المرأة المبدعة استغلال هذه المساحة في شتى المجالات الإبداعية، وتوظيفها جيداً من خلال رصد هموم الناس والمجتمع، والوقوف على أهم مشاكله، لمعالجتها بطريقة ناجعة، فنجدها اليوم روائية وشاعرة ومخرجة ورسامة واقتصادية وسياسية وباحثة في المجال العلمي، وعلى المرأة المبدعة الاقتراب أكثر فأكثر من المرأة الريفية الكادحة وتسليط الضوء على همومها الحياتية والتي تعمل في ظروف قاسية، والتي أيضاً ينقصها الكثير والكثير من خدمات صحية وترفيهية وثقافية وإبداعية وحقوق مفتقدة. وأشارت إلى أنه بالجمال والفن والثقافة نستطيع أن نبني علاقة تواصلية ممتعة ومتطورة مع العالم، ونكون قادرين على طرد القبح والظلم ومجابهة المتغيرات الخطيرة، لذلك علينا نحن الشعراء، أن نطور أدواتنا من خلال قراءة الكتب والأعمال الأدبية العربية والعالمية والسّفر، ومحاولة التواصل مع كبار الأدباء والاطلاع على تجاربهم الأدبية المليئة بالصور البلاغية المتجددة حتى لا نكرّر أنفسنا ونسقط في تقليد أدبي ممل. وترى مفيدة بلحودي أن القصيدة لن تكون ذات جدوى ما لم تعالج قضايا العصر، وما لم تكتب بأدوات فنية قادرة على التأثير فينا، وما لم تخاطب العقل والوجدان معا، وبالتالي سيكون مآلها النسيان السريع. وقالت في تعريفها للشعر: الشعر تنظيم موسيقي والشاعر هو مهندس القصيدة، له القدرة على فن القول، من خلال البناء اللغوي والصور الشعرية، وكذلك الإيقاع الذي يعد عنصراً جوهريا قصد التأثير في الناس، وإيصال ما يريده الشاعر لهم، فبدونه لن تكون القصيدة قصيدة والشعر شعراً . الشعر هو إحساس إنساني تتداخل فيه جميع المتناقضات وهو أداة تعبيرية يختلط فيه الواقع بالخيال، إلا أننا الآن وفي ظل ما نعيشه اليوم من بؤس إنساني قاتم بسبب الحروب والقتل والدمار وبشاعة الواقع المعيش، أصبح الشعراء يكتبون معاناة الناس وينقلونها لعل الضمائر تستفيق لتخليص الإنسانية من براثن ظلم الإنسان لأخيه الإنسان. وأوضحت أن للغة أهمية كبرى في الشعر، وهي تأتي في المقام الأول، باعتبارها مادة الشاعر التي يكتب بها، تجعله يتحرك داخل القصيدة ليعيد تشكيلها من جديد، فيغوص في جوانب الكلام دون خوف أو قيود وفق صور شعرية مبتكرة. وأضافت: على الشاعر أن يكتب نصه، وأن يبحث عن المتخفي فينا، وأن يخرج عن كل ما هو مألوف في صيغ شعرية مستحدثة، وأن يعتمد على الرمز والتكثيف والإيجاز في التعبير، وأن يعتمد في لغته وصوره الشعرية على ومعانٍ واضحة وصور عاطفيّة شفّافة موحية وعميقة. وهي تعتقد أن قصيدة النثر لها خصوصياتها الجمالية والتركيبية والإيقاعية، وبالتالي المشكل كامن في كيفية كتابة نص جيد يرتقي إلى الإبداع لا يفتقد إلى التوهج الجمالي الشفاف، مهما كان نوع الشعر موزوناً أو نثراً. وعلى الشاعر الابتعاد كليا عن الغموض سواء في قصيدة النثر أو قصيدة التفعيلة، والاستفادة من التجارب الشعرية الرائدة التي سبقته، لذلك لا أعتقد أن المشكل كامن في قصيدة النثر وإنما في الطارئين عليها. وتؤكد مفيدة بلحودي أنها مستحيل أن تكون محايدة، وأن تتجاهل هموم الناس وتفاصيلهم اليومية المحيطة بهم وبها، فالشاعر عليه أن يكون لصيقاً بمجتمعه، وأن يكون عميقاً في معالجة القضايا الراهنة، وخاصة ما نمر به اليوم من انكسارات وحروب لتقسيم الأمة العربية.
مشاركة :