تحت عنوان «المرأة في القصة البحرينية»، أقام «ملتقى القصة» بأسرة الأدباء والكتاب، أمسية أدبية قدمتها الكاتبة شيماء الوطني، مساء الـ(25 من يوليو)، متناولةً فيها البحث في مكانة المرأة في القصة القصيرة بمملكة البحرين، وكيف تناولها القاص البحريني ومن أي زاوية، مؤكدةً أن هذا القاص «يستمد شخوصه ونماذجهُ القصصية من عمق المجتمع المحلي، بما يكتنزهُ هذا الواقع من نماذج معبرة ومؤثرة على نفس القاص».ولفتت الوطني إلى أن هناك شحًا في الدراسات والمصادر المهتمة بتتبع النتاج المحلي في القصة القصيرة، غير أنها عمدت إلى تتبع مجموعة من النتاجات القصصية، للخلوص إلى ما خلصت إليه دراستها، التي تشير فيها إلى أن المرأة جزء لا يتجزأ من الواقع المجتمعي البحريني، وبالتالي منحها ذلك حضورًا رئيسًا على مستوى النتاج الأدبي، مبينةً أن أبرز صور هذا الحضور يتمثل في بروزها شخصيةً رئيسةً في عددٍ من النتاجات، منذُ خمسينيات القرن الماضي وحتى اليوم، إلا أنها أشارت إلى أن هناك أدوارًا جاءت هامشية، بل كان حضورها لإبراز الكيان الذكوري في العمل، من خلال استحضار نقيضه الأنثوي. وتطرقت الوطني إلى مجموعة من النماذج التي تناولت المرأة بشكل رئيس، متمثلة بصورة الأم، إذ تميل معظم القصص القصيرة البحرينية إلى تناول الأم من جانب إيجابي، بفيض من الحب والحنان والتفاني، ونجدها كذلك في قصة (كلما رأيتها) للكاتب أحمد المؤذن، حيثُ الأم لا تملك قوت يومها ولكنها تضحي بالقليل مما تملكه لإحضار شاحنة يحلم بها طفلها، أو هي (جوهرة) عند الكاتبة عائشة عبدالله غلوم، المرأة المتفانية التي تفقد حياتها في أثناء ولادتها لابنتها الثانية التي ستحمل اسمها من بعدها. أما المرأة بوصفها زوجةً، فكانت أحد النماذج المكررة بامتياز، حتى وإن كان دورًا مكملاً للرجل، كما تقول الوطني، فـ«شخصية المرأة الزوجة تختلف وتتعدد وإن كان الزواج هو الإطار العام لها، فهي متعددة الوجوه والأحوال (العاشقة، الوحيدة، المضحية، المتفانية، العاملة، العاقر، الأرملة، المخدوعة، المطلقة)». وتقدم الوطني مثالاً عند الكاتبة أمل عبدالوهاب التي قدمت نموذج الزوجة الصابرة في قصة (انتظار)، وفي نموذج المرأة المعنفة والضعيفة «ولهُ نصيب الأسد من الحضور في مجمل القصص، فالمرأة سلبية خاضعة للسلطة الذكورية المتمثلة غالبًا في (الأب، الأخ، الزوج) وضحية للعنف، والهجر والخيانة»، تعاني الوحدة والتهميش، كما هو عند زهراء الروساني في قصتها (ظل)، إذ تقدم نموذج الأم الضعيفة والمغلوب على أمرها وهي تحاول إقناع ابنتها أن تقبل الحياة ذاتها التي تعانيها فقط لتكون تحت حماية (ظل) رجل. أما عند يثرب العالي في قصة (قلم كحل) تجد المرأة المعذبة خلاصها بإصابة من زوجها العنيف بالعمى، وحتى عند عائشة عبدالله غلوم فإن المرأة تقبل الزواج من رجل أعمى ولكنه يقابل تضحيتها بالعنف اللفظي والمادي في قصة (بين الصمت والموت). واستعرضت الوطني جانبًا مهمًا وهو المرأة بوصفها متمردة، فـ«ثمة قصص تتعلق بموضوعات ونماذج استثنائية وبعيدة عن النمط التقليدي، كما في قصص الكاتبة معصومة المطاوعة، المرأة المتسلطة، والمرأة العاملة والطموحة وهو من النماذج التي قليلاً ما تُكتب في القصص، ولكن الكاتبة يثرب العالي أفردت لها في مجموعتها (أبيض أحيانًا) عددًا من قصصها لتنقل لنا جزءًا من عالم المرأة الطبيبة وما يواجهها من تحديات، والمرأة الريفية إذ يظهر هذا النموذج بشكل جلي لدى معظم الكتاب الذين ترعرعوا في بيئة ريفية خالصة، وقد ساعدتهم في رسم ملامح المرأة الريفية البسيطة والمكافحة والخاضعة في كثير من الأحيان لسلطة مجتمعها وأحكام العادات والتقاليد»، ومن هؤلاء الكتاب الذين برعوا في تجسيد هذا النموذج الكاتبان حسن بوحسن وأحمد المؤذن. وتوضح الوطني أن هناك جانبًا مهمًا، وهو تفضيل المرأة كاتبة للقصة القصيرة على سواها من الفنون الأدبية، مبينة أن ذلك يرجع إلى أن المرأة ورثت فن الحكي الشفهي القديم، فهذا الفن هو الأكثر رحابةً للتعبير عن بوح المرأة ومكنوناتها.
مشاركة :