صحراء الصعيد هاجس أمني جديد يؤرق الأمن المصري بقلم: أحمد حافظ

  • 8/12/2017
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

إصرار مصري على القضاء على البؤر الإرهابية في مناطق صحراء محافظات صعيد مصر وسط مخاوف من تحول الحدود مع ليبيا منفذا لتوسع الإرهابيين.العرب أحمد حافظ [نُشر في 2017/08/12، العدد: 10720، ص(7)]قلق من القادم القاهرة - بدا جليا التحوّل في إستراتيجية تنظيم داعش بمصر، إثر تكثيف عملياته الإرهابية في محافظات الجنوب، ولجوء عدد من عناصره للاختباء في الجبال الشاهقة هناك، وغالبيتها موصول بالصحراء الليبية من ناحية الغرب والجنوب الغربي. وقالت مصادر أمنية لـ”العرب” إن “قوات الأمن المصرية بدأت تحكم قبضتها على الجبال الصحراوية في محافظات المنيا وسوهاج وقنا والأقصر، مدعومة بعناصر من القوات الخاصة وغطاء جوي، وحاصرت الكثير من المسارات التي يمكن أن يهرب منها الإرهابيون إلى صحراء ليبيا، عبر ما يسمى الظهير الصحراوي الغربي لهذه المحافظات”. وأعلنت وزارة الداخلية عن مقتل 3 إرهابيين من المتورطين في استهداف حافلة الأقباط بالمنيا، في مايو الماضي، وعدد من رجال الشرطة بالأقصر في عملية جرت الشهر الماضي، فضلا عن اغتيال ضابط شرطة بقنا قبل أيام، خلال مداهمة أمنية للبؤر الإجرامية بمحافظة قنا. وقالت في بيان لها، الخميس، إن “الإرهابيين الثلاثة كانوا ضمن تشكيل يتزعمه القيادي عمرو سعد عباس واضطلع على مدار الفترة الماضية بتنفيذ عدد من العمليات، منها تفجير كنائس البطرسية بالعباسية ومار جرجرس بالغربية والمرقسية بالإسكندرية والتعدي على كمين النقب بالوادي الجديد وأتوبيس المواطنين المسيحيين بدير الأنبا صموئيل بالمنيا”. ويشير التصعيد الأمني في صحراء بعض محافظات صعيد مصر المتاخمة للحدود الليبية، إلى أن جهاز الأمن المصري يسعى للقضاء على البؤر الإرهابية بهذه المناطق قبل أن تتوسع وتتحول إلى صداع مزمن يتسبب مع الوقت في تشتيت أجهزة الأمن بين سيناء شرقا والحدود مع ليبيا غربا. وأضافت المصادر الأمنية لـ”العرب” أن هناك دروبا جبلية ممتدة في الظهير الصحراوي الجنوبي الغربي لمحافظات قنا وسوهاج وأسيوط والمنيا والأقصر، وجميعها يمكن أن يصل إليها إرهابيون من الصحراء الليبية الشاسعة، مثل ما جرى مع البؤرة الإرهابية التي استهدفت حافلة للأقباط مايو الماضي في أحد الطرق الصحراوية بالمنيا، وكان هؤلاء في طريقهم لدير الأنبا صموئيل وقتل منهم 30 شخصا، وفر المجرمون عبر الصحراء المتاخمة للحدود مع ليبيا. ويرى البعض من المراقبين أن صحراء ليبيا أصبحت المغذي الرئيسي للإرهاب في محافظات الصعيد، لا سيما مع توعد داعش أكثر من مرة أنه سيؤسس لنفسه تنظيما في صعيد مصر، يحظى بتمويل ودعم كبيرين داخل مصر وخارجها. وقام سلاح الجو الحربي المصري بتنفيذ ضربات داخل الأراضي الليبية استهدفت تجمعات إرهابية لما يسمى تنظيم “مجلس شورى مجاهدي درنة” في مدينة درنة الليبية، بعد ضلوعهم في استهداف حافلة الأقباط التي كانت في طريقها لأحد الأديرة بصحراء المنيا.ناجح إبراهيم: البؤر الإرهابية الموجودة في جبال وصحراء الصعيد هي الأخطر خارج نطاق سيناء وقتل أمينا شرطة الخميس الماضي في حادث إرهابي نفذه مسلحون بمدينة إسنا القريبة من الأقصر، ما اضطر قوات الأمن لتنفيذ عدة مداهمات، وقتل ضابط شرطة و3 إرهابيين خلال تبادل لإطلاق النار مع مسلحين. وقال ناجح إبراهيم القيادي السابق في الجماعة الإسلامية لـ”العرب” إن البؤر الإرهابية الموجودة في جبال وصحراء الصعيد، هي الأخطر خارج نطاق سيناء، بسبب اعتناقها الفكر التكفيري، فهو لا يفرق بين عسكري أو مسيحي أو حتى مدني، وتسعى للسيطرة على المنطقة أمنيا وفكريا. وخلصت تحقيقات الأجهزة الأمنية إلى أن الإرهابي عمرو سعد عباس (32 عاما) زعيم الخلية الإرهابية في جبل أبوتشت بقنا، اعتنق الفكر التكفيري في الصغر، وتزوج من شقيقة الانتحاري محمود محمد مبارك الذي فجر نفسه بحزام ناسف في الكنيسة المرقسية بالإسكندرية، وكانت أسرته ترفض الصلاة في مسجد القرية منذ سنوات لأنها تعتبر أهل القرية من الكفار. واعتبر ناجح إبراهيم أن القضاء على البؤر الإرهابية التابعة لتنظيم داعش بصعيد مصر في مهدها السبيل الوحيد لتجنب تحويل مدن جنوب مصر إلى أفرع لتنظيمات إرهابية، وهو ما تقوم به أجهزة الأمن حاليا، خاصة أن صحراء الصعيد شاسعة ويصعب التحكم فيها تماما. وأوضح أن تنظيم داعش وجد في الصعيد بيئة خصبة حاضنة للإرهاب بسبب تعرضه للإهمال من قبل الحكومات المتعاقبة، ما أفرز ظهور حالة من العدائية للدولة، يحرض دعاتها على الانتقام بسبب تفشي الفقر والتهميش وارتفاع معدلات الأمية. ويشكل الصعيد المصري بيئة حاضنة أيضا لظاهرة استعمال السلاح، بعكس محافظات الوجه البحري، لا سيما وأن عقيدة سكان الصعيد ترى أن في حمل السلاح وسائل للأمن والدفاع المشروع عن النفس في ظل انتشار ثقافة الأخذ بالثأر التي مازالت موجودة، وغض النظر عن القانون كأداة أساسية للفصل في الخلافات. وتتخذ بعض التيارات الدينية المتطرفة من بعض قرى ونجوع ومدن محافظات الصعيد موطنا لها، فهناك الجماعة السلفية موجودة في كل من قنا والمنيا، فضلا عن عناصر جماعة الإخوان المسلمين التي تتواجد في محافظتي الفيوم وبني سويف (مسقط رأس محمد بديع مرشد الإخوان والمحكوم عليه بالإعدام في عدة قضايا). ورأى اللواء فؤاد علام عضو المجلس الوطني لمكافحة الإرهاب أن “الدولة لن تسمح لأن تكون الصحراء الغربية ملاذا آمنا للإرهابيين”، واصفا ما يحدث في بعض محافظات الصعيد من محاولات تأسيس بؤر إرهابية أنه “هروب من جحيم التصعيد الأمني ضد الإرهابيين في سيناء، ومحاولة للبحث عن بديل آمن بجبال الصعيد”. وأضاف لـ”العرب” أن “بعض التيارات الإرهابية تحاول إحياء فترة التسعينات من القرن الماضي بتصعيد العمليات الإرهابية في جنوب مصر، عبر التواجد في معاقل الجماعات الإسلامية وحركات الجهاد في المنيا وأسيوط”. وشهد عاما 1995 و1996 أعنف عمليات إرهابية بجنوب مصر، استهدفت أجانب ورجال شرطة. ولفت علام، وهو قيادي سابق بجهاز أمن الدولة، إلى أن “هناك حركات سلفية متشددة تغذي هذا التواجد، وتدعو لنشر الكراهية والفتنة الطائفية كالتحريض على معاداة الأقباط، لكن التحرك السريع لأجهزة الأمن واقتحام الجبال ومطاردة الإرهابيين في الصحراء يساهم في تطهير جذري للمنطقة”. كاتب مصري

مشاركة :