عودة أحمد شفيق: جدل جديد في المشهد السياسي المصري بقلم: أحمد حافظ

  • 11/17/2016
  • 00:00
  • 32
  • 0
  • 0
news-picture

عودة شفيق المنتظرة إلى مصر، مع ظهور مؤشرات تدعم فكرة تراجع المؤسسة العسكرية من الحياة السياسية والاقتصادية تدريجيا، وهو ما يزيد من أسهم تصعيده (شفيق) بعد عودته لسد الفراغ المحتمل، لا سيما وأنه كان رئيس آخر حكومة في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، وانخرط في الحياة المدنية منذ فترة طويلة ولم يعد يحمل الصفة العسكرية أو يتبع الجيش بشكل مباشر، لكن كغيره يكنّ تقديرا وولاء كبيرين لهذه المؤسسة. ويرى البعض من المراقبين أن الخلفية العسكرية المشتركة بين الفريق أحمد شفيق والرئيس المصري الحالي عبدالفتاح السيسي، ربما تكون مفتاحا يسرّع من وتيرة التفاهم بينهما، بما يمهد الطريق لإمكانية الاعتماد عليه لاحقا، لعدة أسباب، أهمها التعاطف معه من قبل المؤسسة العسكرية، بحكم الانتماء، حيث تدرّج في مناصبها حتى وصل إلى رتبة فريق، وخبرته الاقتصادية، خاصة في قطاع الطيران (الحربي والمدني)، فضلا عن تقلّده منصب وزير الطيران لفترة طويلة إبان حكم مبارك، وترك بصمات إيجابية في منصبه. وجرى تحميل أحمد شفيق المسؤولية المعنوية لما يعرف بـ”موقعة الجمل” التي جرت في ميدان التحرير (وسط القاهرة) في الأول من فبراير 2011، وراح ضحيتها عددا من الشباب، بسبب اشتباكات وقعت بين فريق من المتظاهرين وآخر مؤيد لمبارك. مفترق طرق أمر مستشار التحقيق المنتدب من وزير العدل في أغسطس من العام 2012، بإدراج اسم أحمد شفيق على قوائم ترقب الوصول والممنوعين من السفر إثر التحقيقات في البلاغات المقدمة ضده “بتهم اختلاس المال العام وتسهيل استيلاء علاء وجمال نجلي الرئيس الأسبق حسني مبارك على مساحة 40 ألف متر بمنطقة البحيرات المرة الكبرى بمحافظة الإسماعيلية (شمال شرقي البلاد) دون وجه حق. وعقب خسارته في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة أمام المرشح الإخواني محمد مرسي في يونيو 2012، آثر شفيق الصمت مؤقتا، وأقام خارج البلاد. وكان شفيق يجري حوارات إعلامية بين حين وآخر، ويدوّن على حسابه الرسمي بتويتر وفيسبوك بعض آرائه السياسية، في ما يتعلق ببعض القضايا والملفات الداخلية. ويرد بقسوة على الاتهامات الموجهة إليه، واحتفظ بصورة جيدة لدى قطاع من المواطنين رأوا فيه بارقة أمل سياسية، بعد التأكد من إخفاقات فترة حكم الإخوان. ورغم بعض التلميحات والإشارات التي فهم منها، أنه لا يحبّذ وجوده داخل البلاد، لم تصل العلاقة بين ممثلي النظام المصري الحالي وأحمد شفيق إلى مرحلة الجفاء أو حتى الخلاف، بل إنه كان يدعم ترشح السيسي لرئاسة البلاد، وأيده في الكثير من تصوراته وممارساته، وهو خارج مصر، ما بعث برسائل عديدة، أبرزها أن ولاءه مازال للمؤسسة العسكرية وقادتها وبإمكانه المساعدة في أي دور يُطلب منه. عبدالمنعم سعيد: أتوقع أن يعيد شفيق تفعيل حزب الحركة الوطنية الذي أنشأه قبل مغادرة مصر وربما يكون حظ أحمد شفيق، أفضل من الفريق سامي عنان، رئيس أركان الجيش السابق، الذي عزله الرئيس الأسبق محمد مرسي ضمن حركة تغيير واسعة شملت قادة الجيش. فالأول يبدو متفهما لدور المؤسسة العسكرية، بينما كان عنان مشاكسا، حيث أعلن ترشحه لمنصب الرئيس لينافس عبدالفتاح السيسي في انتخابات الرئاسة التي جرت في العام 2014، ثم اعتذر عن الترشح في اليوم الثاني في ظروف غامضة، ومن وقتها توارى عن الأنظار من المشهد العام، وآثر العيش في هدوء بعيدا عن السياسة. ويذهب متابعون إلى أن شفيق تعلّم جيدا من درس عنان وفضّل أن يمسك العصا من النصف، حتى لا يغلق باب العلاقة مع النظام الحالي مبكرا، وبما يعطيه الأفضلية في حال رجوعه إلى مصر، واتخاذه قرارا بالعودة إلى المشهد السياسي من جديد، مستغلا في ذلك أن القضاء برّأه من جميع القضايا التي اُتهم فيها. تثار الكثير من التكهنات حول السيناريو الذي سيعقب عودة شفيق إلى البلاد، ففي حين يرى البعض أنه سوف يختفي من المشهد حتى لا تصطدم طموحاته بعدد من دوائر الحكم، يتوقع فريق آخر أن يستغل حالة التذبذب في الساحة السياسية المصرية ليعيد بناء حزبه القديم “الحركة الوطنية” ويقود السياسة الحزبية في مصر، ويستغل العلاقة السابقة مع المؤسسة العسكرية، وحاجتها إلى أحد رجالاتها في ثوب مدني، ليس عليه غبار. سيناريوهات متوقعة قال عبدالمنعم سعيد، رئيس المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة، هناك العديد من السيناريوهات المتوقعة بعد عودة الفريق أحمد شفيق إلى مصر، أولها أنه لن يترك العمل السياسي، لأن من يدخل هذا المجال لا يستطيع أن يغادره بسهولة، حيث تمثل السياسة بالنسبة إليه “حياة من نوع آخر”. ودخل شفيق العمل السياسي كوزير للطيران ثم رئيسا للوزراء، وبعدها ترشح لمنصب رئيس الجمهورية ضد محمد مرسي، وكان مرشح جماعة الإخوان المسلمين في انتخابات 2012، ومازال على قناعة بأنه الفائز الحقيقي في هذه الانتخابات، لأن أمرا ما قد حدث في اللحظات الأخيرة من إعلان النتيجة، بحسب قوله في أكثر تصريح إعلامي. وتوقع عبدالمنعم سعيد، في تصريحات لـ”العرب”، أن يُعيد شفيق تفعيل حزبه “الحركة الوطنية” الذي أنشأه قبل مغادرة مصر، ثم فشل (الحزب) سياسيا لعدم وجود قائد حقيقي له، أو يؤسس حزبا جديدا يستطيع من خلاله العودة إلى المشهد بقوة وهذا هو الاحتمال الأرجح. الخلفية العسكرية المشتركة بين الفريق أحمد شفيق والرئيس عبدالفتاح السيسي ربما تسرع التفاهم بينهما غير أن البعض يرى أن هناك معوقات أمام الفريق شفيق، أهمّها أن الفترة التي قضاها خارج مصر جعلته يخسر جزءا كبيرا من الكتلة التي تعاطفت معه، ومنحته صوتها خلال ترشحه للانتخابات الرئاسية، وأكثرية هذه الكتلة، وربما جميعها، ستصبح داعمة للرئيس السيسي، بمعنى أن شفيق إذا قرر العمل السياسي، سيكون مضطرا لبناء هياكل جديدة. ويضيف عبدالمنعم سعيد، أن رسالة شفيق التي سوف يقدمها للناس لن تكون ملهمة بالنسبة إليهم كما كانت من قبل، بعكس الرسالة التي يقدمها محمد البرادعي، نائب رئيس الجمهورية السابق حتى وهو خارج البلاد، لأنه مهما حاول البعض التشكيك في توجهاته (البرادعي) تظل خلفه كتلة صلبة، سواء زادت أو نقصت، وهي مؤمنة برسالته التي يقدمها وتدافع عنها بقوة عند اللزوم. وفي المقابل، ترى بعض الدوائر السياسية أن هذه المعوقات ربما تتلاشى سريعا في حال قرر النظام نفسه مد يد العون للفريق شفيق للعودة إلى المشهد مجددا دون عناء، وتقديمه للناس بشكل مختلف عن الصورة التي ترسّخت عنه لدى البعض، من حيث كونه أحد رموز نظام مبارك، أو أنه اتهم سابقا في قضايا تربّح وفساد وغيرها، ليبقى شفيق صاحب الرؤى الثاقبة. وإذا كان شفيق صاحب القرار الأول والأخير للعودة إلى مصر مجددا والظهور في الساحة الحزبية، فسوف تبقى رؤية النظام الحاكم ومدى تقبل الشارع لذلك، هما المعياران الحقيقيان للتحكم في المصير السياسي للفريق شفيق. كاتب من مصر :: اقرأ أيضاً الاغتراب اللغوي يضاعف غربة المهاجرين ويطيل طريق اندماجهم

مشاركة :