زيادة أسعار الفائدة تمتحن مزاج السوق

  • 7/20/2014
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

سواء أحببتها أو أبغضتها، لدى قناة "سي إن بي سي" قدرة قوية على تتبع المنعطفات في مزاج السوق. وقد فعلت ذلك مرة أخرى الأسبوع الماضي. فبدلاً من الخبر المروع عن سقوط الطائرة الماليزية في أوكرانيا، كانت تعرض مناظرة تلفزيونية بشأن السياسة النقدية التي قد تعطي أفضل فكرة حول المكان الذي تتجه إليه الأسواق المالية. قناة الكابل التي يوجد مقرها في الولايات المتحدة، حاضرة في كل مكان في غرف التداولات، وتتبنى في بعض الأحيان نهجا لاذعا وصاخبا في الأخبار المالية يمكن أن يؤدي إلى الإثارة. من ذلك ما حدث في آب (أغسطس) 2007، حين قال أحد مقدمي برامجها، جيم كريمر، بصوت عال: أن البنك الاحتياطي الفيدرالي "لا يعرف شيئاً" بينما كان يضرب بيده على الطاولة، معلنا في الوقت نفسه عن وقوع "المعركة الفاصلة في أسواق الدخل الثابت". وكانت تلك هي المرة الأولى التي أدرك فيها كثير من الناس أن أزمة الائتمان كانت تتفاقم. وتم تعميد حزب الشاي على "سي إن بي سي" خلال صخب أحدثه مراسلها، ريك سانتيلي، في كانون الثاني (يناير) 2009. وبعد ذلك ببضعة أيام انتزع مقدم البرامج الكوميدي، جون ستيوارت، وبشكل لا ينسى، الموضوع وشن هجوماً على كريمر والشبكة لفشله في اكتشاف الأزمة المقبلة. وساعد كلا الأمرين في بلورة السخط العام من وول ستريت بعد الأزمة. وأثار هذا الاشتباك الساخن على الهواء اهتمام الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع الماضي. كانت المشاعر قيد العرض تمثيلية، لكنها أدركت طبيعة النقاش الذي كان يهيمن على عالم إدارة الأصول على مدى خمس سنوات. جانيت ييلين، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي، بثت يوم الثلاثاء مشاعر الرعب في الأسواق عن طريق إخبار الكونجرس أن بعض أسعار الأصول بدت فوق قيمتها الحقيقية. وحذرت أيضاً من أنه إذا واصلت سوق العمل التحسن بشكل أسرع مما توقعه الاحتياطي الفيدرالي، فقد تكون أول زيادة في أسعار الفائدة في وقت أبكر مما هو متوقع. في مناقشة في "سي إن بي سي" في أعقاب تصريح ييلين، ثار غضب سانتيلي أكثر وقال متسائلا: "من الذي نساعده هنا؟ إنهم يزيدون الأمر سوءا ولا يعالجون المشكلة". إنه في الفريق الذي يوحي بأن انخفاض أسعار الفائدة قام بإعاقة انضباط السوق، مع عواقب كارثية محتملة. لكن عندما قال "التاريخ إلى جانبي" وترك المكان وهو غاضب، أجاب ستيفن ليسمان، من قناة سي إن بي سي: "من المستحيل أن تكون مخطئاً أكثر مما أنت عليه. دعوتك للتضخم وتدمير الدولار وإخفاق الاقتصاد الأمريكي في الانتعاش كل نصيحة من النصائح التي قدمتها أفقدت الناس أموالها". كان ذلك سبباً جيداً لفخر التلفزيون، لكن النقاش الأساسي كان حاسماً. حتى الآن، أولئك الذين زعموا أن شراء السندات من خلال برنامج التسهيل الكمي وأسعار الفائدة المنخفضة قد يذكي التضخم تبين أنهم على خطأ. لكن لا يزال كثيرون يخشون من أن عصر التسهيل الكمي سينتهي بشكل سيئ. لا تزال هناك طريقتان يمكن من خلالهما أن يتبين أنهم على حق. تنطوي إحداهما على عودة التضخم في الوقت الذي يُهَمْهم في الاقتصاد الحقيقي عائدا إلى الحياة، ويتم تحرير المال من البنوك والميزانيات العمومية للشركات. الاختبار الرئيس في ذلك هو نمو الأجور: فبمجرد أن يكون هناك إشارة واضحة إلى أن السلطة التفاوضية للعمال آخذة في الارتفاع وإحداث ضغوط تضخمية، عندها يمكن أن تبدأ مخاوف احتمال حدوث التضخم. لفتت ييلين الانتباه إلى ذلك. كما يشير جيم بولسن، من ويلز كابيتال، إلى السوق "بعيدة فقط برقم سيئ واحد في الأجور عن تغيير عقلية الناس". والقلق الثاني يتعلق بما يحدث عندما تبدأ أسعار الفائدة أخيراً في الارتفاع. أين تذهب هذه الأموال؟ حول هذا هناك بالفعل بعض الأدلة. في العام الماضي، ارتفعت عوائد السندات الأمريكية بسرعة بعدما تكهن بن برنانكي، رئيس الاحتياطي الفيدرالي آنئذ، بإمكانية أن يبدأ البنك عملية "الانسحاب التدريجي" من برنامجه الخاص بشراء السندات. ما تلا ذلك يعرف باسم "تفتق نوبة غضب" حين شهدت مجموعة من الأسواق الناشئة التي تعاني ارتفاع العجز في الحساب الجاري هجوماً على عملاتها. ومع عودة المعدلات إلى وضعها الطبيعي في الولايات المتحدة، لم يعد المتداولون في حاجة للدخول في المخاطر من أجل الحصول على العائدات الأعلى المعروضة في البلدان الناشئة، وبالتالي اختاروا الخروج. انتهت تلك الحادثة عندما فاجأ بنك الاحتياطي الفيدرالي الجميع بأنه لن يخفض المشتريات في أيلول (سبتمبر). وعندما خفضها في نهاية المطاف في كانون الأول (ديسمبر) عمل ذلك على تغيير المزاج، في محاولة للتأكيد على أن ارتفاع أسعار الفائدة كان لا يزال بعيداً. وما حدث بعد ذلك في تركيا في كانون الثاني (يناير) أعطى درساً مفيداً. تم الضغط بشكل متزايد على الليرة. وللدفاع عنها أعلن البنك المركزي، في منتصف الليل، رفع أسعار الفائدة الأساسية إلى أكثر من الضعف. ثم بدأت عوائد السندات الأمريكية الانجراف الثابت إلى أسفل، وتخلصت من الضغط. كيف استجابت تركيا لذلك؟ تحت الضغط السياسي، خفض البنك الأسعار مراراً وتكراراً، وتبين أن ارتفاع منتصف الليل كان انحرافا. وكان ذلك كافياً لدفع مؤشر بورصة إسطنبول بنسبة 44 في المائة من أدنى مستوى له في كانون الثاني (يناير) الماضي. ويظل المؤشر الآن دون مستوى ما قبل تفتق نوبة الغضب العالية بنسبة 24 في المائة، لكن التأثير كان كبيراً. وبفضل انخفاض عوائد السندات الأمريكية، لا تزال الليرة أقوى مما كانت عليه في كانون الثاني (يناير). نيكولاس سبيرو، من شركة سبيرو للاستراتيجية السيادية، كان بالتأكيد محقاً في أن الارتفاع مدفوع بعوامل خارجية وبالتهاون. كفاءة البنك في مكافحة التضخم أصبحت في حالة يرثى لها الآن، وبالتالي العواقب بالنسبة لتركيا بمجرد أن يرفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأسعار بشكل جدي، يمكن أن تكون مؤلمة. ومن المفارقات غير المألوفة كان رد الفعل الأولى على آخر الأخبار الجيوسياسية المرعبة هو دفع عوائد سندات الخزانة إلى مزيد من الانخفاض، ما أعطى الأسهم دعماً إضافياً. لكن لا تنخدع بذلك. الدراما التركية والتمثيل المسرحي لـ "سي إن بي سي" يعطياننا لمحة لما سيحدث في المرحلة المقبلة.

مشاركة :