عواصم - وكالات - أكدت عضو لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة في شأن سورية كارلا ديل بونتي، أمس، أن اللجنة جمعت أدلة كافية لإدانة رئيس النظام السوري بشار الأسد في جرائم حرب. يأتي ذلك فيما تبقى الأنظار مركزة على الميدان، لاسيما الرقة التي تخوض «قوات سورية الديموقراطية» فيها معارك طاحنة ضد «داعش»، ودير الزور التي يسعى النظام بكل قوته للوصول إليها بدعم بري من الميليشيات الحليفة له وجوي من روسيا. وشددت ديل بونتي، المدعية العامة السابقة المتخصصة في جرائم الحرب، التي تستعد للتخلي عن منصبها في لجنة التحقيق الدولية المعنية بسورية بعد خمس سنوات من العمل فيها، لوسائل إعلام سويسرية، على أن الأدلة ضد الأسد تكفي لإدانته بارتكاب جرائم حرب، قائلة «أنا واثقة من ذلك»، رغم إشارتها إلى أنه في غياب محكمة ومدع عام دوليين مكلفين مهمة إجراء محاكمات في قضايا جرائم الحرب في سورية، فسيبقى إحقاق العدالة في هذه المسألة بعيد المنال. وأضافت في تصريحات لصحيفتي «لو ماتان ديمانش» و«زونتاغس تسايتونغ» إن «هذا ما يجعل الوضع محبطاً لهذه الدرجة. تم القيام بالعمل التحضيري، ولكن مع ذلك، لا يوجد مدع ولا محكمة... إنها مأساة»، مشيرة إلى أن روسيا تمنع ذلك، من خلال استخدامها حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن. وكانت ديل بونتي، السويسرية السبعينية التي برزت من خلال تحقيقها في جرائم الحرب التي ارتكبت في رواندا ويوغوسلافيا السابقة، أعلنت في وقت سابق من الشهر الجاري أنها ستستقيل من اللجنة لأنها «لا تفعل شيئاً على الإطلاق». وأشارت حينها إلى أنه «في البداية كان هناك الخير والشرّ، فكانت المعارضة من جهة الخير ونظام الأسد يلعب دور الشرّ، لكن الآن جميع الأطراف في سورية تصطف في جهة الشرّ حيث ارتكب نظام الأسد جرائم فظيعة ضد الإنسانية واستخدم أسلحة كيماوية، فيما لم تعد المعارضة تضم إلا المتطرفين والإرهابيين». وفي تصريحاتها أمس، أكدت أنها سلمت رسالة استقالتها الخميس الماضي وأنها ستترك منصبها بشكل رسمي في 18 سبتمبر الجاري، بعد تقديم اللجنة آخر تقرير لها إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. ودعا الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس اللجنة الأسبوع الماضي إلى الاستمرار في عملها رغم استقالة ديل بونتي. ولطالما ناشدت اللجنة، التي لن يبقى فيها إلا عضوان بعد استقالة ديل بونتي، مجلس الأمن تحويل ملف سورية إلى محكمة الجنايات الدولية ولكن من دون نتيجة. وفي توضيحها سبب استقالتها، قالت ديل بونتي «لا أريد أن أتحول إلى غطاء لمجتمع دولي لا يقوم بشيء على الإطلاق» من أجل تحقيق العدالة في سورية. وأضافت «استقالتي تهدف كذلك إلى أن تكون بمثابة استفزاز» حيث تأمل أن «تشكل عامل ضغط على مجلس الأمن الذي يتعين عليه إحقاق الحق للضحايا». وأكدت أن العدالة الدولية ضرورية لسورية حيث جرائم الحرب التي ارتكبت «أسوأ بكثير» من تلك التي رأتها في يوغوسلافيا السابقة، مضيفة «من دون عدالة في سورية، لن يكون هناك سلام أبداً وبالتالي لا مستقبل». من جهة أخرى، وصف وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو مدينة دير الزور بأنها إحدى النقاط الرئيسية في سورية، قائلا إن تحريرها سيظهر مدى النجاح في الحرب على «داعش». وأكد شويغو، في مقابلة مع قناة «روسيا-24»، أمس، أن بوصلة الحرب في سورية مصوبة اليوم إلى دير الزور كإحدى النقاط الاستراتيجية على شواطئ الفرات، معتبراً أن تحرير المدينة سيرمز إلى هزيمة «داعش» في البلاد. وأوضح أن الجهود التي بذلتها روسيا في الآونة الأخيرة من أجل الفصل بين العناصر المتطرفة وفصائل المعارضة أتاحت للجيش السوري إرسال قوة إضافية ملموسة إلى جبهات القتال ضد المتطرفين، مضيفا أن مساحة الأراضي التي تسيطر عليها القوات الحكومية توسعت مرتين ونصف المرة خلال الشهرين الماضيين، مقارنة مع ما كان عليه الوضع قبل وصول قوات المساعدة الروسية إلى سورية. وأكد شويغو أن مناطق خفض التوتر في سورية مفتوحة لتلقي المساعدات الإنسانية، مشدداً على أن موسكو تنتظر من منظمات دولية، لا سيما الأمم المتحدة، تقديم دعم إلى السوريين. ميدانياً، قتل 25 عنصراً من تنظيم «داعش» خلال الإنزال الجوي الذي نفذه الجيش السوري بدعم روسي في وسط البلاد، أول من أمس، في إطار العملية المستمرة في البادية تمهيدا لهجوم واسع على محافظة دير الزور. ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان، مساء أول من أمس، مقتل «ما لا يقل عن 25 عنصرا من تنظيم (داعش) وإصابة آخرين بجروح خلال عملية إنزال جوي نفذتها قوات النظام بغطاء جوي من الطائرات المروحية والحربية الروسية» في أقصى ريف حمص (وسط) الشمالي الشرقي قرب الحدود الادارية مع محافظتي دير الزور (شرق) والرقة (شمال). وأفاد المرصد أيضاً عن مقتل «ما لا يقل عن ستة عناصر من قوات النظام والمسلحين الموالين لها». وساهم الانزال الجوي في تضييق الخناق على التنظيم في ريف حمص الشمالي الشرقي، حيث تتواصل الاشتباكات يرافقها قصف جوي كثيف للطائرات والمروحيات الروسية. ومكّن الانزال الجوي، وفق مدير المرصد رامي عبد الرحمن، قوات النظام من «تقليص المسافة المتبقية بين قواتها المتقدمة من محور الحدود الإدارية مع الرقة ودير الزور وتلك المتواجدة في شمال مدينة السخنة» في ريف حمص الشمالي الشرقي. ونقلت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر عسكري قوله ان الجيش السوري نفذ عملية انزال جوي «بعمق 20 كيلومترا خلف خطوط تنظيم داعش الارهابي جنوب بلدة الكدير على الحدود الادارية بين الرقة وحمص». وسيطر الجيش خلال عملية الانزال الجوي «الناجحة»، حسب المصدر العسكري، على ثلاث قرى في عمق البادية. ويقتصر تواجد «داعش» في محافظة حمص على عشرات القرى المتناثرة في ريفها الشرقي. وبموازاة معارك البادية، يخوض الجيش السوري عملية عسكرية ضد التنظيم المتطرف في ريف الرقة الجنوبي، منفصلة عن حملة «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) المدعومة أميركياً لطرد «الدواعش» من مدينة الرقة، معقلهم الابرز في سورية. في الأثناء، كشفت شبكة «الرقة تذبح بصمت» عن مقتل ما لا يقل عن 946 مدنياً في مدينة الرقة خلال الشهرين الماضيين جراء قصف قوات التحالف الدولي التي تدعم قوات «قسد». وأوضحت الشبكة، التي يشرف عليها ناشطون سوريون، في بيان، أن نحو 450 ألف مدني اضطروا للنزوح من منازلهم بسبب انقطاع الماء والكهرباء، مشيرة إلى أن ما لا يقل عن 30 ألف مدني محاصرون في المدينة التي يطوقها المقاتلون الأكراد.
مشاركة :