رسخت الجولة التي يقوم بها حالياً الوسيط الأممي، إسماعيل ولد الشيخ، الاعتقاد بأن تسوية الحرب اليمنية باتت بيد أطراف إقليمية متنافسة، وأنها أصبحت رهينة لأطماع دول التحالف العربي بقيادة السعودية، أكثر من أي وقت مضى، بحسب مراقبين. وبدأ ولد الشيخ، الأسبوع الماضي، جولته، من مسقط، ومن العاصمة العمانية غادر المبعوث الأممي إلى الرياض للاجتماع مع قادة الحكومة اليمنية، بجانب مسؤولين خليجيين، بينهم الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي. ومن صنعاء، المحطة الثالثة، سافر الوسيط الأممي، وعلى غير المتوقع، إلى طهران، الحليف الأبرز للحوثيين. ورغم السرية التي أحاطت بنتائج جولة ولد الشيخ، إلا أن أول ما يُستشف منها، بحسب مراقبين، المدى الذي بلغته سطوة القوى الإقليمية، في الملف اليمني. وكان الوسيط الأممي قد قام بزيارتين إلى العاصمة الإيرانية، الأولى في مايو 2015، بعد أيام من تقلده منصبه، والثانية في نوفمبر الثاني من نفس العام. وفي آخر بيان صحافي له، عقب إنهاء زيارته إلى الرياض، وصف ولد الشيخ اجتماعاته هناك بأنها «موفقة». ودون تقديم تفاصيل أكثر، أفاد الرجل بأن لقاءات الرياض «سمحت للأطراف بالتعبير عن مخاوفهم». ولم تكشف وسائل الإعلام الإيرانية شئياً عن زيارة ولد الشيخ، التي التقى خلالها وزير الخارجية جواد ظريف ونائبه جابري أنصاري، سوى عموميات، مثل أنها «مهمة صعبة، لدعم تحقيق السلام». ومع أنها ليست الزيارة الأولى، إلا أن وسائل إعلام إيرانية، منها قناة «العالم»، ذكرت أن «إيران تدخل على خط الأزمة اليمنية». وأشارت إلى أن المسؤولين الإيرانيين رهنوا تسوية الحرب، بـ»حيادية الأمم المتحدة»، في تطابق نسبي مع موقف الحوثيين الذين يتهمون ولد الشيخ بالانحياز إلى الطرف الآخر. ووسط اتهامات لأطراف النزاع الداخلي بأنها لم تعد سوى «بيادق في رقعة شطرنج، تديرها أطراف إقليمية»، يعتقد مراقبون أن الأزمة اليمنية، تدخل في تعقيدات متطاولة، تستنسخ التجربتين السورية والليبية. ويعتقد المحلل السياسي اليمني، ونقيب الصحفيين الأسبق، عبد الباري طاهر، أن «الرهان على حل داخلي ضعف كثيراً، لصالح الأطراف الإقليمية، والتي تعيش هي الأخرى أزماتها الخاصة، ما يؤشر إلى نزاع طويل الأمد». وفي تعليقه للأناضول، يذهب طاهر إلى أبعد من ذلك بقوله إن جولة ولد الشيخ «مؤشر على أن الحل خرج إلى اليد الإقليمية، وهؤلاء وكلاء لأطراف دولية، ما يخرج الأمر إلى الطرف الدولي». وأضاف: «الحال كذلك، يعقد الأمر أكثر، لأن اليمن بالنسبة للعالم، في الهامش، وليس في المتن، فالأطراف الدولية لديها قضايا ذات ثقل أكبر، والأطراف الإقليمية غارقة في مشاكلها الخاصة». وشدد على أن «المشكلة هنا في الداخل، والأطراف اليمنية ميتة الضمير، فالبلد الذي يتقاتلون فيه وعليه، من أجل أن يحكمونه، يعاني من الموت وأمراض فتاكة ومجاعة».;
مشاركة :