عناوين لافتة بلغة مقززة؛ مقال بعنوان "الاستحمار"، مقال آخر بعنوان "ادخلوا حظيرة الإسلام بسلام".. "كلهم مشاخل"، وتتوالى عليك عناوين على نفس المنوال، وتتضمن تلكم المقالات عبارات ونعوتاً مقززة ومنفرة وتفصح عن انعدام الاحترام بشكل أكثر، كنعت مجموعة أو أفراد بكذا وكذا، وإقران الذوات البشرية بأسماء حيوانات، وكل سنة نسمع عن أسلوب أو نعت ينم عن استحقار ذاتي من طرف ذاك الشخص لمجموع حاضنته الاجتماعية بذرائع عدة. أتذكر بعض أحداث سنوات مضت من تصدعات اجتماعية نتيجة لتفسيرات مختلفة لديوان شعري منسوب لرجل ذي ثقل اجتماعي وعلمي، وفي ذات الوقت نُسجل نعوتاً من قِبَل رجال ثقافة، وأفكاراً لجموع طائفية من ذات البنية أو بنيات مختلفة بالغباء والاستحمار والخرفنة، وإطلاق نعوت متدنية (جهلة وثيران) من قِبَل إمام جمعة وجماعة في عاصمة عربية في حق من يصلون خلفه! والعجيب أن بعض المثقفين وبعض المتدينين المحليين وقعوا في نفس الفخ، ولكن كل يغني على ليلاه في الدفاع عمن يريدونه حباً ويجلدون الآخر بغضاً وإقصاء! كنت أتساءل عن هذه التطاولات ومسح كرامة الإنسان بأشكال متنوعة من قِبَل بعض من يدّعون ريادة المجتمع، وعما تنم عنه هكذا خروقات، وما الذي ستصنع لنا من أشخاص وقيادات في قادم الأيام. كنت في السابق أُحلل الوضع على أنه أسلوب دعائي من قبل هذا أو ذاك من الكُتاب للفت نظر القراء بإثارة فضولهم من خلال عناوين مقالات طنانة تكسر الرتابة، إلا أن الانغماس في ألفاظ كهذه ونعوت من قِبل بعض رجال من ينتحلون الفكر، وبعض مَن يدّعون أنهم رجال دين وبعض رجال ثقافة وبعض منتحلي ادعاء نشر الوعي وبعض الإداريين في حق عامة الناس من عامة الجماهير، يدل فيما يدل عليه من غياب لغة الحكمة والعقل والأخلاق والذكاء العاطفي والتودد. يؤلمك كمتابع للشأن الثقافي والتوعوي المحلي أو هكذا أتصور أن طرح البعض بين الفينة والأخرى طرحاً انتقاصياً واستفزازياً وتهكمياً شمولي النعت للناس المسالمين بين الفينة والأخرى دونما روية وتمييز وتحديد وتبعيض في استهداف المنعوتين، ودونما ترك هامش وتدني خطابه ونعوته. قد لا نكون من المتابعين اللصيقين بالإنتاج الثقافي والاجتماعي، لكن وعن كثب رصدنا من ضمن ما رصده آخرون لما يُكتب في خضم زحمة الحياة أن هناك ألوانلً من الشتم والاستهزاء تكال للناس البسطاء من قِبل من يزعمون تارة التدين وتارة الليبرالية وتارة العلمانية، ومن بعض مدعي السعي من أجل حرية وكرامة الإنسان في هذا البلد أو ذاك! في بداية الأمر قد يتجاوز الإنسان الرصين حفلة الشتم تلك كفن من فنون التغافل، وقد يصد عنها ترفعاً عن السقوط في فخاخ المشاغبة والجدال العقيم وفجور المخاصمة. إلا أنك ترصد أن هذا أو ذاك الكاتب يتلذذ ويستأنس بطرحه الهجومي والاستنقاصي لكرامة كافة الآخرين ممن هم خارج لونه الفكري، فينعتهم بنعوت لا تتوافق والإنسان الساقط في الرذيلة، فضلاً عن الإنسان المحترم والمسالم. ولعدم وجود ضوابط ضمير ولغة للحوار مسؤولة، فإن الكاتب، ذاك البعيد، يستمر في تماديه على كرامة الآخرين ظناً أن الآخرين مسلوبي إرادة ردة الفعل. شخصياً أرى أن إظهار كامل الاحترام والترفع عن التعابير المنفرة لكسب الثقة وإحداث التغيير المنشود هو الغاية. استمرار واستفحال الظاهرة بالتنابز، وإظهار عدم الاحترام للمكونات الاجتماعية ينبئ عن انشقاق جديد في الساحة المحلية، وقد يؤدي إلى زيادة الوهن الاجتماعي بين بعض الأطراف، لا سيما بين بعض أبناء الجيل المعبر عن استيائه من المسيطرين والمسطرين للرأي العام في المجتمع. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
مشاركة :