إعداد: بير حسين توثق ذاكرة اليوم السبب الحقيقي لانطلاق الحملات الصليبية نحو المشرق، وتفضح زيف ادعاءاتها بحماية المقدسات، بينما كان الفقر والجفاف والطاعون الذي ابتليت بها أوروبا إلى جانب الطمع في مقدرات الشرق وثرواته، هي الأسباب الرئيسية. وبينما أعلن البابا أوربانوس هذا اليوم من العام 1096 موعداً لانطلاق الحملة الصليبية الأولى نحو القدس، لم يلتزم بالموعد جيش من الفرسان المعدمين وآلاف المغامرين، الذين سارعوا بالهروب من أوضاع أوروبا القاسية قاصدين المراعي الخضراء، فيما سُمي ب«حملة الفقراء».دفعت معاناة أوروبا لسنوات منذ مطلع القرن الحادي عشر من الجفاف والطاعون، الآلاف للهروب من واقعهم المرير، أما الدافع الأكثر إثارة فكان انتشار خرافة «نهاية العالم» في العام 1096 الذي تعرضت فيه القارة العجوز إلى انهمار للنيازك وخسوف للقمر واقتراب مذنب من الأرض، وغيرها من الظواهر الفلكية التي كان يعتقد أنها علامات على اقتراب فناء البشرية. كل هذا كان سبباً وراء شعبية غزو أراضي المشرق، لتصل إلى ما يشبه «الهجرة الجماعية» إذ وصل عدد الراغبين في الالتحاق بالحملة الصليبية الأولى أكثر من 100 ألف كان أغلبهم من المزارعين والنساء والأطفال وغير المتمرسين.انطلقت «حملة الفقراء» قبل موعد الحملة العسكرية بعدة أشهر بعدما نجح «بطرس الناسك» بتجميع جيش من آلاف الجهلة حوله للاتجاه إلى «الأراضي المقدسة»، ولم يكن لدى أفراد هذا الجيش فكرة إلى أين يذهبون، واعتقدوا أن كل مدينة سيطروا عليها في طريقهم هي «القدس».«والتر المعدم» كان الاسم العسكري الأكثر حضوراً خلال حملة الفقراء، وتشير ذاكرة التاريخ إليه باعتباره فارساً فرنسياً متمرساً بدون أتباع، نجح في لفت انتباه المئات إليه وتنظيمهم عسكرياً منطلقاً نحو الشرق بدون انتظار الموعد الرسمي الذي اختاره البابا. في ذلك الوقت كانت مجموعة «بطرس الناسك» وصلت ناحية «سيملين» في المجر التي لم ترحب باستضافتهم، وبدأت المناوشات بينهم وبين أهالي القلعة. وأدى خلاف على سعر زوج من الأحذية في السوق إلى أعمال شغب واسعة، تحولت إلى هجوم كامل على المدينة قتل خلالها 4000 هنجاري، واستكملوا بعدها المسير إلى «حامية نيش». وفي أغسطس 1096 التقت مجموعة «والتر المعدم» قوات بطرس وانضمت إليهم مجموعة من الإيطاليين، ونشب خلاف بين قادة الحملات الثلاث وتفرقت جنودهم، في الوقت الذي نجحت الدولة السلجوقية في نصب كمائن متعددة لهم خسروا خلالها آلاف الأرواح.
مشاركة :