القلق وأحلام اليقظة ينميان الخيال عند الانسان بقلم: نهى الصراف

  • 8/16/2017
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

نحن المرسل والمتلقي في آن واحد، ولهذا فإن خيالنا هو الذي يحدد واقعنا، كما أن أفكارنا، مشاعرنا ومعتقداتنا الراسخة هي التي ستنعكس صورتها في الحقل الواسع الذي يقع خارج ذواتنا. وتؤكد غوردانا أن هذا قد يكون السبب وراء المقولة المتداولة في مجتمع علماء النفس “كن حذرا فيما تتمنى”، فكلمة “تتمنى” قد تكون بديلا لكلمات تبدو أكثر ثباتا وصدقية مثل؛ تفكر، تعتقد، تؤمن بـ أو تتحدث عن. ووفقا لدراسة أجراها دانييل جلبرت وماثيو كلينغسورث؛ وهما عالما نفس في جامعة هارفارد الأميركية، فإن أحلام اليقظة تشغل حوالي 47 بالمئة من زمن ساعات يقظتنا. وأشاروا إلى أن هناك أدلة علمية تؤكد أن أحلام اليقظة هي من أبرز سمات الأشخاص المبدعين. وفي مقالها الأخير في مجلة “علم النفس” الأميركية، تؤكد مارلين برايس ميتشل، أستاذة علم النفس التنموي والباحثة في مجال التنمية الإيجابية للشباب، أن الملل كلما نجح في التسلل إلينا، تبدأ عقولنا بممارسة الخيال الإبداعي فتميل إلى طرح التساؤلات والأفكار المتسلّطة والاحتمالات وتبدأ الأحلام أيضا. ولسوء الحظ، تعد أحلام اليقظة وقتا مهدورا من وجهة نظر الكثيرين، ولهذا يلجأ الكثير من المربّين وأولياء الأمور إلى محاولة قمع أو قتل هذه العادة لدى الصغار الحالمين، وكأنهم يقمعون رغبة فطرية في نفوس هؤلاء الصغار من شأنها، لو قُدّر لها أن تأخذ مجراها الطبيعي- الغريزي، أن تحلّق بأصحابها إلى فضاءات واسعة من الإبداع والخَلق. ومنذ ما يقرب الخمسين عاما، أشار عالم النفس الشهير جيروم سنغر، إلى أحلام اليقظة باعتبارها جانبا طبيعيا ومهما وأساسيا في تكوين الخبرة الإنسانية وبدلا عن اعتبارها مضيعة للوقت كما هو متعارف عليه، فإن استثمار هذه اللحظات أو الساعات من اليوم في تعزيز الخيال الإبداعي هو أفضل فرصة يمكن أن يحصل عليها الأشخاص المبدعون، لكونها تعد فرصة جيدة لاستشفاف الاحتمالات وإطلاق الأسئلة والتخطيط لمشاريع مستقبلية. وروّج جيروم سنغر لمصطلح (أحلام اليقظة الإيجابية) تلك التي تؤسس لخيال إبداعي، لتمييزها عن أحلام اليقظة التي تحيل إلى القلق والوساوس والأوهام، ومن خلال تسليطه الضوء على هذه الفروق استطاع أن يسلّط الضوء على الدور الحيوي والمهمّ الذي تلعبه أحلام اليقظة الإيجابية في حياتنا اليومية، على ألا تكون هذه الأحلام وما تمثله من خيال إبداعي، عائقا أمام مسؤولياتنا خاصة فيما يتعلق بعملية التعلم والأداء الأكاديمي، التي تستدعي اهتماما وتركيزا وذاكرة نقية بعض الشيء، إذ أن الفشل في السيطرة على التركيز والانتباه عندما يتطلب الظرف ذلك، قد يسبب إحباطا كبيرا لصاحبه. علينا أن نختار الوقت والظروف المناسبة للانطلاق في أحلامنا بطريقة لا تتعارض مع أساسيات حياتنا مثل التحصيل والعمل والقيام بالمسؤوليات على أحسن وجه.

مشاركة :