الاختلافات الاجتماعية والعشائرية تنتهك مبادئ حقوق الإنسان في العراق بقلم: نهى الصراف

  • 10/18/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

القانون والمجتمع لا يسيران معا بل يتقدم المجتمع في حالات كثيرة".القانون وضع تأديب الزوج لزوجته في مصاف الحق القانوني لقيام الآباء والمعلمين بتأديب الأبناء القصر في حدود ما هو مقرر شرعاً وعزت الدراسة الوضع السيء للحريات المدنية في العراق اليوم إلى ضعف الدولة وعدم القدرة على الوفاء بواجباتها المنصوص عليها في المادة 15 من الدستور العراقي للعام 2005 التي نصّت على أن "لكل فرد الحق في الحياة والأمن والحرية ولا يجوز الحرمان من هذه الحقوق أو تقييدها إلا وفقاً للقانون وبناء على قرار صادر من جهة قضائية متخصصة". تكوّن حجم العينة من 400 شخص من الذكور والإناث توزّعوا بصورة متوازنة عددياً على أربع مدن عراقية هي بغداد وديالى وبابل وواسط، وكان من الممكن شمول عينات من مدن عراقية أخرى لو لا الظروف الأمنية المضطربة التي حالت دون ذلك، ولهذا فإن العينة لا تمثل المجتمع العراقي ككل. وصفت عينة الدراسة بكونها قصدية، تم اختيارها وفق مقاييس محددة منها تمثيل النساء بنسبة متوازنة وحصر المستطلعة آراؤهم في الفئة العمرية الفاعلة (20- 60) عاماً، على افتراض أن هؤلاء الأشخاص هم الذين يخوضون غمار الحياة الاجتماعية ويواجهون تحدياتها. وكان 61 بالمئة من أفراد العينة من الحاصلين على شهادة معهد أو جامعة فما فوق، فيما سجل المتزوجون منهم 77 بالمئة، وفيما يتعلق بالمهنة فإن الغالبية العظمى منهم أي 53 بالمئة كانوا موظفين. اشتمل الاستبيان الذي اعتمدت عليه الدراسة على أربعة محاور رئيسة هي الخلفية العامة لمجتمع الدراسة والتوجهات والميول الثقافية العامة والمواقف السلوكية والاجتماعية وحقوق الإنسان على صعيد الحياة العامة. وعند السؤال عن أهم الحقوق التي يراها المستطلعة آراؤهم، بالنسبة إلى الإنسان على وجه العموم، جاء الحق بالمساواة أمام القانون والحق في العيش الكريم في المرتبة الأولى، فيما تراجع الحق بالاعتقاد الديني والمذهبي وتراجعت الحقوق الأخرى مثل الحق في الانتماء السياسي وحق التمتع بنظام اجتماعي.الوضع السيء للحريات المدنية في العراق اليوم يُعزى إلى ضعف الدولة وعدم القدرة على الوفاء بواجباتها المنصوص عليها في المادة 15 من الدستور العراقي وفي سؤال عمّا يهم من استطلعت آراؤهم شخصياً من قضايا تقدم الشعور بالأمان ليحتل المرتبة الأولى وبفارق ملحوظ عما تلاه الاستقرار، وجاءت الحرية تالياً، فيما تدنت القضايا الأخرى إلى مراتب بعيدة مثل الخلاص الذاتي والخصوصية الفردية. وفيما يتعلق بالمواقف الاجتماعية للعينات التي شملها الاستبيان فقد أظهر 79 بالمئة منهم رفضهم من حيث المبدأ لحق العائلة معاقبة أيّ من أفرادها حد الضرب المبرح، على افتراض أنها قيم مجتمعية متعارف عليها، مقبولة مستساغة، وكان هذا إجماعا من قبل المشاركين في البحث ذكوراً وإناثاً بنسبة متقاربة. من جانبها ترى لاهاي عبدالحسين بأن نتائج الدراسة يمكنها أن تكشف عن جانب مهم عن هؤلاء الأشخاص حيث أظهر أغلبهم ميولاً وتوجهات علمانية واضحة بدليل اهتمامهم بدور الحكومة والقانون كمصدر للحقوق في حياة الأفراد بنسبة 57 بالمئة، فيما تراجع الاهتمام بالدين والعائلة في هذا النطاق بصورة واضحة. وأكدت الدراسة على أن أحد الأسباب المهمة التي تقف وراء استمرار وتزايد حالات القتل والاعتداء وانتهاك حقوق المرأة بمختلف أشكالها ومستوياتها هي المبررات القانونية في قانون العقوبات النافذ في العراق رقم 111 لسنة 1969 وجاء في إحدى موادّه أنّ "لا جريمة إذا وقع الفعل استعمالاً لحق مقرر بمقتضى القانون كما في تأديب الزوج زوجته"، حيث أن القانون وضع تأديب الزوج لزوجته في مصاف الحق القانوني لقيام الآباء والمعلمين ومن في حكمهم بتأديب الأبناء القصّر في حدود ما هو مقرر شرعاً أو قانوناً أو عرفاً، فالأعذار القانونية والظروف القضائية المخففة من قانون العقوبات هي المبرر القانوني الذي يعطي الضوء الأخضر لارتكاب مختلف الجرائم؛ كأن يكون مسألة الدفاع عن شرف العائلة أو سمعتها أو مكانتها. وخلصت الدراسة إلى أنّ حقوق الإنسان في المجتمع العراقي تتعرض إلى انتهاكات جسيمة باستخدام غطاء “الاختلافات الثقافية”، ودعت إلى إعادة النظر بالمنظومة الفكرية التي تقوم عليها القوانين الوضعية العراقية باعتبارها المسيطر على سلوك ومواقف الناس، ولأنها تفسح مجالاً واسعاً للتفسيرات التي تتعارض مع حقوق الإنسان وتسمح بالتالي بمختلف التجاوزات. كما أنّ هناك حاجة للكثير من الجهد لتطوير وعي المجتمع وبخاصة المرأة العراقية إضافة إلى الاهتمام بها من خلال العمل على تأمين وتعزيز المكانة المناسبة واللائقة لها في المجتمع، ولكونها تتحمل مسؤوليات عظيمة على صعيد التربية والتنشئة الاجتماعية.

مشاركة :