نيويورك - ادخل الرئيس الأميركي دونالد ترامب نفسه في عاصفة سياسية جديدة الاربعاء بعد تصريحاته الصادمة بشأن أعمال العنف في شارلوتسفيل والتي أثارت انزعاجا داخل معسكره وقد تكون نقطة تحول في رئاسته التي تعمها الفوضى. والقى ترامب بمسؤولية مشتركة في أعمال العنف على أنصار اليمين المتطرف والمؤمنين بنظرية تفوق العرق الأبيض الذين تجمعوا في هذه المدينة الصغيرة بولاية فرجينيا وأيضا على المتظاهرين الذين تجمعوا للتنديد بهم. واثار ذلك تصريحات نادرة من رئيسين سابقين هما جورج بوش الاب وجورج دبليو بوش اللذان دعيا الأميركيين إلى "رفض التعصب العنصري .. بكل أشكاله". وبدون أن يسميا ترامب، استشهد الرئيسان بوش بواضع اعلان الاستقلال وذكرا الأميركيين بأن جميع المواطنين "متساوون". وبدأت أعمال العنف في شارلوتسفيل السبت عندما اندلعت في تجمع للمنادين بتفوق العنصر الأبيض بسبب ازالة تمثال يرمز للكونفدرالية، أثناء اشتباكهم مع متظاهرين مناهضين لهم. وانتهت الأحد بمقتل امرأة عمرها 32 عاما في شارلوتسفيل حين قام شاب من النازيين الجدد عمره عشرون عاما يدعى جيمس فيلدز بدهس مجموعة من المشاركين في التظاهرة المضادة بسيارته. وسارع الزعيم السابق لجماعة كو كلوكس كلان ديفيد ديوك الذي كان من أبرز وجوه التجمع في شارلوتسفيل إلى الترحيب بتصريحات الرئيس التي أدلى بها في برجه في نيويورك الثلاثاء. وكتب على تويتر "شكرا سيدي الرئيس ترامب على صدقك وشجاعتك في قول الحقيقة عن شارلوتسفيل والتنديد بالإرهابيين اليساريين". وسبب ذلك صدمة بين العديد من أعضاء الكونغرس من الديمقراطيين والجمهوريين. ويبدو أن ترامب، الملياردير الجمهوري، قد تجاوز خطا أحمر بتصريحاته، بعد 200 يوم من تسلمه السلطة. وتركت تصريحاته غير المكتوبة الثلاثاء انطباعا لدى العديد من المراقبين أنها تعكس موقف ترامب الحقيقي، بعكس التصريحات الأكثر اتزانا التي ادلى بها من البيت الأبيض الاثنين والتي دان فيها بحزم "العنف العنصري". وفي مؤشر واضح على الحرج، لم يسارع أعضاء الكونغرس الجمهوريون إلى الدفاع عن ترامب، كما فعلوا مرارا منذ تسلمه منصبه في يناير/كانون الثاني، بل إن بعضهم انتقده. وقالت زعيمة اللجنة القومية الجمهورية رونا رومني ماكدانيل لشبكة ايه بي سي "في شارلوتسفيل اللوم يقع كليا على كو كلوكس كلان ودعاة تفوق العرق الابيض". أما جون كيش الذي نافس ترامب على ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة العام الماضي فقال لشبكة ان بي سي "عليه ان يصلح الامر، وعلى الجمهوريين أن يتحدثوا بصراحة". وفي مؤتمر صحافي كان من المتوقع أن يركز على اصلاحات البنى التحتية، حمل ترامب مسؤولية العنف للطرفين. وقال "أعتقد أن هناك أخطاء ارتكبت من كلا الطرفين"، فيما بدا كبير موظفي البيت الأبيض الجديد الجنرال السابق في المارينز جون كيلي غير مرتاح وبقي واقفا بلا حراك طوال المؤتمر الصحافي الطويل. وأكد ترامب "دققت في المسألة عن كثب، أكثر بكثير من معظم الناس. كان لدينا من جهة مجموعة من الأشرار. وكان لدينا من الجهة الأخرى مجموعة عنيفة جدا أيضا. لا أحد يريد قول ذلك، لكنني سأقوله الآن". وتابع مصعدا النبرة إزاء استمرار الصحافيين في مواجهته "وماذا عن اليسار البديل الذي هاجم اليمين البديل مثلما تسمونه؟ ألا يتحمل جزءا من المسؤولية؟ ثمّة روايتان لكل قصة". قال "لقد نددت بالنازيين الجدد، لكن كل الذين كانوا هناك لم يكونوا من النازيين الجدد أو من أنصار نظرية تفوق العرق الأبيض، إطلاقا. كان هناك أشخاص طيبون من الطرفين". ودعا الامين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش الاربعاء الى الوقوف في وجه العنصرية ومعاداة الاجانب في الولايات المتحدة وباقي العالم. وردا على اسئلة الصحافيين حول تصريحات ترامب قال غوتيريش "لا اعلق على ما يقوله الرؤساء. أنا أؤكد المبادئ وهذه المبادئ واضحة جدا". وأضاف "العنصرية ومعاداة الاجانب ومعادة السامية والاسلاموفوبيا تسمم مجتمعاتنا ومن الضروري جدا أن نقف ضدها في كل مكان وزمان". وفي نكسة جديدة للرئيس الجمهوري، أعلن رئيس الاتحاد الأميركي للعمل- رابطة المنظمات الصناعية وهي أكبر نقابة عمالية في الولايات المتحدة استقالته من عضوية مجلس مهمته تقديم المشورة للرئيس بشأن الاقتصاد، لينضم إلى مدراء تنفيذيين آخرين بينهم رؤساء ميرك للصيدلة واندر آرمور وانتل، إضافة الى "تحالف التصنيع الأميركي". وردا على ذلك اعلن ترامب حل المجلسين. وقال على تويتر "بدلا من أن أمارس الضغط على رجال الأعمال في مجلس شؤون التصنيع ومجلس الاستراتيجية والسياسة، فإنني سأنهيهما. أشكركم جميعا!!". وأثار ترامب الموجة الأولى من الاستياء فور احداث السبت عندما ادلى بتصريحات قال العديدون انها غامضة ولم تصل الى حد ادانة النازيين الجدد واعضاء كو كلوكس كلان. وكتب الرئيس السابق باراك أوباما الأحد على تويتر مستشهدا بنلسون مانديلا "لا أحد يولد وهو يكره شخصا آخر بسبب لون بشرته أو أصوله أو ديانته". وقد حصدت هذه التغريدة أكثر من ثلاثة ملايين اعجاب وهو أعلى رقم على الإطلاق بحسب موقع تويتر نفسه. وفي مقال افتتاحي قالت صحيفة نيويورك تايمز ان سلوك ترامب "أصبح غير مفاجئ". واضافت "كان السياسيون في واشنطن يأملون في أن يؤدي تعيين جون كيلي الجنرال المتقاعد في المارينز في منصب كبير موظفي البيت الأبيض إلى ضبط الفوضى في ادارة ترامب". وتداركت "لكن جذور المشكلة ليست في الموظفين، ولكن في الرجل الذي يجلس على القمة".
مشاركة :