مغرور يا بُؤس الغرور!

  • 7/24/2014
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

بعض الناس يغريه المنصب الإداري الذي اعتلاه فينظر من فوقه إلى الناس فيرى أنه أعلى منهم فيصاب بالغرور ويبدأ في التعامل معهم على أساس أن أمورهم كلها بيده وأنه يستطيع إمضاء معاملة من يشاء وعرقلة معاملة من يشاء وترقية من يحب من موظفيه وإبعاد وتجميد من لا يحب، ناسيا أو متناسيا أن الأمر كله بيد الله «قل إن الأمر كله بيد الله» وهكذا يظل سادرا في غيه حتى يطاح به من منصبه بالإعفاء أو التقاعد أو غيرها من عوامل فقدان المنصب الوظيفي فيراه الناس بعد ذلك مثل البالونة التي ارتفعت في السماء لبعض الوقت ثم وخزت بدبوس فهوت إلى الأرض وعندها يدرك أنه كان ضحية للغرور فيهتف بينه وبين نفسه قائلا :قاتل الله الغرور! وهناك فئة من الناس يغريهم المال الذي كسبوه بطرق شتى وأصبح يجري في أيديهم، فيعمى بصائرهم ويجعلهم ينظرون إلى الآخرين نظرة دونية ولا يهشون ولا يبشون إلا لمن لديه مال مثلهم مطبقين المثل الشعبي القائل «اللي عنده قرش يساوي قرش».. ومن ليس عنده قرش فإنه في نظرهم لا يساوي شيئا وكأنهم بذلك يؤكدون قول الشاعر العربي القديم: رأيت الناس قد مالـوا إلى من عنده مال ومن لا عنده مال فعنه الناس قد مالوا أو قوله : رأيت الناس قد ذهبوا إلى من عنده ذَهَبُ ومن لا عنده ذهب فعنه الناس قد ذهبوا أو قوله : رأيت الناس منفضة إلى من عنده فضّة ومن لا عنده فضة فعنه الناس منفضة والمعنى واحد في الجمل الشعرية الثلاث وإنما جاءت في أولها بصيغة مجملة وفي الثانية بتحديد عنصري الذهب والفضة، فتجد أن الغرور يجعل بعض الموسرين يرون أنهم بأموالهم يمكن لهم إخضاع كل من حولهم لرغباتهم فإذا دارت الدنيا ضدهم لم يجدوا إلا السراب والحساب! وهناك من يغتر لأصله ونسبه أو مكانته الاجتماعية فيرى أنه الأصيل والجميل وأن غيره إنما خلقوا لخدمته وتبجيله وإسماعه كلمات الثناء والإطراء تقربا إليه وطمعا في مكانته وما يمكن أن تحقق لهم من مكاسب مادية أو معنوية، فيظن أن ذلك كله حق ثابت لا يتغير ولا يتبدل ولكن الدنيا تدور والمقاييس تختلف فيصعد غيره ويصبح أعلى منه فيدرك حينها أنه كان مغرورا بجاه لا يدوم ولكن ندمه يكون في حينه غير نافع، أما أتعس المجموعة فهو العائل المستكبر الذي يعلوه الغرور مع أنه ليس جميلا مثل الغزال ولا قويا مثل الأسد وليس بغالٍ مثل الطاووس، ولكنه مع ذلك يشمخ بأنفه مدعيا أن ذلك من علو الهمة غير مدرك للفارق بين الكرامة والغرور!

مشاركة :