في حضرة الفن وسفيره ... عبدالحسين - مقالات

  • 8/19/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

ليس مهما أبدا أن يكون الفرد منا قد التقى عبدالحسين عبدالرضا ليشعر بشيء من الحزن على فراقه. وليس ضروريا أن نعصر ذاكرتنا لنسترجع موقفا ما قد جمعنا بشكل شخصي مع الراحل العملاق لكي نشعر بالخسارة الشخصية ولوعة الفراق إثر وفاته. فعبدالحسين أيها السادة، هو سفير الفن الحقيقي، ذلك الشيء الذي لا نملك أمامه إلا التفاعل معه بإبداء الاعجاب، أو التصفيق، أو، وكما كان الحال مع بوعدنان، بإطلاق ضحكة مجلجلة على موقف ذكي أو جملة ساخرة نشاهدها مباشرة في المسرح أو عبر أثير الشاشة الصغيرة. لقد كان لعبدالحسين مع الكثيرين منا ذكرى وموقف قد لا يكون الراحل قد علم هو نفسه بها، فقد كان بوعدنان أحد أفراد المنازل الكويتية والخليجية كلها، فلا يكاد يخلو أحدها من مسرحية أو مسلسل يعرض بين الفينة والأخرى، ولا تتوقف أعماله عن العرض في القنوات المختلفة، مما يجعل احتمال أن تقابل المرحوم ولو بشكل عرضي وأنت تقوم بتبدليل وتصفح القنوات التلفزيونية احتمالا راجحا، ولن نضيف شيئا لو أكدنا على الشعبية الطاغية لأعمال المرحوم للدرجة التي جعلت الكثيرين منا يتذكرون مشاهد تمثيلية كاملة لأبو عدنان ويحفظونها عن ظهر قلب، كما الحال في «درب الزلق»، و«الأقدار»، و«باي باي لندن» وغيرها الكثير. إن القيمة الكبرى لعبدالحسين نابعة من عوامل كثيرة، بعضها قد يكون شخصياً ومتعلقا بالفنان نفسه، والجزء الآخر متمحور حول قيمة ورسالة الفن نفسه، فالفن، والذي اجتهد المتزمتون في مجتمعاتنا لشيطنته، هو نشاط متعدد الأوجه يلتفت فيه الموهوب لما قد نستشعره من موقف أو ظرف أو صورة أو كلمة دونما توقف منا عند جمال أو أهمية أو مغزى كل ذلك، فيعيد الموهوب صياغة ذلك المشهد بشكل ذكي ولطيف ومليء بالحياة، يجعلنا نتوقف من استغراقنا في نمط حياتنا اليومي الجاف والرتيب، وننطلق إلى مستويات أعلى من التفكير والتأمل، ولو لمدة قصيرة من الزمن! إن الفنان، كأبو عدنان تحديداً، ذو فضل علينا، فمقدار البسمات التي استطاع رسمها على الشفاه كبير جدا، ولعله أخذ بأيدينا من حيث لا يدري من وضع نفسي سيئ إلى آخر جيد، بمجرد متابعتنا أحد مشاهد مسرحياته أو مسلسلاته، وفي هذا المقدار ما يكفي عبدالحسين لينال كل هذا الحب، لكنني أزعم أن معظمنا كان يدرك عمق النكتة أو التعليق أو «القطة» التي يطلقها بوعدنان في أعماله، ولعلنا شهدنا الكثير من توقعاته التي أضحكتنا في أعماله على أنها مبالغات «لزوم النص الكوميدي»، وجدناها تتحقق أمامنا ولسان حالنا يطلق التعليقات الدهشة من فطنة عبدالحسين وبعد نظره! إنني في الوقت الذي أعزي نفسي وذويه بهذا المصاب الجلل، لأتوقف عند كلمة أسر لي بها أحد أصدقائي، والذي اتصل بي والكلمات اختنقت في صدره، قائلاً في تعليق عفوي يوضح مكانة الراحل الكبير في نفوس الكويتيين: - «اشبقى عندنا نتشيحط فيه... عبدالحسين وراح»...! رحمك الله يا بوعدنان... وأخلف وطنك الذي أحببت خيراً... alkhadhari@gmail.com Twitter: @dralkhadhari

مشاركة :