الرئيس التركي يسعى لفرض نفسه رقماً صعبا في الحياة السياسية الداخلية في الاتحاد الأوروبي من خلال تحريك ورقة الناخبين من أصل تركي في أوروبا.العرب [نُشر في 2017/08/19، العدد: 10727، ص(5)]تصريحات أردوغان تعكس حالة التخبط التي يعيشها أنقرة – يرى دبلوماسيون غربيون في العاصمة التركية أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يسعى لفرض نفسه رقماً صعبا في الحياة السياسية الداخلية في الاتحاد الأوروبي من خلال تحريك ورقة الناخبين من أصل تركي في أوروبا، وخصوصاً في ألمانيا. ودعا أردوغان، الجمعة، المواطنين الأتراك المقيمين في ألمانيا، إلى عدم التصويت لصالح الأحزاب الرئيسية الثلاثة خلال الانتخابات العامة المقرر إجراؤها الشهر المقبل. يذكر أن ألمانيا وتركيا على خلاف منذ أشهر بسبب عدد من الشكاوى، ومن بين الأسباب الرئيسية للخلاف اعتقال تركيا لصحافيين ألمان وعامل في مجال حقوق الإنسان، بينما تطالب أنقرة ألمانيا بترحيل 4500 شخص تتهمهم بالتورط في محاولة الانقلاب الفاشلة العام الماضي. واعتبرت مصادر معارضة تركية أن أردوغان استهدف في ندائه كل الطبقة السياسية الألمانية بما يعبر عن عداء لألمانيا برمتها وليس لتيار سياسي معين دون آخر. وأضافت هذه المصادر أن أردوغان يعبر في موقفه هذا عن عداء لأوروبا وعزم على عزل المواطنين من أصل تركي عن بقية المواطنين في ألمانيا أو غيرها. وقال أردوغان، عقب أدائه صلاة الجمعة في إسطنبول “لا ترتكبوا خطأ دعمهم. لا (تصوتوا لصالح) الحزب المسيحي الديمقراطي ولا الحزب الاشتراكي الديمقراطي ولا حزب الخضر. إنهم جميعا أعداء لتركيا”. وتعقد الانتخابات في ألمانيا الشهر المقبل، وتخوضها أنجيلا ميركل زعيمة الحزب المسيحي الديمقراطي لتنافس على تولي منصب المستشارة لفترة رابعة. والمنافسان الأقرب لحزبها وهو من يمين الوسط هما الحزب الاشتراكي الديمقراطي من يسار الوسط وهو الحزب الذي شكل معه الحزب المسيحي الديمقراطي ائتلافا كبيرا، وحزب الخضر المعني بالبيئة.أوساط سياسية ألمانية تستغرب تصريحات الرئيس التركي وتعتبر أن لا قيمة انتخابية لها داخل ألمانيا طالما أنها تدعو إلى مقاطعة الأحزاب الرئيسية ويحق لحوالي ثلث المهاجرين الأتراك في ألمانيا، البالغ عددهم ثلاثة ملايين، التصويت في الانتخابات. واستغربت أوساط سياسية ألمانية تصريحات الرئيس التركي واعتبرت أن لا قيمة انتخابية لها داخل ألمانيا طالما أنها تدعو إلى مقاطعة الأحزاب الرئيسية، وبالتالي مقاطعة النظام السياسي برمته. واعتبرت هذه الأوساط أن تصريحات أردوغان لها جانب شعبوي يستخدمه لأغراض داخلية، وتأتي كرد فعل على مواقف برلين والعواصم الأخرى الرافضة لمحاولة الرئيس التركي استخدام الجاليات التركية في ألمانيا وهولندا وفرنسا ودول أخرى للتصويت لصالح الاستفتاء الأخير الذي نقل البلاد من نظام برلماني إلى نظام رئاسي. وقالت ميركل هذا الأسبوع إنها لن تجري تحديثا على اتفاقية الاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي مع تركيا. ويتوقع باحثو استطلاعات الرأي مشاركة متدنية بين الأتراك المقيمين في ألمانيا وسط الخلاف الدبلوماسي القائم بين البلدين. وقال أردوغان عن الناخبين الأتراك في ألمانيا “يجب أن يعطوهم الدرس المطلوب عندما يدلون بأصواتهم في صناديق الاقتراع ضد الأحزاب عديمة الاحترام”. واتهم أردوغان، في تصريحات نقلتها وكالة الأناضول الرسمية الأحزاب بأنها تهاجم تركيا كوسيلة من أجل الحصول على أصوات في انتخابات الرابع والعشرين من سبتمبر. وأضاف أن “هذا نضال من أجل الشرف بالنسبة إلى جميع مواطنيّ المقيمين في ألمانيا”. وتصدرت التوترات بين البلدين مرة أخرى هذا الأسبوع بعدما طالبت تركيا ألمانيا بإجراء تحقيق بشأن ما إذا كان مشتبه به رئيسي في محاولة الانقلاب الفاشلة يعيش في ألمانيا. وقال أردوغان “كما تريد ألمانيا أن يعود مواطنوها من عندنا، نريد أيضا عودة إرهابيينا من عندهم”. ورأى مراقبون أن تصريحات أردوغان تعكس حالة التخبط التي يعيشها الرجل على رأس بلاده، وسط تساؤلات داخلية حول تدهور موقع تركيا في الخارطتين الدولية والإقليمية. واعتبر هؤلاء أن أردوغان مسؤول عن تراجع وضع بلاده الاستراتيجي، لا سيما وأنه يفقد علاقات مميزة كانت تربط تركيا بالاتحاد الأوروبي في وقت تتراجع فيه علاقة أنقرة بالمنظومة الغربية، خاصة مع الولايات المتحدة، فيما تشهد العلاقات التركية الروسية حالة برود تتغلب فيها أجندة موسكو على مصالح روسيا في الميدان الروسي.
مشاركة :