«الابتهالات».. روحانيات رمضانية من الزمن الجميل

  • 7/25/2014
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

لا يستطيع أحد كشف أسرار ابتهالات رمضان، فقد فشل فيها المقلدون وحار فيها المؤرخون، روحانياتها تختلج الصدور لتملأ القلوب ذكرًا وتسبيحًا وتحميدًا، لا يؤديها بفن سوى عمالقة المشايخ وأصحاب الكتاتيب القدامي، أصحابها معرفون وقد يكونون معددين علي أصابع اليد، ينتظرها بلهفة المحبون، والمتابعون في شهر رمضان قبيل ساعة الإفطار ووقت السحر والمناسبات الدينية المختلفة. ومن الذين لمعت أسماؤهم في سماء العالم العربي في مجال الابتهالات الشيخ سيد النقشبندي الذي اشتهر بابتهالاته ومنها (أهلا رمضان ) (والله يا ملك الملك والملكوت)، (وإني وقفت بابك)، ونصر الدين طوبار (الله ارحمنا يا رحمان) و ( العظمة لجاهك) و(حدك يا الله يطلع الصبح في الزهور)، ويأتي في المرتبة الثالثة الشيخ طه الفشني صاحب أناشيد السبع ( الله وعالم الكون، وساكن الروح، ورمضان رمضان ) والرابع كامل يوسف البهتيمي الذي طرب بصوته مسامع الجميع «على بابك وقفت وحيدًا أشكوا إليك لا لغيرك يا الله». هواية القلوب «المدينة» التقت عددا من المبتهلين والمنشدين، حيث يقول المبتهل علي عبدالرحمن شيحة أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر: «إن الابتهال هواية ربانية خالصة تخرج من القلب للقلب، والحمد لله ابتهلت العديد من الأناشيد منها: ( الراحمون يرحمهم الرحمن.. يا عليم بالأسباب.. ارحم من في الأرض يا عزيز يا رحمن ). وعن الطريقة، فيشير إلى أنه توجد ايقاعات مختلفة منها ( تنتمه قلبيه مع غلق العينين وصوت تدريجي مسلسل يخرج مفردات الابتهال بشكل جذاب، لافتا إلى أن من أبرز المواقف التي تعرض لها في صغره ببلدته في صعيد مصر أن المشايخ كانوا يصطحبونه للمسجد لإلقاء التواشيح الدينية قبل صلاة الفجر، مبينا أن أحد الاشخاص اشترى له منبهًا لإيقاظه من النوم ولا يزال معه حتي الآن. وأضاف أنه حينما اختبر في الإذاعة المصرية سألوه عن حياته فحكى لهم حكاية المنبه فقال لي أحد المشايخ أريد شراءه منك وكان يختبرني فرفضت فقال لي الحمد لله أنت نجحت في الاختبار وعلي بركة الله ابدأ في العمل، ونحن أمام المشايخ الكبار لا شيء فهم الأصل ونحن التقليد كما يقولون. موهبة بالفطرة أما المنشد الشاب محمد حجازي فذكر أنه حينما بدأ الإنشاد في الإذاعة المصرية مبتهلًا لأحد المشايخ الكبار ( نصر الدين طوبار) نال إعجاب الكثيرين لكنهم نصحوني بعدها بالغناء الوطني، وغنيت ( ليكى رب يا مصر). ميراث الآباء أما المبتهل علي الهلباوي نجل المبتهل المعروف محمد الهلباوي - رحمه الله - فيقول: «إن والدي - رحمه الله - كانت له طقوس خاصة جدًا في الابتهال، كان يجلس في غرفة منعزلة في البيت لا يكلم أحدًا لمدة 12 ساعة على الأقل ولا يأكل ولا يشرب ويفتح شرفة الشباك ليدخل ضوء خافت لغرفته ونسمع خلف الباب أجمل الأصوات وأحبها إلى الله». وأضاف أن والده - رحمه الله - قد خصص عمره كله للابتهال، وأبرز ما كان يبتهله للمشايخ الكبار نصر الدين طوبار والنقشبندي ومحمد أبوالعلا وغيرهم من عمالقة الابتهال، قائلا: «أما أنا سرت أقلده وأمشي على خطاه حتي أصبحت ملمًا بكل الابتهالات الدينية والترتيل والإنشاد وقد درست بمعهد الفنون المسرحية جميع الإيقاعات الحديثة بما يتماشي مع الابتهال وشاركت في كثير من المهرجانات». ظاهرة راسخة وتضيف رحاب علي أستاذة الموسيقي الشعبية بأكاديمية الفنون المصرية أن الابتهال الديني فلسفة ممتدة من العصور القديمة،‏ وبدخول الإسلام تبلورت فبدأت بالمدح ثم تطورت إلى الابتهال وهي ظاهرة راسخة عند كثير من العرب لا سيما في شهر رمضان الكريم، لافتة إلى أنها شاركت عددًا من المنشدين بمصاحبة مجموعة موسيقية إلا أنها فشلت نظرًا لارتفاع صوت المنشد على الموسيقى. تحريك للقلوب الغافلة من جانبه قال الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس لجنة الفتاوى بالأزهر الشريف: «إن الابتهالات الدينية تحمل في طياتها أسرارا تحرك القلوب للغافلين وهي منبع للتوبة والرجوع لله»، عاتبا على كثير من الموهوبين في العالم العربي ممن ينشدون. وأضاف أنه إذا عرفنا الابتهال في صورته فإنه الإخلاص في الدعاء ولون يضرب بجذور التراث العربي وهو تغيير للنفس، فإذا كنت تسمع تلاوة القرآن والأحاديث والبرامج الدينية المختلفة فإن الابتهال يأخذك إلى فسحة في عالم الروحانيات والذكر الحكيم‏. لغز محير أما الدكتور عبدالجليل يوسف أستاذ التاريخ والآثار والحضارة الإسلامية بجامعة الأزهر فيقول: «الابتهال حير كثيرا من المؤرخين لاكتشاف جذوره فالبعض أرجعها للعصر الفرعوني والآخر للعصور الوسطي وآخرون للعصور الحديثة وحتى الآن لم يصلوا كيف تم اكتشافه هل هو بالفطرة أما كان في عهد الرسول صلي الله عليه وسلم». وبين أن الغربيين أجروا دراسات حديثة عن طريق حصولهم على بعض البرديات التي تحمل الرموز الإسلامية إلا أنهم جميعًا اختلفو وظل أمر الابتهال حتي الآن محيرًا للجميع، لكنه عادة شعبية وطقوس وموروثات حضارية أتصور أن من يسمعها سيتغير للأفضل. المزيد من الصور :

مشاركة :