المواقف العربية بعد انسحاب أمريكا من اتفاق تغير المناخ

  • 8/20/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

دخل اتفاق باريس لتغير المناخ حيز التنفيذ يوم الجمعة الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني 2016 بعد أن توفر له شرط سريان مفعوله، وهو مصادقة 55 دولة مسؤولة عن 55% على الأقل من انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة للتغير المناخي. وقد وقعت 175 دولة الجمعة 22 إبريل/ نيسان 2016 على الاتفاق في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، في رقم قياسي لعدد الموقعين على اتفاق دولي في يوم واحد. وحتى تاريخه صادقت على الاتفاق 156 دولة، وهو أيضاً رقم قياسي يدلل على مدى جدية التزام الدول بتنفيذ الاتفاق. ومن بين الدول العربية التي وقعت على الاتفاق وصادقت عليه أيضاً، كل من دولة الإمارات العربية المتحدة، المملكة العربية السعودية، مملكة البحرين، تونس، الجزائر، المغرب، الأردن، موريتانيا، قطر، الصومال، جزر القمر، فلسطين، جيبوتي. فيما وقع على الاتفاق ولكن لم يصادق عليه لحد الآن كل من لبنان، سلطنة عمان، الكويت، العراق، ليبيا، والسودان. وبقيت سوريا الدولة العربية الوحيدة التي لم توقع على الاتفاق ومعها نيكاراجوا من أمريكا اللاتينية.وبرغم نيل الوقود الإحفوري، وخصوصاً منه النفط والفحم، النصيب الأعظم من حملة الانتقادات الدولية، وتخصيصاً الأوروبية الغربية، محملةً إياه مسؤولية تركيز انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو والذي يضطلع بنسبة 70% من إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة الستة، وبرغم كون الدول العربية المنتج الأساسي للنفط في العالم، إلا أن إجمالي الانبعاثات التي تطلقها الدول العربية مجتمعة لا يتجاوز 0.7% من الانبعاثات الغازية العالمية، وذلك بالمقارنة مع إطلاق الصين لنسبة 20% من إجمالي الانبعاثات في المركز الأول عالمياً، والولايات المتحدة في المركز الثاني بنسبة 18%. وقد صادقت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين والهند على الاتفاق (قبل أن يعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق). أما روسيا فإنها لم تصادق بعد على الاتفاق وإنما تنتظر ما ستسفر عنه مفاوضات إنشاء آليات وقواعد تنفيذ الاتفاق حسبما أوضح ذلك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على هامش قمة العشرين التي عقدت في هامبورغ خلال الفترة من 7-8 يوليو/تموز 2017.الآن وبعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، وبعد تلميحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في قمة العشرين في هامبورج إلى إمكانية تعليق التزام بلاده بالاتفاق (تركيا كانت حريصة في البداية على الاستجابة لطلب الأمين العام للأمم المتحدة، بان كيمون آنذاك، للحضور إلى نيويورك للتوقيع الرسمي على الاتفاق في 22 إبريل/نيسان 2016، إلا أنها تمتنع حتى الآن عن المصادقة عليه)، فإن الفتور تجاه الالتزام بتطبيق الاتفاق، سوف ينتقل تدريجياً إلى دول أخرى أعضاء في حال تراخت الدول الأوروبية في موضوع التمويل بعد نفض الولايات المتحدة يدها من الاتفاق والتزاماته المالية. ولعل هذا ما حدا بالرئيس الفرنسي الجديد إيمانويل ماكرون للدعوة العاجلة لعقد قمة ثانية في باريس يوم الثاني عشر من ديسمبر/كانون الأول المقبل لإظهار وحدة الموقف الدولي تجاه التصدي الجاد لمخاطر تغير المناخ، ولتجديد التزام الدول بالاتفاق الذي يحمل اسم عاصمة البلد المضيف لمؤتمر الأطراف الحادي والعشرين الذي أنتجه وهي باريس، وتأمين التمويل المالي الحكومي والخاص لمشاريع التخفيف (Mitigation) والتكيف (Adaptation ) التي نص عليها اتفاق باريس. هذا يعني أن بلدان أوروبا الغربية الأكثر حماساً واندفاعاً لمبادرات التخفيف، ربما تصبح الآن أكثر انفتاحاً بعد الانسحاب الأمريكي، على المناقشات الجادة بشأن موضوع التمويل باعتباره شرطاً مفصلياً لإحراز تقدم في مفاوضات/مقايضات التخفيف، خصوصاً من جانب الدول النامية. ولذلك فإن المتوقع ألا تعول أطراف التفاوض كثيراً على الاجتماعات رفيعة المستوى (High level meetings ) التي ستعقد في الأسبوع الثاني من مؤتمر الأطراف الثالث والعشرين في بون (6-17 نوفمبر/تشرين الثاني 2017)، وتؤجل توافقاتها وتنازلاتها التبادلية إلى قمة باريس المرتقبة، خصوصاً أن ما يفصل المناسبتين بضعة أيام فقط. وهنا يجب على المجموعة العربية في مؤتمر الأطراف بقيادة المملكة العربية السعودية، أن تأخذ هذه المستجدات بعين اعتبارها، وأن تلزم جانب التروي والتريث، وأن تستفيد بأقصى ما يمكن من إعادة طرح القضايا الجوهرية، وعلى رأسها التمويل، على طاولة البحث والتداول.ولذلك فإن المأمول من أطر التفاوض العربية الخاصة بمتابعة ملف تغير المناخ: مجموعة التفاوض المعنية بمتابعة هذا الملف لدى الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، والفريق الفني المعني بهذا الأمر في منظمة الأقطار المصدرة للبترول «أوابك»، والمجموعة التفاوضية الفنية المختصة بهذا الملف لدى جامعة الدول العربية، التداعي سريعاً للتشاور والتباحث في أمر هذه التطورات والمستجدات لاتخاذ موقف موحد منها في مؤتمر الأطراف القادم في بون وقمة المناخ التي دعا لعقدها في باريس في ديسمبر/كانون الأول المقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.محمد الصياد

مشاركة :