تبدأ الأم في عملية تغذية الطفل بعد الانتهاء من الفطام، وتسود حالة من الارتباك لدى الأمهات الجدد لعدم توفر الخبرة الكافية في إطعام الطفل، ولأن التغذية في هذه المرحلة مهمة للغاية نتيجة سرعة وتيرة النمو والتي تحتاج إلى غذاء متنوع يحتوي على كافة العناصر الغذائية التي يحتاجها جسم الطفل، وأي تقصير في جانب معين من الغذاء سوف ينعكس على صحة الصغير فوراً، فعلى سبيل المثال إن أهملت الأم في تغذية طفلها بالأطعمة التي تحتوي على الكالسيوم؛ فسوف يتأخر ظهور الأسنان، وإن كانت كميات فيتامين «د» قليلة في الطعام؛ فسيصاب الطفل بحالة لين العظام، وإن كانت البروتينات قليلة؛ فسوف يتأخر بناء الجسم من العضلات والأنسجة. فكل طعام يحتوي على عناصر غذائية، تفيد الطفل في جانب من جوانب حياته البدنية؛ ولذلك لابد أن تعرف الأم ما هي الأطعمة التي تبدأ بها رحلة التغذية، مع فهم دقيق لاحتياجات الطفل من العناصر الغذائية، وسوف نقدم في هذا الموضوع معلومات ضرورية عن العناصر الغذائية اللازمة لهذه المرحلة، وفوائد الغذاء في بناء وتعزيز عمل جهاز المناعة وتقوية الصحة عموماً.بعد 4 أشهرتتعدد مدارس التغذية في العالم، منها ما يفضل بداية التغذية بعد إتمام الطفل 4 أشهر من عمره ومنها الذي يستحسن وصول الطفل إلى 6 أشهر، ولكل مدرسة أدلّتها وبراهينها في الاتجاه الذي تتبعه، ولكن هناك بعض العلامات التي يجب توافرها للطفل حتى تبدأ الأم في إطعامه الأكل الصلب، ومنها سرعة نموه وقدرته على التماسك والجلوس وثبات الدماغ، فإذا لاحظت الأم هذه العلامات مع تخطيه عمر 4 أشهر؛ فتقوم بإطعامه سواء كان ذلك في الشهر الخامس أو السادس أو أكثر، المهم أن تعرف الأم العناصر الغذائية التي يمكن تقديمها للصغير حسب عمره بالشهور، لأن الطفل بعد بلوغه الشهر السادس يصبح لبن الرضاعة الطبيعي من الأم غير كافٍ، ولا يحقق درجة الشبع المطلوبة ولا يفي بمتطلبات الجسم وهذا هو الأهم، لأن الصغير في حاجة إلى العناصر الغذائية التي تتخطى قدرة لبن الأم على تلبيتها، والتغذية الصحية السليمة لكل فترة تساعد في الوقاية من الإصابة بالمشاكل والأمراض وتبني جهاز المناعة وتقويّه، ومن المعلومات التي يجب توافرها لدى الأمهات هي عدم إطعام الصغير أي شيء على الإطلاق قبل إتمامه 4 أشهر؛ وذلك لأن بعض الأبحاث كشفت أن الطعام المبكر يسبب إصابة الطفل بمرض السكري.علامات وسماتيختلف الأطفال عن بعضهم البعض في عملية تناول الغذاء، فهناك بعض الأمهات تتعجل في إطعام طفلها، بسبب أن أقرانه من نفس العمر بدأوا في تناول الطعام؛ حيث تجبر الأم الطفل على تناول الطعام بالقوة وبشكل يجعل الطفل يصرخ عندما يشاهد الطعام، وهذا السلوك من الأخطاء الشائعة التي تقع فيها الكثير من الأمهات، لأن كل طفل له قدرات وإمكانات مختلفة عن الآخر ودرجة نمو متباينة، ولابد من توافر علامات وسمات تظهر على الطفل وتبين مدى استعداده لتقبل هذا الغذاء، ومضغه داخل الفم ومحاولة بلعه، وبعض الأطفال يتناولون الطعام ثم يسقط من الفم ولا يستطيعون بلعه، وأيضاً لابد من أن يكون نمو الطفل يتناسب مع المقاييس الطبيعية والوزن الصحي، بالإضافة كما ذكرنا قدرة الطفل على التمكن من رفع رأسه وتثبيتها في خط مستقيم فترة زمنية، وقدرته على الجلوس بشكل طبيعي بمساعدة الأم أو من غير مساعدة، ومحاولة تقليد الطفل الأم والأب أثناء تناول الغذاء، حيث يفتح الطفل فمه للأم من أجل تناول الغذاء، هذه السلوكيات مؤشرات جيدة على قدرة الطفل على بداية تناول الطعام، فهذه هي طريقة تواصل الطفل مع أمه بالحركات والتقليد، وعلى الأم أن تستجيب للطفل وتطعمه بشكل صحي وبالتدريج.هرس الطعامتسأل الأم الطبيب المتابع قبل بدء عملية الطعام، ليقدم لها النصائح الطبية العلمية في هذا الموضوع، ويحذرها من بعض الأطعمة في البداية، ويقرر لها بعض الأطعمة سهلة المضغ والهضم، مع كيفية إعدادها بالشكل الذي يناسب الصغير، والمقدار المناسب لكل عمر ولكل وجبة، على اعتبار أن الطبيب هو المتابع لنمو الطفل ونضجه الذي يلزم هذه العملية، وتبدأ الأم بتجربة حساسية الأطفال لبعض الأطعمة من خلال محاولة إطعام طفلها، وتلاحظ مدى حساسية الطفل لهذه الأطعمة، ثم تبدأ بعد ذلك بالتدرج في إطعام الصغير، ومن الضروري أن تقوم الأم بهرس الطعام جيداً وتحويله إلى قطع صغيرة، يسهل على الطفل تناولها ولا تقف في البلعوم وتمنع دخول الهواء، ويمكن تخفيف بعض الأطعمة بالماء الدافئ أو استخدام لبن الأم واللبن الصناعي لهذا الغرض، ولا تنسى الأم التأكد من نظافة كل الأدوات المستخدمة في إعداد الطعام، وعدم استخدام أوعية مضرّة، ومن الطبيعي أن يرفض الطفل في البداية تقبل الطعام، لأن طعمه غريب عليه ويختلف عن لبن الأم، فتحاول الأم مرات عديدة ولا تيأس ولاتقلق، ويجب عدم اتباع أسلوب العنف في إدخال الطعام إلى فم الصغير، وبالتدريج وبكميات قليلة سوف يتجاوز الطفل حالة الرفض ويبدأ في مرحلة تناول الطعام بسلاسة ويسر.خوخ وموز وقمحتنصح الكثير من الدراسات والأبحاث في هذا الشأن بضرورة إطعام الطفل الفواكه المتنوعة، لأنها تحتوي على عناصر غذائية مفيدة وتقي من الأمراض، وفي الوقت نفسه سهلة الهضم وتمد جسم الصغير بالطاقة اللازمة، وتحتوي على الفيتامينات والمعادن التي يحتاجها جسم الطفل لتعزيز صحته وتقوية جهاز المناعة، وفي بداية مرحلة الغذاء سواء كانت في عمر 4 أو 6 أشهر، لابد من بعض الفواكه بعد تنظيفها جيداً وتقشيرها، وإزالة البذور الداخلية منها وهرسها بعناية مع عدم إضافة السكريات لها قبل تقديمها للصغير، وتتأكد الأم من الحساسية تجاه أي نوع من الفواكه مثل الفراولة والموز وغيرها، ومن أحسن المشروبات التي يمكن تقديمها للطفل الذي بدأ يتناول الطعام حديثاً، هي الخوخ والموز مع القمح، وهذه الوجبة تصلح للأطفال من عمر 4 أشهر فأكثر؛ حيث تقوم الأم بغسل القمح في كوب متوسط وينقع في الماء فترة تصل إلى ساعتين، ويوضع على النار حتى ينضج بشكل كامل، وتنزع الأم قشر القمح، ثم تضعه مع قطع صغيرة من الخوخ بعد غسله وتقشيره مع الموز ويضرب في الخلاط بشكل جيد، ثم تطعم الأم الصغير بملعقة خاصة به من هذه الوجبة المليئة بالمعادن والفيتامينات والعناصر الغذائية الأخرى.البطيخ بالكنتالوبيعاني بعض الأطفال من حالات إمساك مستمرة، وهناك بعض الوصفات الغذائية المناسبة لهذه الحالة، التي تعالجها وفي الوقت نفسه تعتبر غذاءً قيّماً ومفيداً، وهي مشروب بيوريه البطيخ والكنتالوب ويناسب الأطفال من عمر 6 أشهر، وهذا البيوريه يعمل كمُليـّن ويعالج حالة الإمساك بشكل كبير، وفيه يتم تقطيع البطيخ والكنتالوب إلى قطع بعد التخلص من لب البطيخ والكنتالوب، ويتم ضربهم في الخلاط بدرجة يصبح فيها القوام كريمياً وليس سائلاً، ثم تقدمه الأم للطفل.أما سلطة الفواكه البيوريه؛ فيتم إعدادها عن طريق تجميع فواكه الكنتالوب والمشمش والخوخ والتفاح ويتم غليها في الماء حتى تصل إلى درجة الليونة، ثم ترفع الفواكه من الماء وتوضع في الخلاط وتضرب، حتى تصل إلى درجة نعومة القوام، وتقدم للأطفال كنوع من البيوريه اللذيذ الطعم والمفيد غذائياً للطفل من عمر 6 أشهر، وهناك أيضاً عصير العنب المخلوط مع بيوريه الكيوي؛ حيث تقوم الأم بعصر العنب وتخلطه ببيوريه الكيوي المهروس جيدًا، وهذا النوع يقدم للأطفال من عمر 8 شهور، وأيضًا يمكن عمل عصير التفاح بالجوافة، لأن التفاح يحتوي على الحديد ويعشقه الأطفال، والجوافة غنية بفيتامين «سي»، حيث يسلق التفاح مع نصف كوب من الماء لمدة 8 دقائق، ويوضع مع قطع الجوافة في الخلاط ويقدم للطفل في صورة فاترة، ويوجد التفاح بالقرفة وفيه تسلق شرائح التفاح مع إضافة قليل من القرفة للأطفال الأكبر من 8 شهور. غذاء لكل مرحلة تشير الدراسات الحديثة إلى أن الكثير من المشاكل والأمراض الصحية التي تصيب الأطفال بعد مرحلة الفطام تكون بسبب سوء التغذية، وهناك عدد كبير من الأمهات لا يعلمن طرق التغذية الصحيحة للأطفال في هذه المرحلة، مما يسبب انعكاسات سلبية كبيرة على صحة الطفل، ويجب أن يتوفر لكل فترة عمرية من حياة الطفل بعض أنواع الغذاء، التي تناسب هذه المرحلة بما فيها من جوانب نمو لأجهزة مختلفة من الجسم، وتكشف الأبحاث أن وقت إطعام الطفل يختلف حسب النمو، ويمكن أن يبدأ من سن 4 أشهر إلى 6 أشهر حسب توافر بعض القدرات لدى الطفل لتقبل الطعام، ومنها أنه يكون قادراً على الجلوس بمساعدة مع قدراته على رفع الرأس مع الثبات والاستقامة، ووزنه يصل من 5.5 إلى 8 كيلوجرامات، ويحاول أن يفتح فمه عندما تقدم الأم إليه بعض الطعام، فإذا توفرت لديه هذه الصفات فتبدأ الأم بإطعامه، شرط أن يتجاوز عمر 4 أشهر، وتحاول الأم مع طفلها عدة مرات لأنه سيرفض في البداية أي أنواع من الطعام.
مشاركة :