فقدت الأمة الإسلامية قبل يومين الدكتور عبدالرحمن السميط الرجل الذي نذر حياته لخدمة فقراء أفريقيا، وبرغم أن نشرة الأخبار العربية كانت غارقة في الدماء ومشحونة برائحة البارود، حيث تسارعت الأحداث الدراماتيكية في مصر وسوريا ولبنان والعراق، إلا أن خبر وفاة الدكتور السميط جاء ليذكر الناس بأن عمل الخير أقوى وأهم من كل نزاعاتنا الشريرة، وأن تحمل الصعاب في سبيل إعانة الضعفاء ومساعدة الفقراء هو الجوهر الحقيقي للإسلام دين الرحمة والمحبة والتآخي. الدكتور السميط طبيب ينتمي إلى واحدة من أغنى الدول الإسلامية، ولم يكن مجبرا على تمضية أكثر من 30 عاما من حياته في أفقر بلدان أفريقيا، حيث يضطر في بعض الأحيان إلى الانتقال من منطقة إلى أخرى سيرا على الإقدام ويواجه الأخطار غير المتوقعة، كان بإمكانه أن يستثمر هذه السنوات بشكل أفضل على الصعيد الشخصي، ولكنه رجل يبحث عن رضا الله ويشعر بمعاناة البشر المنسيين على هامش الكوكب ويبذل كل ما في وسعه كي ينقذهم من الجوع والجهل والعطش والمرض. وقد يكون التحدي الأصعب في تجربة السميط ــ رحمه الله ــ هو العاصفة الدولية التي ضربت العمل الخيري الإسلامي بعد أحداث سبتمبر، حيث تم اتهام أغلب الجمعيات الخيرية الإسلامية بتمويل الإرهاب، ولكن السميط استطاع تجاوز هذه العاصفة بفضل الطابع الإنساني البحت لكل نشاطاته الخيرية في أفريقيا، وبسبب سيرته الرائعة القائمة على التعاون والتحاور مع الإنسان ــ أيا كان دينه أو ملته، بالإضافة إلى العمل المؤسسي البعيد عن الارتجال والمنقى من أي تسيس. واليوم، لا يخفى على أحد بأن السميط ــ رحمه الله ــ ساهم في دخول الملايين من غير المسلمين إلى دين الرحمة بفعل الخير والكلمة الطيبة، بينما يحاول غيره إخراج ملايين المسلمين من الملة بفعل الشر والكلمة الخائبة، هذا هو الفرق المهم بين نموذج السميط وبين غيره، فالإسلام دين بناء لا هدم، دين تعاون لا تناحر، دين إيثار وتفانٍ لا دين بحث عن المجد والمناصب، دين عمل الخير بعيدا عن الأضواء ابتغاء لمرضاة الله تعالى. وبفضل الله، فإن نموذج السميط ليس نادرا في ديارنا، فثمة الكثير من أهل الخير الذين يسعون بكل ما يستطيعون لإعانة الفقراء والمحتاجين في الداخل والخارج، ولكنهم يعانون صعوبات متعددة، أهمها الإجراءات البيروقراطية المعقدة ومزاحمة الجمعيات الخيرية الكبرى القائمة منذ القدم على الارتجال والبعيدة كل البعد عن العمل المؤسسي الحديث، أما أكبر التحديات فهو محاولات بعض الأطراف المؤدلجة اختراق النشاطات الخيرية، ما يزيد في تعقيد المسألة، حيث تبدأ نظرية: (الخير يخص والشر يعم )!. نسأل الله العلي القدير أن يرحم عبدالرحمن السميط ويسكنه فسيح جناته، وأن يعين كل أهل الخير الذين يسيرون على خطاه. klfhrbe@gmail.com للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ،636250 موبايلي، 737701 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة
مشاركة :