رغم صعوبة، وتعقيد، وثقل المهمة، إلا أن السلطات الأمنية السعودية أثبتت قدرتها على تفكيك خلايا التنظيمات الإرهابية، والراديكالية المتطرفة؛ فعملت على كشف منظميها، وبسط سيطرتها على حي المسورة ببلدة القطيف -شرقي البلاد-، والذي شهد عدة مواجهات مع عناصر إرهابية، وتخريبية، وتجار مخدرات، وأسلحة؛ ولتثبت هذه الأحداث -في تقديري- أن هذه الأيديولوجيات المتطرفة لمعتنقيها، والتي ترتدي قناع الدين، تشكل الخطر الأبرز على العالم -حالياً-؛ لأنها تسعى للتمدد عبر الحدود لاختراق الدول، والشعوب. ارتبط إرهابيو العوامية بالمشهد السياسي -الإقليمي والدولي-؛ فشكل عامل البيئة الداخلية، وعامل البيئة الخارجية نموذجاً لهذه التنظيمات التي انتهجت العنف المسلح في مواجهة الدولة، والعمل على تحويل حي المسورة -على سبيل المثال- إلى منصة للعمليات الإرهاب، وتعريض الأهالي للخطر، واستخدامهم دروعا بشرية، والتغرير بهم، وتهديدهم بالسلاح، وخطف من يعارضهم، ونشر المخدرات، والأسلحة. كما حولوا الحي إلى بؤرة للجريمة، والفساد، وسرقة أموال الأهالي، وممتلكاتهم، وترويع النساء، والأطفال، ونشر الطائفية، والكراهية، وإثارة الفتنة. يبدو لي، أن الحيلولة دون تمكين الجماعات الإرهابية من تحقيق مخططاتهم الإجرامية، يعتمد على تطبيق منهج عمل متواصل، يستهدف ليس فقط تجفيف الينابيع -المادية والمالية- التي تغذي هذه الجماعات الإرهابية، بل لا بد من بتر الأفكار المتطرفة التي تتغذى منها، وعليها تلك العناصر الإرهابية؛ كونهم يعمدون إلى إحداث التغيير بالقوة؛ تحديا لهيبة الدولة، والنظام السياسي، وذلك من خلال تسويغ، وتبرير العنف، والاغتيال. المعركة ضد الإرهاب معركة أممية، والإرهاب من أجل الإرهاب ليس هدفهم النهائي؛ باعتبار أن الأيديولوجية في بعض مكوناتها، هي جزء يكمن وراء الفكر الإرهابي، والسلوك العنيف، -ويالتالي- فإن فهمها أمر ضروري لإلحاق الهزيمة به. -ومع كل ما سبق- فإن المملكة ستبقى رائدة في مجال مكافحة الإرهاب، بعد أن اتخذت موقفاً حازماً، وصارماً ضده بكل أشكاله، وصوره على الصعيدين -المحلي والدولي-، ويشهد على ذلك النجاحات الأمنية المتلاحقة للقضاء على الإرهاب، وتجنيدها جميع أجهزتها لحماية المجتمع من خطر الإرهابيين، والقضاء على أعداد كبيرة منهم في مختلف مناطق المملكة.
مشاركة :