خرج أبناء الضفة الغربية بعشرات الآلاف لنصرة اخوتهم في قطاع غزة في أوسع هبة جماهيرية جسدت بالدم وحدة الحال والمصير بين ابناء الشعب الواحد الذي يواجه كيانا اجراميا انفلت من عقاله بارتكابه المجزرة تلو الاخرى امام سمع وبصر المجتمع الدولي ومؤسساته الاممية. وشهدت مناطق مختلفة من الضفة الغربية وفي مقدمتها القدس تظاهرات وصدامات غير مسبوقة مع جيش الاحتلال الذي قابل المتظاهرين الغاضبين بمختلف وسائل القمع والقتل موقعا شهيدا ومئات الجرحى في صفوفهم، اضافة الى عشرات المعتقلين. وشهد حاجز قلنديا الذي يعتبر بوابة القدس الشمالية اعنف هذه الصدامات التي تواصلت من بعد صلاة التراويح وحتى فجر امس الجمعة، حيث استشهد الشاب محمد زياد الاعرج (20عاما) من مخيم الامعري بمدينة رام الله واصيب اكثر من 250 اخرين بالرصاص الحي والمعدني بينهم عدد من الاصابات الحرجة، اضافة الى مئات حالات الاختناق بالغاز. وكان ما يزيد على 20 الف مواطن فلسطيني خرجوا بعد الساعة التاسعة والنصف في تظاهرة كبرى اطلق عليها اسم "تظاهرة ال48 الفا"، من رام الله وتحديدا من امام مخيم الامعري وتوجهت نحو حاجز قلنديا الذي يغلق القدس من الجهة الشمالية، وذلك تضامنا مع ابناء قطاع غزة، وتحديا لاجراءات قوات الاحتلال التي اغلقت المدينة المقدسة عشية الجمعة الاخيرة من شهر رمضان المبارك. وما أن وصل المتظاهرون الحاجز الذي اغلق مسبقا بالاسلاك الشائكة والكتل الاسمنتية، حتى قابلهم جنود الاحتلال بالرصاص وقنابل الصوت والغاز، فيما اغلق المتظاهرون الطرقات بالاطارات المشتعلة والكتل الاسمنتية وحاويات القمامة وهاجموا قوات الاحتلال بالحجارة والالعاب النارية والزجاجات الحارقة في مواجهات وصفت بالاعنف منذ بدء العدوان على قطاع غزة. وقامت مجموعة من كتائب الاقصى الجناح العسكري لحركة فتح باطلاق النار باتجاه جنود الاحتلال واصابوا احدهم في الحاجز المذكور، وفقا لما جرى تناقله. وذكرت مصادر طبية فلسطينية وجمعية الهلال الاحمر أن أكثر من 250 متظاهراً اصيبوا بينهم 150 بالرصاص الحي وقد نقلوا لمجمع فلسطين الطبي حيث أعلن استشهاد الشاب الاعرج، فيما وصفت اصابة ثلاثة على الاقل بالحرجة. ومن بين المصابين الوزيرة علا عوض رئيس الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني حيث اصيبت بعيار ناري في الفخذ ونقلت الى مشفى المقاصد بالقدس للعلاج. أصداء الصدامات العنيفة دفعت قوات الاحتلال لتشديد إجراءتها التي حالت دون وصول مئات الالاف الى المسجد الاقصى لاداء صلاة الجمعة الاخيرة من رمضان، حيث قيدت قوات الاحتلال دخول المصلين بمن يزيد على الخمسين عاما من الرجال ومن حملة الهوية الزرقاء (القدس واراضي 48)، فيما لم يسمح لابناء الضفة بالوصول كما كان عليه الحال منذ بداية الشهر الفضيل. وشهدت العديد من مناطق واحياء القدس مواجهات عنيفة بين المواطنين وقوات الاحتلال لا سيما البلدة القديمة من المدينة وبلدات العيسوية سلوان وابو ديس، ومخيم شعفاط وحي وادي الجوز وشارع صلاح الدين وباب الساهرة وحي الصوانة، حيث اعتدت قوات الاحتلال بالرصاص وقنابل الغاز والصوت ورشتهم بالمياه النتنة، واصابت واعتقلت العشرات منهم. وتمكن عشرات الشبان الغاضبين من الوصول إلى الأقصى بعد اجتياز حواجز الاحتلال المقامة على البوابات. وفي هذا السياق قام متظاهرون بتدمير جزء من الجدار العازل بين قرية العيزرية والقدس، فيما اضرم اخرون النار في مركز لشرطة الاحتلال داخل المسجد الاقصى، وحطموا كاميرات المراقبة على طريق باب المجلس المؤدي الى المسجد الاقصى. وامتدت تظاهرات الغضب الى مناطق شمال الضفة الغربية وجنوبها حيث خرجت مسيرة كبرى في مدينة نابلس، تضامنا مع ابناء قطاع غزة، فيما اندفع المئات الى حاجز حوارة واشتبكوا مع قوات الاحتلال في مواجهات عنيفة اصيب خلالها العشرات باعيرة معدنية وحالات اختناق بالغاز. وشهدت قرية قصرة جنوب نابلس مواجهات عنيفة اصيب خلال خلال خمسة شبان وفتية بالرصاص الحي في الجزء السفلي من الجسم. كما اصيب مواطنان ومتضامنة بريطانية في قرية سبسطية شمال نابلس وشاب من قرية قراوة بني حسان بالراس والعشرات بحالات اختناق في مواجهات مماثلة. واندلعت مواجهات عنيفة في منطقة المصانع الكيماوية "غيشوري" غرب طولكرم بين المتظاهرين وقوات الاحتلال عقب مسيرة منددة بالعدوان على غزة، حيث اعتدت عليهم هذه القوات بالرصاص المعدني وقنابل الغاز واصابت العديد منهم. وتجددت المواجهات مع قوات الاحتلال عقب تظاهرات ومسيرات خرجت بعد صلاة الجمعة في العديد من مناطق الضفة الغربية. وتركزت المواجهات في مناطق التماس وعلى حواجز الاحتلال التي تغلق المدن والقرى. وأصيب اربعة مواطنين من قرية حوارة جنوب نابلس بجروح بعد ظهر امس الجمعة، نتيجة اصابتهم برصاص مستوطن اطلق النار عليهم خلال تظاهرة تضامنية مع قطاع غزة انطلقت بعد الصلاة من مسجد القرية الرئيسي. وقد اعقب ذلك اقتحام لقوات الاحتلال ومواجهات مع المواطنين.
مشاركة :