أطلقت القوات العراقية أمس حملة من محاور عدة لاستعادة قضاء تلعفر الذي يشكل موقعاً لالتقاء مصالح إقليمية بين تركيا والعراق وسورية، وداخلية بين الأكراد والتركمان والعرب السنة والشيعة والإيزيديين، فضلاً عن كونه أحد دعائم «دولة الخلافة» التي أعلنها «داعش» في حزيران (يونيو) عام 2014 عندما ألغى الحدود وكاد أن يصل إلى أربيل لولا تدخل القوات الأميركية. ويحاول الجيش «تلافي الأخطاء التي صاحبت اقتحام الجانب الغربي للموصل، وتقليص زمن الحملة»، يساعده في ذلك عدم الكثافة السكانية، بخلاف ما كان الحال في الموصل. وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي أعلن بدء العملية فجر أمس، في بيان تلاه عبر التلفزيون، وهو يرتدي بزة عسكرية سوداء (زي وحدات مكافحة الإرهاب) ويبدو خلفه العلم العراقي وخريطة البلاد، وقال مخاطباً الجنود: «أنتم على موعد مع نصر آخر سيتحقق (...) ها هي تلعفر ستعود لتلتحق بركب التحرير (...) أقولها للدواعش لا خيار أمامكم إلا الاستسلام أو القتل. كل معاركنا انتصرنا فيها». وبعد ساعات على انطلاق العمليات أعلن قائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد جودت أن قواته «سيطرت على منطقة العبرة الصغيرة، وهي تتقدم في المحور الغربي صوب مناطق السعد والزهراء والوحدة»، وأضاف أن «الفرقة الآلية ومغاوير النخبة بإسناد الحشد الشعبي استعادت السيطرة على مناطق عبرة النجار وعبرة حنش». وسيطر الجيش و «الحشد الشعبي» على «قرية تل الصبان، جنوب غربي المدينة القديمة، وطوقا قرية قرتبه، وتقدما 3 كيلومترات في المحور الجنوبي. وذكر «الحشد» أن قواته «وصلت إلى البوابة الغربية المؤدية إلى مركز المدينة وسط انهيار ملحوظ في صفوف العدو»، لافتاً إلى أن «طيران الجيش دمر ثلاث عربات مفخخة حاولت إعاقة تقدم القطعات، فضلاً عن عربة أخرى يقودها انتحاري دمرها مقاتلونا أثناء محاولتها إعاقة التقدم باتجاه المحور الغربي، وأربع عربات مفخخة في منطقتي الزريقي وتل المحراب». من جهة أخرى، أكدت قوات «بدر»، وهي أحد فصائل «الحشد»، السيطرة على «سلسلة التلال المؤدية إلى جبل ساسان، وتحرير منطقتي العبرة الصغيرة وعبرة النجار»، لافتة إلى «معالجة ثلاثة انتحاريين مع عرباتهم المفخخة». وأفاد مصدر أمني بأن «أكثر من 300 مدني تم إجلاؤهم بعد وقت قصير من بدء الهجوم»، وسط توقعات بتزايد موجات النزوح مع دخول القوات إلى مركز المدينة. وقال الخبير الأمني هشام الهاشمي إن «معركة تلعفر مهمة لكل الأطراف التي تشارك وكل منها يحاول المحافظة على مصالحه في هذه البقعة الجغرافية الحدودية التي تقع بين العراق وتركيا، والعراق وسورية، والعرب والأكراد، والعرب والتركمان، وبين التركمان السنة والتركمان الشيعة، والأكراد والإيزيديين والعرب والإيزيديين، وحلفاء أربيل وحلفاء بغداد، وربما ستكون سبباً للنزاع بين كل هذه المكونات». ولفت إلى أن «هناك توافقاً في الرؤية الأميركية- الروسية على تدمير وقتل عناصر داعش وعدم السماح لهم بالهروب نحو سورية». وزاد أن «المعركة تشبه ما حصل في معركة سهل نينوى ولن تكون معقدة، إلا في حي السراي ومنطقة التلال الغربية». ويعد قضاء تلعفر الأكبر بين أقضية محافظة نينوى، ويقع على الطريق المؤدي إلى الحدود مع سورية، وكان يسكنه حوالى مئتي ألف نسمة غالبيتهم من التركمان الشيعة. وسيطر «داعش» عليه، بعد مواجهات مع القوات العراقية التي انسحبت منه بسرعة، وأعقب انسحابها نزوح آلاف السكان.
مشاركة :