يتسابق الجميع على فعل الخير في شهر الجود والكرم، شهر تضاعف فيه الحسنات ويمحو الله فيه الذنوب، شهر تتنوع فيه أعمال البر من إطعام جائع وكسوة مسكين وغوث ملهوف، تؤدي فيه الجمعيات الخيرية دورها على أكمل وجه، كما تبرز فيه الأعمال التطوعية والمبادرات الشخصية التي يبادر إليها الجميع في هذا الشهر المبارك، ومنها مبادرات المسؤولية الاجتماعية الفردية التي تؤديها المجمعات والجوامع والمساجد وسكان الأحياء. وتعكس تلك المبادرات قيم وثقافة المجتمع الإنساني، المتكافل، المحب للخير، كما تعكس واقعاً جديداً من تحديث القيم بالوسائل الجديدة تقنياً، والمشاركة الجماعية ذات التنظيم، والتنسيق، والالتزام، والحضور الناجح أمام الآخرين مهما كانت تكلفة الإنجاز، وتبقى التفاصيل في كل ذلك شاهدة على أن مجتمعنا بخير، ومحب لعمل الخير، ولا يزال، كما أن هناك رجالا لا نزكيهم خوفاً وإنما طمعاً في استنساخ جهودهم التطوعية في كل مكان لمساعدة الناس ليساعدوا أنفسهم. مجمع الدكتور مانع الجهني بحي الازدهار بمدينة الرياض نموذج مشرق لتلك المبادرات الإنسانية والخيرية، ونقول نموذج لأن هناك المئات من تلك النماذج الموجودة في مجتمعنا، حيث تولى المجمع بمبادرة شخصية منه وبتمويل من أهالي الحي بتسيير قافلات العمرة المجانية في رمضان للعام الثالث على التوالي، وتحديداً للعمالة الوافدة غير القادرة على تحمل أعباء السفر لمكة المكرمة، وذلك في نهاية كل أسبوع من رمضان، مما يمكّن تلك العمالة الوافدة من أداء العمرة وصلاة الجمعة في الحرم المكي الشريف. جهود شخصية وقال الشيخ "محمد البران" -إمام وخطيب مجمع الدكتور مانع الجهني- إن القائمين على مشروع العمرة المجانية في رمضان هم متطوعون من شباب الحي وبدعم مالي كامل منهم، وذلك حباً في عمل الخير، وترسيخاً لمبدأ الإحسان للعمالة الوافدة غير القادرة على أداء العمرة. وأضاف أن العمرة في رمضان للعامل الوافد هي حلم من أحلام حياته؛ فيجد في أبناء هذا البلد المعطاء من يوفرها له مجاناً، ابتغاء مرضاة الله عز وجل، مشيراً إلى أن ذلك دأب مواطني هذا البلد وقيادته، التي تدعو سنوياً أعدادا من الحجاج والمعتمرين على نفقة خادم الحرمين الشريفين، وهي تكرّس بهذا العمل شعار مملكة الإنسانية، فأبناء هذا البلد وقيادته يلتمسون الخير ويسعون له دائماً. وأشار إلى أن برامج رمضان بالمجمع لا تقتصر على مشروع العمرة فحسب، بل يقيم المجمع الدورة القرآنية الرمضانية الثالثة في الفترات من بعد الفجر والظهر والعصر والتراويح، بالتعاون مع الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم، والتي استفاد منها أكثر من 180 طالباً في سبع فئات مختلفة، وفي الجانب العلمي أقام المجمع دورة علمية في باب الصيام وباب الاعتكاف استفاد منها 80 مشاركاً، فضلاً على مشروعات إفطار الصائم والكلمات الدعوية بعد الصلوات بالتنسيق مع مكاتب الدعوة، كما حرص المجمع على إحياء سنة الاعتكاف وتقديم الخدمات للمعتكفين. شباب الحي وبيّن الشيخ "محمد المشاري" مدير مشروع العمرة الرمضانية المجانية بمجمع الدكتور مانع الجهني- أن المشروع انطلق ضمن مبادرات المسؤولية الاجتماعية في الجامع تجاه المجتمع وسكان الحي، فهو عمل اجتماعي متكامل يتولاه شباب الحي المتطوعون، مؤكداً على أنها قصة من قصص النجاح في هذا المجمع المبارك، مشيراً إلى أن مشروع العمرة الرمضانية المجانية يقام بالتعاون مع مكتب توعية الجاليات بالصناعية الجديدة، وتحت دعم وإشراف الندوة العالمية للشباب الإسلامي، ومتابعة وزارة الشؤون الإسلامية. وقال إن مشروع العمرة الرمضانية المجانية بمجمع الدكتور مانع الجهني بحي الازدهار بالعاصمة الرياض، تمكّن خلال ثلاث سنوات من عمرة وعمر المجمع بتسهيل أداء مناسك العمرة لأكثر من 1665 معتمراً، وذلك عن طريق تسيير 37 حافلة، حيث كانت البداية في عام 1433ه بتسيير ثمان حافلات حوت على 360 معتمراً، زادت في العام الماضي إلى 13 حافلة حوت على 585 معتمراً، وفي هذا العام وبفضل الله تمكّن المجمع من تسيير 16 حافلة حوت على 720 معتمراً. وأضاف أن هناك إقبالا كبيرا من العمالة الوافدة للتسجيل في مشروع العمرة المجانية في رمضان، حيث لا يسبب إرباكاً للعمالة ولا قطعاً لأعمالهم في المنازل والشركات، فالمشروع ينظم في نهاية الأسبوع، وهي فترة العطلة لأغلب العمالة، بحيث تسيير الرحلات من الرياض بعد عصر يوم الخميس، وتصل القوافل إلى مكة فجر يوم الجمعة، ويؤدون العمرة ويستريحون قليلاً قبل صلاة الجمعة، ثم تعود القوافل إلى الرياض دون مبيت بعد الصلاة وتصل عند مساء يوم الجمعة، وهي فترة يسيره توافق إجازة نهاية الأسبوع لا تؤثر على العمل. وأشار إلى أن المشروع يوفّر للمعتمرين وجبات إفطار وسحور مجانية طوال الرحلة، تحتوي على التمر الفاخر والفواكه الطازجة، وكذلك العصائر والمشروبات الباردة والساخنة، إضافة لتوزيع كتيبات عن طريقة أداء العمرة بلغات مختلفة، وكتب دينية تقوي العقيدة وتحذر من الشركيات والبدع، فضلاً عن تواجد دعاة معتمدين مرافقين لرحلات العمرة، يلقون الكلمات والمواعظ بلغات متعددة؛ مما يسهّل تلقي وفهم المعتمرين لتلك الكلمات والمواعظ كونها تلقى بلغتهم الأم، لاحتمال تواجد بعض من يؤدون العمرة في تلك القوافل لا يجيد اللغة العربية، أو ممن لا تقع الموعظة في قلبه حقاً إلاّ إذا سمعها بلغة يجيدها.
مشاركة :