يقع منزل السيدة خديجة بنت خويلد الذي هاجر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم للمدينة المنورة في الساحات الشرقية للمسجد الحرام مقابل مكتبة مكة المكرمة وذلك حسب ما أوضح لنا الدكتور فواز الدهاس أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة أم القرى حيث وقف معنا في المكان على الطبيعة وهو بجوار المواضئ بالساحات الشرقية للمسجد الحرام والتي دخل فيها الكثير من المنازل التي كانت محيطة بالمسجد الحرام حيث أوضح الدهاس أن هذا المنزل الذي بات فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج منه للهجرة حيث أمر عليا رضي الله عنه تلك الليلة أن يضطجع على فراشه، ويتسجى ببرده الحضرمي الأخضر، وأخبره أنه لا يصيبه مكروه. وذكر الدهاس أنه كان من عادة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينام في أوائل الليل بعد صلاة العشاء ويخرج بعد نصف الليل إلى المسجد الحرام يصلي فيه قيام الليل فلما كانت عتمة من الليل وساد الهدوء، ونام عامة الناس جاء المذكورون إلى بيته صلى الله عليه وسلم سرا، واجتمعوا على بابه يرصدونه، وهم يظنونه نائما حتى إذا قام وخرج وثبوا عليه، ونفذوا ما قرروا فيه. وكانوا على ثقة ويقين جازم من نجاح هذه المؤامرة الدنية، حتى وقف أبو جهل وقفة الزهو والخيلاء، وقال مخاطبا لأصحابه المطوقين في سخرية واستهزاء: إن محمدا يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم، ثم بعثتم من بعد موتكم، فجعلت لكم جنان كجنان الأردن، وإن لم تفعلوا كان له فيكم ذبح، ثم بعثتم من بعد موتكم، ثم جعلت لكم نار تحرقون فيها. وقد كان ميعاد تنفيذ تلك المؤامرة بعد منتصف الليل في وقت خروجه صلى الله عليه وسلم من البيت، فباتوا متيقظين ينتظرون ساعة الصفر، ولكن الله غالب على أمره، بيده ملكوت السموات والأرض، يفعل ما يشاء، وهو يجير ولا يجـار عليه. وقد فشلت قريش في خطتها فشلا ذريعا مع غاية التيقظ والتنبه؛ إذ خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من البيت، واخترق صفوفهم، وأخذ حفنة من البطحاء فجعل يذره على رؤوسهم، وقد أخذ الله أبصارهم عنه فلا يرونه، فلم يبق منهم رجل إلا وقد وضع على رأسه ترابا، ومضى إلى بيت أبي بكر، فخرجا ليلا حتى لحقا بغار ثور في اتجاه اليمن حيث كانوا وذلك بعد أن جهزا راحلتين تركاهما عند دليل استاجراه لكي يرافقهما في الرحلة إلى المدينة. وبقي المحاصرون ينتظرون حلول ساعة الصفر، وقبيل حلولها تجلت لهم الخيبة والفشل، فقد جاءهم رجل ممن لم يكن معهم، ورآهم ببابه فقال: ما تنتظرون؟ قالوا: محمدا، قال: خبتم وخسرتم، قد والله مر بكم، وذر على رؤوسكم التراب، وانطلق لحاجته، قالوا: والله ما أبصرناه، وقاموا ينفضون التراب عن رؤوسهم. ولكنهم تطلعوا من صير الباب فرأوا عليا، فقالوا: والله إن هذا محمدا نائم، عليه بردة، فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا. وقام علي عن الفراش، فسقط في أيديهم، وسألوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لا علم لي به.
مشاركة :