الإمارات.. ملاذ آمن للطيور المهاجرة

  • 8/23/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

العين: هديل عادلتستضيف الإمارات سنوياً أعداداً كبيرة من الطيور المهاجرة، بسبب وقوعها ضمن مسار مهم لهجرتها بين أوروبا وآسيا وإفريقيا، وتتخذ مجموعات من بعض أنواعها من بيئة الدولة ملاذاً لها خلال فصل الشتاء، وتحتضن منها الأنواع البحرية التي تجد مستقرها في مناطق المد والجزر التي تزورها سنوياً مئات الألوف من الطيور الساحلية المهاجرة، وهناك الطيور المغردة التي تلجأ إلى المناطق الصحراوية، هرباً من فصل الشتاء في الأقطار الآسيوية، ويعد الدور الذي تلعبه المؤسسات البيئية في الإمارات لحماية تلك الطيور عاملاً مهماً في توفير بيئة آمنة لها، ومؤشراً للالتزام بدورها في المحافظة على الحياة الفطرية، وتم في السنوات الماضية الاعتراف بالأهمية العالمية للطيور المتكاثرة والزائرة للدولة، وفي السطور التالية نسلط الضوء على الإجراءات المتبعة لحماية الطيور ومتابعتها عبر الأقمار الصناعية. تتحدث الدكتورة شيخة سالم الظاهري، المديرة التنفيذية لقطاع التنوع البيولوجي البري والبحري بهيئة البيئة عن حماية الطيور المهاجرة من الأخطار التي تهدد حياتها واستقرارها في الإمارات، وتقول: «تقوم الهيئة بمراقبة ورصد الطيور المهاجرة إلى الدولة باستمرار من خلال برنامج مكثف، ويقوم فريق بانتظام بمسح كافة المناطق (الساحلية المهمة والجزر والمناطق الداخلية الرطبة والخضراء)، لتوثيق أعداد الطيور وأنماط هجرتها، والتعرف إلى أنواعها، ما يعطي مؤشراً على وفرة ومدى انتشارها بشكل عام، خصوصاً الطيور المائية، وأيضاً يقوم الفريق بمراقبة الطيور المهاجرة داخل المناطق المحمية، ما يساعدنا على تحسين خطتنا الإدارية وفقاً لاحتياجاتها، ومما يجدر الإشارة له أن التعداد الدولي للطيور المائية يقام سنوياً بالتنسيق بين هيئة البيئة - أبوظبي وجمعية الإمارات للحياة الفطرية والصندوق العالمي لصون الطبيعة ولجنة الإمارات لتسجيل الطيور وبلدية الفجيرة، ويتم خلاله عد وحصر الملايين من أنواع الطيور المائية في الدولة، الأمر الذي يسهم في جمع البيانات الأساسية عن موائل الأراضي الرطبة وأنواع الطيور المختلفة، كما يقدم معلومات عن حالة واتجاهات الطيور وحالة المواقع المهمة بشكل يتماشى مع تطبيق الاتفاقيات الدولية الموقعة من قبل الإمارات، والتي تشمل اتفاقية التنوع البيولوجي، واتفاقية «رامسار» للأراضي أو المناطق الرطبة، ولا يوفر هذا التعداد فقط معلومات حيوية لتوثيق مسارات هذه الطيور، ولكنه يسهم أيضاً في فهم حالة المواقع الرئيسية واتخاذ الإجراءات المناسبة للحفاظ على الأنظمة البيئية».تحديات وإجراءاتعن أهم الإجراءات التي تقوم بها هيئة البيئة لحماية الطيور المهاجرة، تضيف الدكتورة الظاهري: «للأسف تواجه تلك الطيور العديد من التحديات التي تتراوح بين فقدان الموائل والصيد والقتل غير القانوني أو الأسر، والتسمم والصعق بالكهرباء، كما أن التغير السريع في المساحات الخضراء الطبيعية، والتوسع العمراني والصناعي، وخاصة في المناطق الساحلية تجعل الأنواع المهاجرة والمقيمة على حد سواء، معرضة للخطر بشكل كبير، ومن أهم الإجراءات التي تقوم بها هيئة البيئة لحماية الطيور المهاجرة، رصد حركتها، وحماية موائلها، ومنع أعمال القتل غير القانونية، وتوفير الملاذ الآمن لها، ولا شك أننا بحاجة إلى الدخول في شراكات مع منظمات حكومية وغير حكومية، والعمل مع المجتمع المدني لتعزيز جهودنا المشتركة في حماية الطيور المهاجرة».متابعة ورصديؤكد الدكتور سالم جافيد، مدير إدارة التنوع البيولوجي البري بالإنابة، أهمية برنامج تتبع الطيور المهاجرة وإجراء دراسات ميدانية حولها، قائلاً: «تقوم الهيئة برصد بعض أنواع الطيور المهاجرة المهمة لمسافات طويلة باستخدام الأقمار الصناعية، لفهم أنماط تحركاتها ومسارات هجرتها، وقامت الهيئة منذ انطلاق البرنامج عام 2005، بتتبع 12 نوعاً مختلفاً من الطيور المائية والطيور الجارحة المهاجرة، وخلال فترة تكاثرها نقوم بتنفيذ برنامج إجراء مسوحات مكثفة للجزر والمواقع الساحلية التي تتضمن مواقع رئيسية للطيور المتكاثرة في إمارة أبوظبي، ويشمل المسح الطيور المتكاثرة في فصل الشتاء مثل طير أبو ريشة والعقاب النساري واللوهة (الغاق السقطري)، كما تجري الهيئة مسحاً آخر يرصد الخراشن المتكاثرة في فصل الصيف والنوارس وزقزاق السرطان (كويري) في الفترة من إبريل إلى يونيو، ووفرت هذه المسوحات لنا معلومات علمية لا تقدر بثمن حول هجرة بعض أنواع الطيور للإمارات، وساعدنا هذا في القيام بدورنا في المحافظة عليها ليس فقط على المستوى المحلي، ولكن أيضاً على الصعيد الإقليمي».ويضيف: «في إطار البرنامج المستمر لتتبع ومراقبة الطيور المهاجرة، قامت الهيئة في فبراير الماضي بتثبيت جهاز تتبع فضائي على طائر العقاب المنقط الكبير لمتابعة ورصد تحركاته ورصد المخاطر التي تهدده منذ مغادرته محمية بحيرة الوثبة للأراضي الرطبة في أبوظبي، ويعتبر العقاب المنقط كغيره من الأنواع الأخرى من الطيور المهاجرة التي تصل إلى الدولة بأعداد كبيرة لتقضي فترة الشتاء في المواقع الرئيسية في مختلف أنحاء الدولة، والتي تنطلق في رحلة العودة إلى مناطق تكاثرها في الشمال في فصلي الربيع والصيف، وتضم هذه الطيور أنواعاً مختلفة مائية وبرية، والتي تتراوح بين الطيور الصغيرة والجارحة الكبيرة، التي تسلك مسارات هجرة متشابهة».مناطق التكاثرتشير الدراسات التي أجرتها الهيئة إلى أن شهر سبتمبر يعد بداية موسم الهجرة، حيث تبدأ طلائع الطيور بالوصول إلى الدولة وتتواصل أعدادها بالتزايد بشكل أكبر خلال الفترة التي تمتد بين أكتوبر وديسمبر، وتبدأ معظمها والتي تقضي فترة أشتائها داخل الإمارات بالعودة إلى مناطق تكاثرها في فصلي الربيع والصيف، الذي يبدأ اعتباراً من شهر فبراير، وعادة لا تتكاثر في فصل الشتاء، إلا أن بعضها والتي تأتي خلال فصل الصيف (مثل طيور الخراشنة) تتكاثر في الدولة، وتعتبر المسطحات الطينية الشاسعة المتأثرة بحركة المد والجزر على طول الشاطئ وحول كثير من الجزر، ذات أهمية كبيرة للطيور المهاجرة، خصوصاً الخواضة المهاجرة والطيور الشاطئية الأخرى، ومن أهم المواقع الرئيسية لاستقرار الطيور المهاجرة في الإمارات، محمية الوثبة البحرية، محمية رأس الخور، خور البيضا الضبعية والعديد من الجزر في أبوظبي والإمارات الأخرى.مسارات وأنواع تقع الإمارات في الوسط بين الشرق والغرب، حيث يتداخل فيها اثنان من مسارات هجرة الطيور، مسار هجرة الطيور من شرق إفريقيا - غرب آسيا (طريق الهجرة الأفرو أوراسية)، ومسار آسيا الوسطى، وتأتي الطيور إلى الإمارات من مناطق التكاثر الشمالية في أوروبا وآسيا (لا سيما آسيا الوسطى)، وتهاجر لتجنب الظروف المناخية القاسية بسبب البرد الشديد في مناطق التكاثر الشمالية والتي ترتبط بنقص الإمدادات الغذائية بسبب الظروف المناخية الباردة. ومن بين أكثر من 440 نوعاً من الطيور المسجلة في الدولة، هناك 70 ٪ من الأنواع المهاجرة، وهي نوعان، الأول هو الذي يأتي إلى حد كبير خلال أشهر الشتاء من أوروبا وآسيا الوسطى لقضاء فصل الشتاء أو يتوقف في طريقه إلى مناطق إشتائه في إفريقيا، حيث إن بعض الطيور المهاجرة تبقى في الدولة لمدة 3-5 أشهر، إلا أن بعضها يعبر الدولة لإكمال مسار هجرته، والنوع الآخر عبارة عن مجموعة من الطيور المتكاثرة التي تزور الدولة في فصل الصيف، وهي في الأغلب من الطيور البحرية، التي تأتي من المحيط الهندي للتكاثر.

مشاركة :