صنعاء/ زكريا الكمالي/ الأناضول تدور منذ فترة معارك إعلامية بين جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) وحليفها حزب المؤتمر الشعبي العام، جناح الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، على خلفية إصرار الأخير على استعراض قاعدته الجماهيرية منفردا، في مهرجان بالعاصمة صنعاء، اليوم الخميس، بمناسبة الذكرى الخامسة والثلاثين لتأسيسه. لكن مهرجان اليوم ليس هو كل ذخيرة تلك المعارك الإعلامية، فثمة خلافات جوهرية عديدة بين حليفي الحرب اليمنية، المدعومين عسكريا من إيران، في مواجهة التحالف العربي، بقيادة الجارة السعودية، الداعم عسكريا للقوات الحكومية، منذ أكثر من عامين ونصف العام. من بين هذه الخلافات: حجم مشاركة قوات صالح في القتال، والتمثيل في مشاورات السلام والمحادثات الخارجية، إضافة إلى الحركة القضائية وتعديل المناهج التعليمية، و"هيمنة" الحوثيين على وسائل الإعلام اليمنية الرسمية. ومع مرور عام على تحالفهم السياسي، عبر تشكيل ما يسمى بـ"المجلس السياسي الأعلى"، ثم تشكيل حكومة، غير معترف بها دوليا، فإن تحالف الحوثي وصالح يبدو، وفق مراقبين، محتقنا ومهددا بالانهيار. وفي ما يلي ترصد الأناضول أبرز الخلافات الجوهرية داخل تحالف الحوثي وصالح، والتي برزت إلى السطح، وتهدد بتداعي هذا التحالف، ما قد يؤدي إلى تحول جذري في مسار النزاع اليمني، القائم منذ عام 2014. ** المشاركة في القتال رغم اتهام الحكومة الشرعية لصالح بأنه كان مفتاح "الانقلاب"، بأن سهل للحوثيين اجتياح العاصمة صنعاء، يوم 21 سبتمبر/ أيلول 2014، وفتح لهم فيما بعد مخازن أسلحة الجيش، التي رفض تسليمها بعد أن أجبرته ثورة شعبية على تسليم السلطة، عام 2012، إلا أن الحوثيين أعلنوا، قبل أيام، أن صالح وقواته لم يشاركوا في الحرب بشكل حقيقي. وقال زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، السبت الماضي، إن جميع المقاتلين والشهداء من الحوثيين، وإن حزب صالح وضع "أصبعا" فقط في الحرب، فيما أقدامه خارجها. وبدورهم قال قادة حوثيون إن قوات صالح "لم تشم البارود". هذه التصريحات أثارت سخط قيادات حزب صالح، ووصفها الأمين العام للحزب، عارف الزوكا، بـ"المزايدات"، مضيفا أن صالح نزل بنفسه مع القيادي الحوثي، صالح الصماد، إلى أحد معسكرات التدريب، وجمع له ثلاثة آلاف مقاتل، كدفعة أولى من 40 ألف مجندي مستعدين لإرسالهم إلى الجبهات. وتسببت الحرب المتواصلة في تدهور الأوضاع الإنسانية باليمن، حتى بات أكثر من 20 مليون يمني (من أصل حوالي 27.4 مليون نسمة) بحاجة إلى مساعدات إنسانية؛ فضلا عن نزوح قرابة ثلاثة ملايين شخص، ومقتل وإصابة عشرات الآلاف، وفق الأمم المتحدة. ** مبادرة مجلس النواب صوّت مجلس النواب، الذي يهيمن حزب المؤتمر على غالبية مقاعده، في صنعاء، أواخر يوليو/ تموز الماضي، لصالح مبادرة لإنهاء الحرب، تقوم على مشاركة الجميع في حوار، برعاية الأمم المتحدة، دون شروط مسبوقة، إضافة إلى إشراف المنظمة الدولية على المنافذ والإيرادات، بما يضمن دفع رواتب موظفي الدولة المتوقفة منذ أشهر. لكن الحوثيون أعلنوا رفضهم لهذه المبادرة، واتهموا حزب المؤتمر بتبنيها، وأنها "مبادرة استسلام وليست مبادرة سلام". ما يسمى بـ"المجلس السياسي" للحوثيين أعلن أن أي مبادرات "لا ينبغي أن تأتي بشكل منفرد، بل جمعي"، وأن "تبني الصفقات المشبوهة يهدف إلى إثارة البلبلة"، مضيفا أن مبادرة مجلس النواب لم يتم التوافق عليها، وجرى استصدارها بينما كانت في إطار النقاش. بالمقابل، أعلن حزب صالح أن المبادرة لم تكن منه، وأنه تم الاتفاق مع الحوثيين في لجنة مشتركة أعدت وثيقة المبادرة، وتم الإعلان عنها في مجلس النواب دون أن تطلع عليها قيادات المؤتمر. وهذه المبادرة هي أحد أبرز الخلافات الجوهرية بين الطرفين، حيث يشعر الحوثيون أن رغبة المؤتمر في بدء حوار ورائها أطراف خارجية في دول التحالف العربي. ** التمثيل المنفرد خلال مشاورات السلام، المتوقفة حاليا، رتبت الأمم المتحدة هذه المشاورات على أساس وجود طرفين، الأول يمثل الحكومة الشرعية للرئيس عبد ربه منصور هادي، والثاني "الطرف المنقلب على السلطة"، وتمثله جماعة الحوثي وحزب المؤتمر مناصفة، لكن الحوثيين كانوا هم صاحب الكلمة الفصل في المشاورات. ومثل توجه وفد الحوثي التفاوضي بشكل منفرد في اتفاق "ظهران الجنوب" مع السعودية، مارس/ آذار 2016، ومن ثم اتفاق مسقط، منتصف نوفمبر/ تشرين من ذلك العام، بحضور وزير الخارجية الأمريكي حينها، جون كيري، أحد أبرز الخلافات، التي ظلت عالقة في أذهان أنصار قيادات المؤتمر ووسائل الإعلام التابعة لهم، معتبرين الأمر "خيانة". المجلس السياسي للحوثيين أعلن أن اتفاق مسقط كان باتفاق الطرفين (الجماعة والحزب)، ولم يكن خيانة لأحد، فيما أقر الحوثيين بذهابهم منفردين إلى السعودية، وقالوا إن ما حدث في منطقة "ظهران الجنوب" لم يكن اتفاقا سياسيا، بل محادثات لتثبيت التهدئة في 7 محافظات يمنية، وإن اللجان المنبثقة عنه كانت مناصفة بين الجماعة والحزب. ** التجنيد الرسمي رفض حزب المؤتمر مطالب الحوثيين بالتجنيد الرسمي للمليشيا "غير القانونية" أو من يسمون بـ"اللجان الشعبية"، وقال إن هناك آلافا من عناصر القوات المسلحة والقوات الأمنية في منازلهم ولديهم رواتبهم وأسلحتهم ومستعدون للذهاب إلى الجبهات. وقالت مصادر للأناضول إن "الحوثيين يطالبون بالتجنيد الرسمي، لتوفير بديل للضباط والقوات المسلحة التي رفضت المشاركة في القتال، لكن حزب صالح رفض ذلك، ربما لكون أغلب الوحدات العسكرية في الحرس الجمهوري موالية له، كما أنه أرجع عدم جدوي فكرة التجنيد الرسمي إلى عدم وجود رواتب حتى للعسكريين الحاليين". ** الكتاب المدرسي يقف حزب المؤتمر ضد سعي جماعة الحوثي لتغيير المنهج الدراسي في المدارس الحكومية، رغم أنهم أجروا، العام الماضي، تعديلات طفيفة في بعض مناهج الصفوف الدراسية الأولى، بإدخال مواد قالت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) إنها "تحمل أفكارا طائفية". وأعلن حزب المؤتمر أن تعديلا للمناهج (من قبل الحوثيين) يجري على قدم وساق، محذرا، على لسان أمينه العام، من أن "تعديل المناهج قضية وطنية كبرى ستثير فتنة". على الجانب الآخر، قال المجلس السياسي للحوثيين، في بيان أمس الأول الثلاثاء، إن تغيير المناهج "مسؤولية الجميع لوقف الغزو الوهابي التكفيري"، وإن "السعودية غرست الفكر الوهابي في المناهج". وأضاف الحوثيون أنهم "لم يسمعو صوتا واحدا ضد التوجه السعودي"، في إشارة إلى اتهامات لحزب صالح (حين كان في الحكم بين عامي 1978 و2012) بـ"التواطؤ في تغيير المناهج سابقا لخدمة الوهابية". الحوثيون أدخلوا، وفق مصادر في العملية التعليمية، تعديلات تحمل "أفكارا شيعية وطائفية" في مناهج الصفوف الأولى، وخصوصا في الرسومات التي تعلم الطلاب كيفية أداء الصلاة، حيث يظهر المصلي وهو يمد يديه إلى الأسفل وقت قراءة الفاتحة ولا يضمها، كما تتم تأدية الصلاة عند الشيعة. ** الحركة القضائية يرفض حزب المؤتمر إجراء حركة قضائية (تعيينات وتنقلات) في عموم المحاكم والنيابات، ويقول إن إجراء تلك التعيينات في المحافظات الخاضعة لسيطرتهم دون المحافظات الجنوبية، الخاضعة لسيطرة الحكومية الشرعية، سيكون اعترافا بانفصال شمال اليمن عن جنوبه، ويطالب بالاستمرار بالطاقم الحالي، كما يرفض قرار ما تسمى بـ"اللجنة الثورية الحوثية" تعيين "نائب عام" للبلاد، ولا يعترف بقراراته. على الجانب الآخر، يتمسك الحوثيون بقوة بمسألة الحركة القضائية، لتعيين قضاة موالون لهم، معتبرين أن ذلك "أمر لا بد منه لمحاسبة الخونة الذين انضموا للعدوان (يقصدون التحالف العربي)". وظهر رئيس المجلس السياسي الأعلى، صالح الصماد، أمس الأول الثلاثاء، في اجتماع مع مجلس القضاء الأعلى، لمناقشة السير في الحركة القضائية، في خطوة تحد، على ما يبدو، لحزب المؤتمر الرافض لها. الحوثيون، وعبر الإمساك بالقضاء بطريقة قانونية، يسعون، وفق مصادر، إلى "إصدار قانون طوارئ، وتجميد العمل بالأحزاب، بما فيها حزب المؤتمر، وإجراء محاكمات عاجلة للمتهمين بمساندة الحكومة الشرعية والتحالف". ** اللجان والإعلام بعد تشكيل "المجلس السياسي الأعلى" مناصفة، في يوليو/ تموز 2016، وتشكيل حكومة مشتركة، طالب حزب المؤتمر من الحوثيين إلغاء ما تسمى بـ"اللجنة الثورية العليا"، التي كانت تحكم صنعاء، والمشرفين الذي عينتهم في الوزارات ومؤسسات الدولة لإدارتها بعد اجتياحهم صنعاء، لكن الحوثيون يماطلون في ذلك. ووفقا لأمين عام حزب المؤتمر، فإن اللجان الثورية ما زالت تحكم، وتمثل حكومة فوق الحكومة، لافتا إلى أن وزراء موالين للمؤتمر تم منعهم من دخول مقرات أعمالهم من قبل المشرفين الحوثيين. كما يشكو حزب المؤتمر الشعبي من سيطرة مطلقة للحوثيين على الإعلام الرسمي، وبث كلمات عبد الملك الحوثي، بشكل كامل، والتغاضي التام عن كلمات صالح. عامة، ورغم نفي قيادات في حزب صالح، يتهم حوثيون صالح بالتواصل مع التحالف العربي من خلف جماعة الحوثي، والترتيب لاتفاق معهم، مقابل "انقلاب" على الحوثيين، ربما يبدأ بمحاولة السيطرة على صنعاء. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :